شريط الأخبار

تقي الدين القرارعة كفيف يتفوق في الثانوية العامة بمعدل 97.7 ويخطو نحو مستقبله بثقة

تقي الدين القرارعة كفيف يتفوق في الثانوية العامة بمعدل 97.7 ويخطو نحو مستقبله بثقة
كرمالكم :  

كف البصر لم يكن يوما عائقا أمام الطالب تقي الدين القرارعة، بل كان حافزا يضيء طريقه نحو التميز والنجاح، هو ورغم كل الظروف الصعبة التي توالت على الوطن بدءا من إضراب المعلمين وانتهاء بجائحة “كورونا”، استطاع أن يكون على قدر التحدي ويحصل على معدل 97.7.
تقي رأى أن يخلق من كل الصعاب التي مر بها حكاية أمل يخط حروفها بإصرار قادر على رسم مستقبله وتذليل كل العقبات وتطويعها لمصلحته. هو راهن على طموحاته وأحلامه واتكأ على شغفه في تحقيق ذاته، وأن يكون كما يريد شخصا واثقا جديرا بنجاحاته التي قرر أن يخطو إليها بعزيمة لا تعرف الكلل أو الملل.
يقول إن حصوله على معدل عال في الثانوية العامة لم يأت بمحض الصدفة بل جاء نتاج مثابرة واجتهاد وسهر ورغبة في إثبات أن الأشخاص من ذوي الإعاقة قادرون على صنع مستقبلهم وتلوينه بألوان تنطق بالحياة. مشيرا إلى أن الأوضاع الصعبة والمقلقة التي ألمت بالوطن والعالم ككل أرغمته على أن يخفض من سقف توقعاته ويضع نصب عينيه معدلا أقل، لكن ذلك لا يعني أبدا أن حماسه خفت أو أنه سمح للإحباط بأن يتسلل إلى داخله.
تقي وجد أن عليه أن يبرهن على إمكاناته ويعتلي أعلى القمة شامخا مفتخرا بما حققه فاستحق ذلك التميز بجدارة. هو آمن أن العلم سلاح في وجه الجهل والنظرة النمطية، فما كان منه إلا أن يمضي نحو هدفه باحثا عن حياة أكثر أمانا وتقبلا.
وعن الخطة التي اتبعها في الدراسة، يقول “إن التركيز أساس النجاح”، لذا وجد أن قاعدة “الأربعين عشرين” طريقة فعالة وممتعة؛ إذ يخصص 40 دقيقة للدراسة وتليها 20 دقيقة للراحة، فقد منحته الراحة الكافية، كما عززت لديه الشعور بالالتزام وجعلته أكثر صبرا وإحساسا بالمسؤولية.
ويضيف أنه كان يحرص دائما على متابعة كل صغيرة وكبيرة يسأل ويستفسر باستمرار، محاولا بذلك الابتعاد عن مراكمة الدروس أو تأجيلها.
يقول إن مشكلات كثيرة واجهتهم كطلبة منذ بداية العام؛ أولاها إضراب المعلمين ثم إضراب السائقين وسلسلة المنخفضات الجوية وآخرها جائحة كورونا التي حالت بين الطلبة ومدارسهم وحرمتهم من الالتحاق بصفوفهم بشكل نظامي.
تقي يبين أن تغلبهم على تلك المرحلة واجتيازهم لها كان بفضل الله أولا، ومن ثم وقوف معلميهم إلى جانبهم والدور الكبير والجبار الذي بذلوه، فقد كانوا دائمي التواصل معهم لدعمهم وطمأنتهم والتخفيف عنهم وتزويدهم بكل الشروحات التي يحتاجونها. موضحا أن قرار فرض سياسة التعليم عن بعد بسبب جائحة كورونا لم يخدمهم أبدا كأشخاص من ذوي الإعاقة بشكل عام ومكفوفين بشكل خاص بل كان أمرا في غاية الصعوبة واجه الكثير من العراقيل.
لكن، من جهة أخرى، يرى تقي أن عدم ذهابهم إلى المدرسة أوجد لديهم وقتا إضافيا تمكنوا من استغلاله ومضاعفة جهودهم أكثر. معتبرا أن الرابح هو من استطاع أن يطوع الظرف لصالحه ويحوله إلى عامل نجاح وليس عامل فشل.
ويقول “لا أنسى دعم عائلتي لي ومساندتهم لحلمي الذي بات واقعا، وخصوصا والده ووالدته ومتابعتهما له ومساعدته على قراءة الملخصات المكتوبة بالخط العادي، بالإضافة إلى اعتماده على نفسه واستعانته بالتسجيلات الصوتية وكتب برايل.
ويتابع أن ضغوطات كبيرة تلك التي لازمته طيلة تلك الفترة وتحديدا عندما فوجئ هو وغيره من الطلبة بقرار تغيير نمط الأسئلة، واعتماد نظام الدوائر في الامتحانات، وكان ذلك قبل بدء الامتحانات بأسبوعين تقريبا، الأمر الذي اضطره إلى إعادة درساته وتناول المواد بشكل تفصيلي، والوقوف عند أصغر الأمور وأبسطها.
الحلم نحو مستقبله الذي يريده زاخرا بالإنجازات ما يزال في أوله، كما يقول تقي، هو ولأنه شخص طموح يأبى أن يقيد إمكاناته ويحجمها. شغفه بتطوير ذاته وتفاؤله بأن الغد يحمل له بين ذراعيه فرصة اختيار حياة على قدر تطلعاته هذا كله يدفعه إلى دراسة الأدب الإنجليزي وعدم الاكتفاء به كتخصص بل يجد أن الإنسان يجب أن يرضي ذلك الإحساس الذي يحرضه على الركض واللحاق بكل ما من شأنه أن يجعله أفضل ويصقل إمكاناته وخبراته.

 

مواضيع قد تهمك