شريط الأخبار

غلق الشوارع باسم العشائر والوطنية

غلق الشوارع باسم العشائر والوطنية
كرمالكم :  
د.مهند مبيضين
استغرقت معي الطريق ليل يوم 26 أيار الجاري من الكرك لمدخل شارع وادي عبدون ساعة وربع، ومن تلك المنطقة للجامعة الاردنية، ساعتين ونصف، بسبب احتفال ابناء القبائل بعيد الاستقلال، لأنهم يرون أن الاحتفال يتم بغلق الشوارع بمواكبهم، وذلك أمام ومشاهدة دوريات الأمن العام للأسف.
في منتصف الطريق من وادي عبدون باتجاه البلد، قام شاب متهور بضرب سيارتي من الخلف من جهة اليسار، وهو يركب سيارة متورمة مثله، حاولت النزول والحديث معه، لكنه هرب.
العشائر التي كانت ترفع اسماءها على السيارات وهي تهنئ بعيد الاستقلال، بالتأكيد لا يمثلها ذلك النوع من المستهترين بحياة الناس، أو الذين يغقلون الطريق، رغبة بالاحتفاء، بشكل خارج على القانون، وكل ما أستغربه هو عدم ممارسة الأمن العام لدوره وتنظيم الاحتفال بجزء من الشارع وعدم السماح لأي كان بغلق الطريق فليس بالضرروة في الاحتفالات أن تغلق الطرق بمواكب خارجة على القانون.
للأسف يرى البعض بل الكثير من هؤلاء أن البلد لهم والوطن والتراب لهم وكل شيء لهم، وأن عليهم مؤامرة، وهم يتوعدون خصومهم ولا أعرف من هم، وذلك ما نراه اليوم في حوادت الحميّة والهبّة لنصرة هذا او ذاك، وشاهدنا مع الربيع العربي وحتى اليوم الكثير من تلك المشاهد التي جاءت نصرة لمن تعرضوا لمحاكمات فساد او انتهت خدماتهم بالدولة.
لكن السؤال ما الذي يدفع الناس للاحتجاج أو الاحتفاء بالصورة التي نراها؟ هناك فراغ سياسي واضح، لم تملأه العملية الانتخابية، التي يشعر الناس بأنها لا تمثلهم، وهناك شعور بعدم الجدية بمحاربة الفساد والمفسدين، وعدم تحميل المسؤولين عن الاخفاقات بالملفات اليومية في حياتنا اليومية أدنى مسؤولية.
صحيح أن غياب العملية السياسية الواضحة، يخلق زعماء من السهل لهم ان يقودوا الناس، هؤلاء الناس يرون أن أفضل تمثيل لهم بالمحاصصة، التي يرى د مصطفى الحمارنه أننا غرقنا في مربعها، ويزيدنا بالتحذير من خطر الهويات الفرعية.
وكلامه صحيح، وهو سبق وأن نبه في كتاب له عن صدام الدولة مع مكوناتها التقليدية، لكن المنصتين قلة لرأي أهل العلم، وسبق لنا أن شددنا في مقال لنا عام 2016 عن الانفجار الاجتماعي المقبل بسبب زيادة الاخفاقات التنموية وتعطل المتعلمين. فثمة غضب ينمو، والغضب كبير في البيئات الريفية، إذ تتكدس البطالة في الإناث الجامعيات، ويرافق ذلك أزمة عنوسة، وغياب في التأثير لقيادات المجمتع، واضعاف للصوت الوطني المحترم، بفعل تزوير الانتخابات، وصناعة وجهاء «ديلفري» في مرحلة 2006 -2010 ثم جاءت الاخفاقات المتتالية في البلديات واللامركزية لتؤثث حياتنا بالضعف في النسيج الاجتماعي الذي يتبدى اليوم في العنف الاجتماعي.
لقد قتلوا كل شيء، وبرأي الشارع، باعوا كل شي، وهو قول ينبغي دحضه، وافهام الناس بما جرى حقيقة، لكن حتى الحكومات لا تملك الخطاب المقنع والموجه ولا البدائل، والآن السؤال عن الغضب وأسبابه التي لا يمكن حجب الاجابة عنها، وهي موجودة في الطريق الذي يغلق، وفي الموظف العام الذي لا يداوم وهم كثر، وفي تراجع التعليم وتراجع أداء مؤسسات التعليم العام، وتورط قيادات فيها بقضايا فساد ومحباة ورشوة.
نعم هناك قوة تقودنا للخلف، جزء منها نحن، وجزء منها الحكومات واخفاقاتها التي تمنح الشارع الأسباب الكافية للغضب، ولكن حين يجمتع ضعف مؤسسة التمثيل الشعبي -البرلمان- مع ضعف الحكومات، مع غياب العُقال من الوجهاء، فإن نذر الخطر كبيرة.
الدستور
 

مواضيع قد تهمك