تردد وعلى مدى اسبوعين الحديث عن خفض سن الترشح للانتخابات ليصل إلى 25 عاما، الأمر الذي رسم ابتسامة خضراء او صفراء على وجهي لا أدري لونها، فأنا لم أنظر الى المرآة! غير اني شعرت بألم في معدتي.

والسبب أنه رغم دراستي للعلوم الشرعية ثم السياسية، وحصولي على درجة الماجستير في العلوم السياسية، ورغم انني عملت في مجال الصحافة ثم البحث العلمي إلا أنني لم أشارك في الانتخابات، سواء البلدية في عمان أم النيابية إلا في سن الـ 45، أي: في عام 2016 على ما أذكر.

المرة الأولى التي أصل فيها لصندوق اقتراع في حياتي؛ ما دفعني للاعتقاد بأنني سأترشح للانتخابات النيابية في سن الـ90 إن أطال الله في عمري مثل السبسي في تونس، ولذلك ضحكت.

خليط متناقض من الافكار والمفارقات، فرغم قناعتي بعبثية المقاطعة، ودفاعي المتواصل عن المشاركة السياسية في الانتخابات مهما كانت نوعية القانون ومستوى تخلفه، إلا أن مشاركتي جاءت متأخرة جدا ومغايرة لدعواتي إلى المشاركة خصوصا في السنوات العشر الاخيرة.

فقانون الانتخابات عبارة عن وصفة للتخلف والرجعية وفقًا لقناعات كاتب المقال؛ فهو يعزز الانقسام والجهوية ويكرس الهويات الفرعية ومفاهيم دولة الريع لا دولة الإنتاج.

قانون دافع عنه أصحابه باعتباره يعكس التوازنات الاجتماعية، علمًا بأن نسبة المشاركة في الانتخابات لم تكن تتجاوز في المدن والأرياف والبادية أكثر من 30%، فهناك ما يقارب الـ 70 الى 65% من المواطنين يعزفون عن الوصول الى صناديق الاقتراع، وهو ما كشفته الدورات الانتخابية الأخيرة: فأين التوازنات الاجتماعية التي يعبر عنها القانون وهي تحظى باهتمام 30% من المجتمع فقط؟!!

قانون الانتخابات فاعل اساسي في اعادة ثقة الجمهور بالعملية الانتخابية، ولا يقل اهمية عن النزاهة والشفافية المتعلقة بإجراء الانتخابات؛ فمكافحة المال السياسي والفساد الانتخابي لا يتم إلا من خلال قانون انتخاب يدفع نحو حياة سياسية برامجية، ويوسع المشاركة، والتفاعل الاجتماعي، ويعزز الهوية الجامعة لا الهويات الفرعية، وإلا فإن المفارقات والتناقضات ستلاحقنا في كل مكان وكل مجلس ومنتدى، فأساس الاصلاح هو قانون الانتخاب ولبه ايضا.

إنه كلمة السر في الاصلاح السياسي الذي يبحث الجميع عن وسيلة للهروب منه حتى لو ادى ذلك الى خفض سن الترشح الى 15 سنة والله أعلم! ليرتفع معه سن المشاركة في الانتخاب الى 55 سنة، ولله في خلقه شؤون.

السبيل