شريط الأخبار

مدرسة الروابي .. ليت المحبة انتصرت!

مدرسة الروابي .. ليت المحبة انتصرت!
كرمالكم :  
الاب رفعت بدر
لم نعد نستطيع الحكم على عمل روائي أو درامي بأنه جيد كلية أو سيء كلية. فالنقد السينمائي أو الدرامي يتشكل بأخذ الأمور بمجملها وليس بناءً على رأي أحد الأشخاص أو جهة ما دون غيرها. من هنا أنظر إلى مسلسل "مدرسة الروابي للبنات" المعروض حالياً على واحدة من أكبر المنصات العالمية "نتلفيكس" Netflix التي يتجاوز مشتركوها 209 مليون شخصا. وعليه، أسمح لنفسي بإبداء الرأي عبر النقاط التالية:
أولا، هو جيل جديد يقدم أسلوباً جديداً بإخراج متطوّر وتصوير مهني وسيناريو مختلف عما اعتدنا عليه. فقد شهدت الساحة الأردنية الفنية والثقافية عدداً من المشاريع والمحاولات والأنماط التي تميّزنا بها، وبالأخص المسلسلات الريفية والبدوية التي عرضت على قنوات عربية متعددة. هنالك جيل من الممثلين والممثلات والفنانين الذين أبدعوا وأصبحوا نجوماً ورموزاً فنية لها كل الاحترام. ولكن عليهم الآن - وعلينا معهم- أن نعترف ببروز طبعة جديدة من الفنانين والفنانات الشباب الذين يلجأون إلى منصات عالمية واسعة الانتشار، لعرض ما تحمله الأعمال الجديد، وان كانت مختلفة قلبا وقالبا عن الأعمال السابقة.
ثانيا، تتحدث القيم الموجودة في ست حلقات المسلسل، مع الأسف، عن فئة معينة من الدارسين والطلبة الذين يتمتعون بالجلوس على مقاعد في مدارس حديثة، ويستطيع أهاليهم أن يدفعوا الأقساط العالية، ولكن الغائب الأكبر في هذه المدارس هي فضيلة وقيمة المحبة. فالتنمر لاغٍ لها، وهو ليس من الطالبات تجاه بعضهنّ بعضاً فحسب، بل هو كذلك وبشكل اشد، من فلان – والد الطالبة المتنمرة - على المديرة التي لا حول لها ولا قوة، ولا تستطيع الصمود أمام نفوذ والد الطالبة، في سبيل – على حد قولها – الحفاظ على المدرسة. أما الغائب الثاني فهو التعليم، فالتركيز على مشاغبات الطالبات المتسربات خارج باص المدرسة، أو تهريب أصحاب الطالبات الى الداخل، هو إشارة إلى انهيار المنظومة التعليمية والتربوية، وهو أمر مبالغ به، حتى وإن كان موجوداً في بعض مظاهره، لكن لا يكون التعميم بهذه الصورة.
ثالثا، إن المسلسل مصوّر في الأردن، ويعرض بانوراما من الصور الجميلة من الأردن، وبالأخص في عمّان ليلاً، أو في البحر الميت، ولكن كم وددت أن أرى قيمنا الأردنية التاريخية الاصيلة، وبالأخص قيمة تماسك العائلة ودورها الإيجابي في حياة الشباب والشابات، لكنّ العائلة مفككة والحوار الإيجابي غير متوفر. وهنالك انطلاقة وثابة من الطالبات للدفاع عن حرية التعبير، وهذا يحتاج طبعا الى تربوية نوعية لمعرفة حدود حرية التعبير ، ولكن العائلة في المسلسل غير مساندة للأمل والرجاء والحوار السليم، والمدرسة غير قادرة على النظر بمساواة مع الطلاب والطالبات، وغير قادرة بالتالي على تحقيق العدالة.
رابعا، الإخراج جيد والتصوير ممتاز، لكن السيناريو في بعض الأحيان ضعيف والموسيقى المستخدمة غير كافية، ومجملها بعيد عن واقعنا العربي، ولكنه يقول بأنّ جيلاً جديداً قادم على الساحة الفنية، ولعلّ في الابقاء على بعض الرموز الفنية التقليدية جسرا من الحوار والتعاون البناء بين الجيلين.
خامسا ، اننا كما يقول الراحل محمود درويش، نعيش في "قرية لم تغب ملامحها كلية، ومدينة لم تكتمل ملامحها بعد"، ولعل المسلسل يلعب في هذه المرحلة التي تظن فيها الاجيال الناشئة انّ الحياة الغربية وتقليدها بقيمها ولغتها هي مفتاح الدخول الى الحياة الآمنة المطمئنة، لكن ما حدث في الحلقة الاخيرة يبيّن أنّ العصبيّة بأشكالها المغلقة، ما زالت تسيطر على انفعالات الناس، وتؤدي بهم الى قتل بني بيتهم. وكنت أتمنى ان تكون النهاية على غير شكل، كأن تقتنع الطالبة مريم بقيمة المسامحة، والا يلجأ الشقيق الى قتل شقيقته، فيتركنا بمزيج من التأثر والغضب على كل من تسبب بأن تكون نهاية المسلسل دامية . أجل ، كنت أتمنى أن تنتصر المحبّة !

مواضيع قد تهمك