شريط الأخبار

لماذا يكرهون الإعلام؟!

لماذا يكرهون الإعلام؟!
كرمالكم :  
محمد محيسن
صدقوني بمحض الصدفة التقيت وعدد من الزملاء الصحافيين أحدَ النقابيين المخضرمين.
الغريب في هذا اللقاء أنني ولأول مرة أدركت حجم الاستياء والخوف الرسمي وغير الرسمي -قد يكون النقابي أو الحزبي- من الإعلام على اعتبار أنه لا ينقل إلا السلبيات، ويتجاهل الايجابيات والانجازات الوطنية، بالإضافة إلى ما اسماه النقابي "الإعلام المأجور" وفق تجربة شخصية قدرها النقابي ببضع مئات من الدنانير.
لن أدخل في التفاصيل فالأمر قد يمس أحد الزملاء الذين انتقلوا إلى رحمة الله، ولكني بذلت الكثير من الجهد لمحاولة فهم لماذا يكره الرسمي او من هم في موقع المسؤولية سواء من الحكومة أم المعارضة أم المتواجدين في القطاعات الخدمية الإعلامَ، رغم الاتهامات الشعبية التي نسمعها نحن الإعلاميين وعلى نطاق واسع وبشكل يومي ومتكرر بأن معظم -إن لم تكن كل- وسائل الإعلام مجرد أبواق للحكومة؟!!
بل تمادى الكثير من رواد الـ"سوشل ميديا" على الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع، واصفين إياه بـ"الأبواق المأجورة" تارة، وبـ"التافهة" تارة أخرى، وبـ"غير المهنية" أو "غير الجاد" في تارات كثيرة، فيما وصلت حدة الأمر الى التشفي بالإعلام والإعلاميين بعد الانهيار الاقتصادي الكبير الذي تعرضت له بعض المؤسسات، والضائقة المادية التي تعاني منها البقية.
القضية إذن وفق الكثير من المسؤولين والنقابيين والحزبين في نظرتهم للإعلاميين لا تعدو كونها أدوات انتهى مفعولها بعد أن تقلص حجم تأثيرها وفعاليتها.
ذلك الانسجام الغريب ما بين الرسمي والمعارض في نظرتهم الى الإعلام جعلتني أتساءل عن المكاسب المادية التي حققها الإعلاميون خلال مسيرتهم المهنية. 
بحثتُ واستعرضت بعض الأسماء، ثم زاد هذا التعمق إلى المثقفين، سواء كانوا كتابًا أم فنانين أم رسامين ممن أبدعوا في تطويع اللغة والقلم والفرشاة في أعمالهم، فلم أجد أحدًا يمتلك ثروة، بل إن أكثرهم غنًى واكتفاءً هم أولئك الذين وجدوا مكانًا لهم خارج الوطن!
وعلى ما يبدو أن هناك خلطًا لدى الكثير من السياسيين والمسؤولين، سواء في المعارضة أم حتى تلك التي تدعي الشعبوية وتسعى لها في مفهوم الإعلام. 
فالإعلام وفق ابسط التعريفات هو المرآة التي تعكس ما يدور في المجتمع بخيره وشره وحلوه ومره، إلا أن الدور الأكثر فعالية للإعلام هو بالتركيز على الثغرات لتلافيها في المستقبل، مع استخدام وسائل التأثير كي يكون الخبر مقروءًا وجذابًا.
وفي الحقيقة -وهذا القول منقول عن كبريات المدارس الإعلامية في العالم- إن قوة الإعلام من قوة المجتمع، وقبل أن تسأل عن الإعلام الحر، عليك أن تسأل عن الرأي الحر؛ «لأن الإعلام انعكاس لما يدور في المجتمع، بينما الإعلاميون محض أداة لنقل المعلومة».
السبيل

مواضيع قد تهمك