شريط الأخبار

ردع المتحرشين: لائحة جامعة نيويورك أنموذجاً

ردع المتحرشين: لائحة جامعة نيويورك أنموذجاً
كرمالكم :  
د.سامر ابو رمان
أصبحت ظاهرة التحرش ومجمل صور الاعتداء اللفظي أو الجسدي مقلقة على الصعيد العالمي، وكانت تقديرات لمنظمة الصحة العالمية قد أشارت إلى أن 150 مليون فتاة و73 مليون صبي دون سن 18 سنة قد تعرضوا لمختلف أشكال العنف الجنسي، فيما قالت تقديرات أخرى لذات المنظمة عام 2016 إن ما يصل إلى مليار طفل في المرحلة العمرية 2 ـ 17 عاما قد تعرضوا لعنف بدني أو جنسي أو وجداني أو عانوا من الإهمال!
أما على صعيد المجتمعات العربية، فإن الإحصائيات الدقيقة في هذا المجال شحيحة، إن لم تكن معدومة بالكلية، وفي ظل ثقافة مجتمعية تميل إلى التكتم على الوقائع، خاصة إذا كان الجاني، كما كشفت بعض الدراسات والحوادث، هو في الأغلب من الأقارب أو معارف الأسرة!
وقد قاد تفشي هذا السلوك في قطاعات أخرى، مثل التعليم، إلى أن تتبنى ‏المؤسسات التعليمية مثل جامعة مدينة نيويورك سياسة أكثر تشددا بشأن سوء السلوك ‏الجنسي، من خلال لائحة منقحة بشكل لم أكن أتوقع أن تكون بمثل هذا التفصيل Policy on Sexual Misconduct، تكفل التحقيق في جميع مزاعم سوء السلوك الجنسي ‏ومقاضاته والفصل فيه، وتسمح بالفحص الدقيق لجميع الحالات المبلغ عنها.‏
وقد تضمنت اللائحة التزام الجامعة بعدة أمور؛ أولها: تعريف التصرف الذي يشكل سوء سلوك جنسي محظور، وتوفير ‏إرشادات واضحة للطالبات والطلاب والموظفين والزوار حول كيفية الإبلاغ عن حوادث سوء السلوك الجنسي والالتزام بالتعامل مع أي ‏شكاوى باحترام، والرد على الفور والتحقيق في مزاعم سوء السلوك الجنسي، واتخاذ الإجراءات التأديبية عند الاقتضاء، ‏وإحالة الحادث على سلطات إنفاذ القانون المحلية عند الاقتضاء، واتخاذ الإجراءات للتحقيق ومعالجة أي مزاعم بالانتقام، ‏وتقديم المساعدة والدعم المستمر للطلاب والموظفين الذين يتقدمون بمزاعم تتعلق بسوء السلوك الجنسي، وتوفير ‏معلومات التوعية والوقاية بشأن سوء السلوك الجنسي، بما في ذلك نشر سياسة الجامعة في هذا الإطار على نطاق واسع، ‏فضلًا عن «ميثاق حقوق الطلاب» وتنفيذ برامج تدريبية وتعليمية حول سوء السلوك الجنسي لأقسام الجامعة، وجمع وتحليل ‏المعلومات والبيانات التي ستتم مراجعتها من أجل تحسين السلامة والإبلاغ والاستجابة وحل الحوادث.‏
وفي هذا الإطار تطرح قياسات الرأي العام، كأداة للتعرف على واقع الأطفال وظروفهم، كفئة ضعيفة مستهدفة، تكشف عن خفايا الحوادث المستترة، وتكشف ما وراء الكواليس، وتقيس حجم انتشار ظاهرة التحرش، ومظاهرها وصورها المختلفة، بأسلوب علمي، سعيا إلى اقتراح حلول فعالة لمواجهة الظاهرة والحد منها، وإنصاف ضحاياها!
علينا ألا نركن إلى الحلول التقليدية كتقديم الشكاوى، وألا نتوقع أو نكتفي بانتظار أن يقوم الطفل بإخبارنا بما حدث معه، بل على كل المعنيين بحماية الطفل وسلامته أن ينخرطوا في الأمر، المدرس والأب والأم جميعهم ينبغي عليهم الاهتمام بملاحظة أي تغيرات تطرأ على مظهر الطفل أو سلوكه، وسؤاله عنها!
وقديما قيل: لا حياء في العلم، وعلى ذلك ينبغي تنفيذ قياسات الرأي العام، في هذا الإطار، بمنهجية واحترافية، ودون التحرج من سؤال الولد والفتاة عن أدق التفاصيل، حول ما تعرض له، وما شهده من عبارات أو تصرفات، ومن ثم نشر هذه البيانات لتكون أداة ردع غير مباشر لمن تسول لهم أنفسهم الاعتداء على الأطفال بأي صورة كانت!
إن قياسات الرأي العام إذا ما أحسن توظيفها في مواجهة التحرش ستكون بحق صوتا ومحاميا كذلك لفئة ضعيفة مظلومة، لا صوت لها في الغالب، وستسهم إلى حد بعيد في رسم صورة أقرب ما تكون إلى الحقيقة، عن ظاهرة التحرش، بعيدا عن شطحات التهوين أو التهويل!
عن "الأنباء الكويتية" 

مواضيع قد تهمك