شريط الأخبار

شو تأمينك؟

شو تأمينك؟
كرمالكم :  
نضال الزبيدي
 أمس كنت في إحد المستشفيات الخاصة، مريضاً ،لا زائراً ، لعارض صحي ألم بي ،ذهبت الى موظف الاستقبال الذي بادرني بسؤال : شو تأمينك؟،بصراحة في البداية انزعجت من طريقته في التعامل ، إذ توقعت ان يسألني ما هي مشكلتك او مما تعاني؟
ولكني سرعان ما عدت والتمست لذلك الموظف عذراً، إذ انه مجرد اداري وهذا هو واجبه، او انه تمت "برمجته بتلك العبارة”، عموماً، قام الموظف بتوجيهي الى غرفة الطوارئ والتي اشبه ما تكون توجيهاته ببرنامج المسابقات البريطاني الشهير Crystal Maze ،والذي كان يعرض في بداية التسعينات من القرن الماضي، حيث يقوم عدد من المشتركين بالدخول إلى غرف منوعة، بشكل فيه الكثير من المتاهات، بهدف الحصول على الجوهرة ، والجوهرة هنا، هي غرفة الطوارئ،”شوف بتروح من هون دغري، بعدها بتلاقي على يمنيك غرفة الاشعة، وبعدها بتلاقي كاونتر موجود شب هناك ، بتسألو وهو ان شاء الله بوصلك”. متاهة حقيقية.
ذهبت فعلا كما الوصف، فوجدت شاباً مبتسماً، ليس لي ، انما لتلفونه الخلوي، ربما كان يتبادل الاراء الطبية مع احد زملاءه، اقول ربما. بادرته بالسؤال:اين غرفة الطوارئ، لو سمحت؟ فرد لي الجواب بإحسن من السؤال: شو تأمينك؟!أدركت لحظتها ان المريض الداخل الى المستشفيات الخاصة عبارة مجرد "بطاقة تأمين”.
بالمحصلة، جلست على السرير بعد عناء، بإنتظار الطبيب، في الاثناء كنت اسمع الاطباء والممرضين: شو عملت مع المريض بتاع "نات هيلث "، وآخر يصرخ من بعيد ” شو اعطي لمريض "جلوب ميد”؟ وثالث يا شباب الشب الي هون شو تأمينه ؟ وهكذا تحول المرضى الذي يصرخون من الالم الى مجرد نكرات لا اسماء لهم ولا مشاعر انسانية تجاهم؟!
للاسف ، لقد تحول الطب عند الكثير وليس البعض من الاطباء من مهنة انسانية الى تجارة وارقام وشركات تأمين ، واذا ما اتيحت لك الفرصة لتجالس مجموعة من الاطباء في سهرة خاصة ، ستجد أن جل حديثهم عن اسعار العقارات والسيارات ، وان الطبيب الفلاني الفهلوي استطاع ان يشتري "فيلا” في دابوق بإقل من عام ، والاخر أشترى 10 دونمات في منطقة بدر ، وثالث سافر في رحلة اوروبية صيفية كلفته 100 الف دينار!. ولا حديث عن آخر ما توصل له العلم في مجالهم، فهذا شأن لا يعنيهم.
وارجو ان لا يتبادر لذهنك عزيزي القارئ انني احسد هؤلاء الفئة من الناس ارزاقهم ، حاشا وكلا ، ولكني ضد الجشع والاستغلال البشع لعذابات الناس ومعاناتهم ، خاصة الفئة غير المقتدرة.
قبل عدة شهور ، حضرت بصفتي الصحفية لقاءاً في نقابة الاطباء ، تبادل فيه الاطباء وشركات التأمين الاتهامات، الاطباء يقولون ان شركات التأمين تقوم بخصم نسبة مئوية تصل الى 30 بالمئة من مطالبات المستشفيات والاطباء المالية، فيما ترد شركات التأمين ان الاطباء يبالغون جدا في فواتيرهم ، وان التأمين الطبي لدى تلك الشركات يشكل عبئاً مالياً عليهم واحياناً يسبب لهم الخسائر. المفارقة ،ان كلا الطرفين يحققان ارباحاً ممتازة. فمن نصدق؟!
وكنت قد سألت سؤالاً في تلك الجلسة لم أسمع جواباً له حتى الآن: الاطباء يعدون من الفئات الاكثر دخلا في الاردن ، ولا حسد وهذا نتيجة لاجتهادهم وتعبهم، ولكن هل يؤدون ما عليهم من ضريبة دخل؟!
أحد المطلعين ، اخبرني ان جل الاطباء لا يعطون المرضى فواتير لقاء معالجاتهم، فكيف لضريبة الدخل ان تطالبهم؟! اللهم، بإستثناء الاموال التي هم يمنون عليها بها نهاية العام.
خرجت من المستشفى بعد ساعات،بكثير من الآلام وقليل من الارتياح .
*جوردن ديلي

مواضيع قد تهمك