شريط الأخبار

الصحة في خارطة طريق تحديث القطاع العام

الصحة في خارطة طريق تحديث القطاع العام
كرمالكم :  
د. محمد رسول الطراونة
هل تاهت الصحة في دهاليز خارطة طريق تحديث القطاع العام؟ ام انها أصلحت كل شؤونها الادارية وأطبقت حوكمتها؟ اسئلة كثيرة برزت بعد الاعلان عن خارطة الطريق، حيث اكتمل ثالوث الاصلاح الذي أمر به جلالة الملك عبدالله الثاني بدءا من الاصلاح السياسي مرورا بخطة التحديث الاقتصادي وانتهاء بخارطة طريق تحديث القطاع العام.
لست ممن يشرب من بئر ويرمي فيها حجرا، لذلك عندما اكتب عن الصحة فذلك من باب الغيرة والحرص على الارتقاء بخدماتها الى ما هو أجود وافضل، فلقد قضيت فيها حوالي الثلاثين عاما، بدأت السلم من اولى درجاته كطبيب امتياز وصعدت الدرجات وصولا الى الدرجة العليا قبل الاخيرة من السلم والتي مكثت فيها اربع سنوات حيث اتيحت لي فرصة مشاركة الرأي مع اصحاب المعالي ممن حالفهم حظ الجلوس على درجة السلم الاخيرة، فمنهم من اجتهد وأصاب قليلا ومنهم من لم يجتهد البته، ومنهم من حاول قيادة التغيير ولم يفلح في احداث اي تغيير يذكر لان معدل سرعة?تغيير الوزير خلال العقدين الاخيرين كانت عالية جدا أي في المتوسط معدل بقاء الوزير في منصبه لم يتجاوز الستة شهور، اذ تقلب على كرسي الوزارة حوالي 15 وزيرا، منهم من فتح ملف الحوكمة وغادر قبل أن يغلقه ومنهم من تدعثر بملف اللامركزية ومنهم عبث بملف الادارة الذاتية لمستشفيات وزارة الصحة واستهوته تجربة مستشفى الامير حمزة وغادر قبل أن يدلي بدلوه لا بل أمضى فترة وزرنته موضحا ان الامر في حمزة ليس خصخصة بل نظام خاص، ومنهم حتى من أمر بتجميد المجلس الصحي العالي وهو القرار الذي استعصى على الكثير من الوزراء لان فكرة استحدا? المجلس الصحي العالي تحت مسمى المجلس الاستشاري كانت من بنات افكار الشهيد وصفي التل.
في ذات السياق اتفق مع ما قاله معالي الوزير الحالي الصديق الصدوق قبل » الوزرنه » واثناء الترحال والسفر الى دبي وحديثه الشيق عن مكافحة التدخين والزميل العزيز بعد » الوزرنه » الدكتور فراس ابن ابراهيم الهواري (ابن كما ينطقها الكركية من باب التحبب)، الرجل قال امام جلالة الملك » مشكلة وزارة الصحة ليست مالية ولكنها ادارية » وعليه كنت اتوقع ان تشمل خارطة الطريق مبادرات اصلاح اداري حقيقي في وزارة الصحة، قلبت الخارطة يمين شمال لم اجد فيها الا النية لاجراء تقييم نموذج مستشفى الامير حمزة واجراء التحسينات اللازمة على ا?نموذج وتطبيقه على بقية المستشفيات وتطوير ادارة المستشفيات في الوزارة هذا أولها، اما ثانيها دراسة تحويل المجلس الصحي العالي الى هيئة رقابية لقطاع الصحة في القطاعين العام الخاص وثالثها نقل مهام دور الرعاية للاشخاص من ذوي الاعاقات الشديدة وكبار السن من وزارة التنمية الاجتماعية الى وزارة الصحة.
سابدأ بتجربة مستشفى الامير حمزه الذي مضى على استحداث نظامه الخاصة حوالي العقد والنصف (منذ عام 2008) منوها لم لا يعرف او نسي انه تم تقييم التجربة من قبل الوكالة الاميركية للانماء الدولي USAID عام 2018 وقد زودني صديقي انذاك جيرالد ايفان بنسخة من تقرير شامل تحت عنوان » استعراض استقلالية المستشفيات/ تجربة مستشفى الأمير حمزة، التقرير وقع في أربعين صفحة دسمة، واستوقفني فيه التوصيات التي أدرجها خبراء التقييم والتي خلصت الى انه في مجال الحوكمة هناك ضرورة ملحة لتوسيع عضوية مجلس الإدارة لتشمل أعضاء من المجتمع ومن ال?كونات الأخرى وليس فقط من وزارة الصحة بحيث يصبح مجلس الادارة أكثر توازنا يمثل فيه المجتمع والمكونات الأخرى ذات الصلة وأصحاب المصلحة ليكون المجلس أكثر تمثيلا واستجابة لاحتياجات مجتمعه،اما في الشأن المالي والمشتريات ضرورة زيادة السقوف المالية للمشتريات المحلية المصرح بها من قبل مستشفى الامير حمزة (هذا ما طالب به جميع مديرو المستشفى) والذي من شأنه أن يمنح إدارة المستشفى مرونة أكبر للاستجابة لأي حالات عاجلة لرعاية المرضى، ويؤدي الى تقليل الوقت اللازم للحصول على المستلزمات الضرورية لتوفير رعاية جيدة للمرضى، وكذل? زيادة المخصصات المالية لإدارة المستشفى (موازنة المستشفى) بما يتناسب مع حجم ايرادات المستشفى وان يتم استخدام الفائض المالي الذي يحققه المستشفى من إيرادات للاستثمار في تطوير وتعزيز البنية التحتية المادية للمستشفى واستثماره في موارده البشرية ويوصي التقرير كذلك الى تزويد إدارة المستشفى ومجلس الإدارة بصلاحيات تقديم حوافز لزيادة الاحتفاظ بالكوادر الفنية وتوفير الحافز لتحسين أداء موظفي المستشفى وضرورة زيادة المخصصات المالية لتنمية الموارد البشرية والتدريب لضمان مواكبة المهارات الفنية للموظفين للتطورات في المعرفة?الطبية الحالية ولعل من التوصيات المهمة نحو تعزيز استقلالية المستشفى أن يكون جميع الموظفين في مستشفى حمزة موظفين على كادر المستشفى وليس مزيجا من موظفي وزارة الصحة المنتدبين وموظفي المستشفى المعينين مباشرة، إن السماح بنقل موظفي وزارة الصحة المنتدبين دون استشارة وموافقة الادارة يضر باستمرارية وجودة رعاية المرضى.
ما دامت التجربة قد تم تقيمها وبان الخيط الابيض من الاسود، مالذي يمنع الحاق مستشفيات الوزارة التي تزيد عدد اسرتها عن 450 سريرا بركب نظام مستشفى الامير حمزة بعد اجراء التعديلات التي تضمنتها التوصيات وتشريع ما يلزم تشريعه، فمستشفيات البشير و الزرقاء الحكومي و الحسين السلط هي الاكثر تأهيلا للاستقلال الذاتي والعمل بمفهوم الادارة الذاتية.
خلاصة القول، الادارة الذاتية لمستشفيات وزارة الصحة قد تكون مخرجا من مأزق، وللحديث بقية.
أمين عام المجلس الصحي العالي السابق

مواضيع قد تهمك