شريط الأخبار

خطوات الضمان تلازمها العيوب

خطوات الضمان تلازمها العيوب
كرمالكم :  
محمود الخطاطبة
يبدو أنه مكتوب، وأصبح أمرًا واقعًا، على المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، عندما تُقدم على اتخاذ قرار ما، أو إجراء مُعين، أن يشوبه الكثير من التقصير، أو بمعنى ثان ألا يكون مُكتمل الأركان، أو فيه هضم للحقوق، أو إنقاص للعدالة، وإن كان الظاهر لمثل ذلك القرار أو الإجراء، هدفه الخير للعديد من أبناء الشعب الأردني.
فلا أحد يشك بأن إقدام مؤسسة الضمان، على استحداث حساب تكافل اجتماعي لتغطية نفقات التعليم لأبناء المؤمّن عليهم والمُتقاعدين، خطوة في الاتجاه الصحيح، الهدف منها الصالح العام، لكنها حتمًا ستكون لها نتائج سلبية، يشعر معها الكثير بعدم عدالة، وإن كان الكُل يعلم بأن العدالة المُطلقة تكون عند رب العباد عز وجل.
المؤسسة، وعلى لسان ناطقها الإعلامي، شامان المجالي، تُشير إلى إجراء تعديلات مُقترحة على قانون الضمان، تقضي باقتطاع دينار واحد عن كل مؤمن عليه أو مُتقاعد، بهدف تغطية نفقات تعليم لأبناء أولئك، ونفقات أُخرى، لم يُسمها!.
المُلاحظة الأولى التي يستبنطها القارئ، هي أن «الضمان»، وللأسف، تمضي قدمًا على طريقة شيخها الأكبر، ألا وهي الحُكومة، والتي تعتمد اعتمادًا كُليًا على جيب المواطن، في الدرجة الأولى والأخيرة.. وها هي المؤسسة تمشي على نفس المنوال، وتقترح بإجراء ذلك التعديل، الأمر الذي يعني أنه سيدخل خزائنها ما يقرب من الـ47.5 ألف دينار يوميًا، بمقدار 16.8 مليون دينار سنويًا.
لا أحد يستهين في هذا المبلغ، خصوصًا إذا ما علمنا بأن الدعم السنوي الذي تُقدمه الحُكومة للجامعات الرسمية العشرة، يتراوح ما بين 40 و45 مليون دينار سنويًا، في الوقت الذي تبلغ فيه ميزانية هذه الجامعات نحو 72 مليون دينار، من ضمنها ما مقدراه 20 مليون دينار، تذهب لصندوق دعم الطالب الجامعي، والذي يشتمل على قروض ومنح.
وبحسبة بسيطة، فإن ذلك يعني أن مُشتركي ومُتقاعدي الضمان، سيدفعون وحدهم ما نسبته 84 بالمائة من حجم أموال صندوق دعم الطالب الجامعي، هذا على فرض أن تكلفته تبلغ 20 مليون دينار.. وكما أشرت في بداية هذه الأسطر أن تلك خطوة أكثر من رائعة، لكن سيكون هُناك أُناس يكتوون بنيران عدم عدالتها.
من المثالب على الإقدام على تلك الخطوة، أن البعض من مُشتركي ومُتقاعدي الضمان، ليس لديهم أبناء في الجامعات، والبعض الآخر قد يكون من الورثة، ومعلوم بأن هؤلاء يتقاضون رواتب مقدارها أقل من الحد الأدنى للأجور، وهُناك أشخاص أبناؤهم يدرسون تخصصات قيمة الساعة الدراسية فيها مُرتفعة التكاليف، بينما بعض التخصصات مُنخفضة التكاليف، ما يترك غُصة في القلب، وعدم عدالة، لنسبة ليست بسيطة من الأردنيين.
فكرة التكافل الاجتماعي، مُرحب بها لدى الكثير، فما بالك بالنسبة لتكافل اجتماعي يُغطي نفقات التعليم، الذي يُثقل كاهل الأردنيين، لكن يجب أن تكون مُكتملة الأركان، تتجاوز نسبة العدالة فيها الـ90 بالمائة، وإلا سيبقى هُناك من يستنكر ويُندد بمثل هذه الخطوة.
المُلاحظة الثانية، تتمثل بسؤال مفاده لماذا تلجأ «الضمان» لجيب المواطن، لإحقاق حق أو تنفيذ إجراء إيجابي، يُطالب بها الكثير، مع أن مواد قانونها تنص على شمول مُنتسبي المؤسسة بتأمينات إضافية، كالتأمين الصحي، الذي لم ير بعد النور، على الرغم من إقرارها في العام 1978، والتأمين ضد البطالة.
المُلاحظة الثالثة، تتمثل بعدم إفصاح الناطق الإعلامي للمؤسسة حول أن المشروع سيُتيح لمجلس إدارة الضمان، تغطية أي نفقات أخرى بهدف توفير الحماية للمُتقاعدين والمؤمن عليهم، حيث بقيت هذه العبارة مُبهمة من غير إيضاحات، وتركها للشعب ليضع علامات تعجب واستفهام، كيفما يُريد أو يشاء.
(الغد)

مواضيع قد تهمك