شريط الأخبار

معركة مخفية في قانون حماية الطفل

معركة مخفية في قانون حماية الطفل
كرمالكم :  
نبيل غيشان
بعد اتفاق الرئيسين الخصاونة والدغمي على انجاز كافة مشاريع القوانين المعروضة على الدورة الاستثنائية لمجلس النواب، يتضح إصرار الحكومة على انجاز مشروع قانون حقوق الطفل الذي تستتر خلفه معركة بين جماعة الإخوان المسلمين وذراعها السياسي حزب جبهة العمل الإسلامي من جهة والحكومة ومؤسسات المجتمع المدني من جهة أخرى.
فمشروع قانون حقوق الطفل الذي قدمته الحكومة هو استثمار في مستقبل الأردن والأجيال القادمة، وهو بريء من الاتهامات الظالمة التي كالها (الإخوان) لنصوصه وأهمها (مستورد ويتعارض مع الدين، ويشجع الطفل التمرد على والديه، يجعل علاقة الطفل مع الدولة وليس الأسرة، يدعم التبني وحرية اختيار الدين، تحديد سن الطفولة ب 18 عاما مخالف للشريعة، والطفل ناقص الأهلية ولا حقوق لديه، يشجع على الإلحاد والشذوذ وتغيير الجنس، يعترف بنسب الأطفال المولودين خارج أطار الزواج..).
من يقرأ نصوص مشروع القانون يتساءل من أين جاءت هذه الاتهامات في المشروع، هل من عاقل يفصل لنا كل تهمة بأية مادة مرتبطة وكيف جاء النص عليها؟ طبعا لن يجد لان المعركة تدور في مكان آخر وبالذات بين الحكومة و(الإخوان) على مراكز تحفيظ القرآن، حيث أطلق (الأخوان) معركة مع الحكومة من اجل ألا يخسروا مراكز التحفيظ والتي يعتبرونها منجما مثاليا يرفدهم بالمناصرين الجدد وهم في سن الطفولة حيث يسهل السيطرة عليهم وتجنيدهم في التنظيم.
والحكومة تتحاشى ان تقول إنها تستهدف مراكز تحفيظ القران التي تديرها (الجماعة) لأهداف سياسية وتنظيمية وإدارية، لان تحفيظ القران مهمة الدولة ومؤسساتها وتحت إشرافها وليس لطرف سياسي ان يقوم بهذه المهمة لأنه يستغل الأطفال ويضعهم مبكرا في قالبه السياسي قبل الديني.
إذن (الأخوان) الذين لدغوا من جحر الحكومة في جمعية المراكز الإسلامية والتي خسروها، لا يريدون أن يلدغوا مرة أخرى ويخسروا (منجمهم)، لذا أطلقوا النار عشوائيا وبجميع الاتجاهات على مشروع القانون الذي قدمته الحكومة، لا سيما وان معركتهم في الشارع باسم الدين ناجحة بامتياز ولا احد يثق بالحكومة وأقوالها وأفعالها حتى عندما تكون صادقة.
طبعا، يخطئ من يعتقد أن الأخوان المسلمين يستطيعون ان يستغنوا عن حضن الدولة الدافئ في منطقة أصبح فيها تنظيمهم مطاردا ويصنف إرهابيا، وكذلك الدولة لا (تهون عليها عشرتهم) فهم حلفاء عندما يتعلق الأمر بقوت المواطن ومصالحه المادية.
والحقيقة ان مشروع قانون حقوق الطفل الذي يلزم الحكومة بتنفيذ القوانين وحل مشاكل الأطفال وخاصة (التسرب من المدارس وعمالة الأطفال وتسولهم والأطفال داخل الأسر المفككة وتعاطي المخدرات والأيتام، ويجبر الحكومة على زيادة المساعدة الاجتماعية للطفل المعاق وفتح الشوارع والأرصفة الخاصة بهم، وتوفير الملاعب والحدائق للأطفال وتوفير مستوى معيشي لائق والحماية من الفقر ويجبر المستشفيات الخاصة على استقبال الأطفال في الحالات الخطرة ... ).
حقوق الإنسان عموما والنساء والأطفال وأصحاب الحاجات الخاصة أصبحت قضايا عامة تحكمها معايير دولية توافق عليها العالم باثنياته ودياناته ومواقعه الجغرافية مع احتفاظ اي طرف برفض او التحفظ على اي من النصوص التي ترد في المعاهدات الدولية، وسبق للأردن ان تحفظ على قضايا مثل الشذوذ وتغيير الجنس وتغيير الدين وتبني الأطفال وتوزيع الإرث وغيرها.
لكن (الأخوان) شيطنوا القانون مناكفة للحكومة وشيطنوا من يقف ضدهم ويناصر مشروع الحكومة الى حد ان أمين عام حزبهم الشيخ مراد العضايلة توعد ( بنزع الأرواح)، وبعض نوابهم اتهم من يقف مع المشروع بأقذع التهم ووضعوا مشروع القانون ومن يقف معه من حكومة ومؤسسات وأفراد في مواجهة الإسلام.
وأخيرا نقول: تعالوا الى كلمة سواء. فمشروع القانون ليس مثاليا وليس كاملا وهناك ثغرات فيه يجب ان تناقش وتصاغ بطريقة واضحة داخل اطر مجلس النواب. وإذا كانت هجمة (الأخوان) ضد القانون حفاظا على القيم والأخلاق والدين فنحن معهم لكن دلونا على ذلك في قراءة داخل النص وليس خارجه وبدون تخوين وتكفير.

مواضيع قد تهمك