رعت مديرية الأمن العام خلال عام مضى على دمج جهازي قوات الدرك والدفاع المدني معها، بعدد من المباني التي فاضت عن حاجتها، لتصبح مدارس ومراكز صحية في المحافظات والأطراف، منها المبنى الأمني في محافظة معان، الذي تم تحويله لمدرسة شاملة، وعدد آخر من المباني التي يجري العمل على تحويلها لمراكز صحية ومستشفيات في محافظات أخرى، وهو مثال على الترشيد الإداري والمالي الذي اتبعته مديرية الأمن العام منذ عملية الدمج.
وكشفت تجربة الدمج عن التميز بالأداء الأمني وسرعة التنسيق، والتجربة الإدارية والتنظيمية اللافتة، والتي هدفت لدمج ثلاث من أكبر مؤسسات الدولة في مديرية واحدة تحسن استغلال الموارد، وتبدع في توظيف الطاقات، بكفاءة تمتزج بترشيد ملحوظ في الكلف والنفقات.
وبالفعل، لمس مواطنون الفارق بالأداء الامني بعد عملية الدمج، وظهر ذلك جلياً في العمل على الأرض في مواضع متعددة كان من أهمها الحملات الأمنية على ذوي الأسبقيات والبلطجية، والتي تخضع بشكل أسبوعي لمراجعات أمنية منعا لتنامي هذه الظاهرة التي تم التغلب عليها خلال أسابيع، إضافة الى حملات أمنية على الاسلحة النارية واستخدامها وحملات فاعلة على مروجي وتجار المخدرات.
وأظهرت نتائج الدمج، تمكين مديرية الأمن العام من تقديم دعم كبير لمديرية الدفاع المدني، شمل توفير عشرات الآليات من مديريات الشرطة وقوات الدرك لدعم الطلب المتزايد على خدمة الإسعاف خاصة خلال أيام الحظر أثناء التعامل مع فيروس كورونا، وللتعامل مع حرائق الغابات في فصل الصيف والظروف الجوية في فصل الشتاء، فضلاً عن شراء ما يقارب 78 آلية إسعاف وإطفاء وإنقاذ تم إدخالها للخدمة حديثاً والعمل جار لشراء عشرات الآليات النوعية في الأشهر القليلة القادمة، ويعكس الحاجة لها العدد القياسي من الواجبات التي نفذتها مديرية الدفاع المدني خلال العام 2020 والذي يبلغ حوالي المليون واجب، بين إسعاف، وإطفاء، وإنقاذ.
كما قدمت قوات الدرك جهداً ملحوظاً لمساندة كافة الواجبات الأمنية والإنسانية المبذولة من خلال حجم عمل تجاوز 25 ألف واجب.
وفي العمل الأمني والاستخباري، بلغت نسبة الكشف عن ملابسات جرائم القتل والقبض على مرتكبيها لدى إدارة البحث الجنائي 100 % خلال عام كامل، كما تعاملت إدارة مكافحة المخدرات مع 19 ألف قضية منها أكثر من 4000 قضية اتجار وترويج، وساهمت كوادر الأمن الوقائي في كشف ملابسات أكثر من 12 ألف قضية جنائية من ضمنها قضايا مخدرات، وتزوير، واحتيال، وسرقة آثار، وغيرها.
أما في الجانب المروري، فقد انخفضت حوادث السير بنسبة 26 % عن العام الذي سبقه، ذلك بعد أن عدلت مديرية الأمن العام من هياكلها التنظيمية لربط الإدارات المرورية (السير، الدوريات الخارجية، المعهد المروري)، وبذلت جهوداً وقائية كبيرة ساهمت بتخفيض النسبة، وأطلقت تجربة ناجحة في المحطات الأمنية المتكاملة على الطرق الخارجية، والتي ضمت كوادر من الدفاع المدني وقوات الدرك، للمساندة بتقديم خدمات الإسعاف والإنقاذ.
وشكلت إدارة الترخيص نموذجاً ريادياً، وحازت على جائزة التميز الحكومي العربي عن فئة أفضل مبادرة لتجربة تطوير حكومية، وكانت أولى المؤسسات الوطنية عودة للخدمة بعد فترة الانقطاع التي فرضتها ظروف التعامل مع الوباء، وقُدِّرت المعاملات المنجزة داخل أقسام الترخيص في المملكة بأكثر من مليوني معاملة خلال العام 2020.
وعلى صعيد ملاحقة المطلوبين قضائيا، فقد نفذت إدارة التنفيذ القضائي أكثر من 95 % من الطلبات القضائية الواردة إليها، وأطلقت خدمة الرد الآلي على الرقم المجاني (117111) للاستعلام عن الطلبات القضائية بأقل وقت وجهد.
كما تم توسيع مظلة الحماية التي توفرها إدارة حماية الأسرة لتشمل كافة قضايا العنف ضد النساء والأطفال، للاستفادة من خبراتها في هذا المجال. وتبعاً لذلك تعاملت إدارة حماية الأسرة مع 16 ألف قضية وحالة اجتماعية قدمت من خلالها الدعم الإنساني والقانوني للضحايا والمتضررين.
وفي الحديث عن إعادة الهيكلة والتنظيم، فقد تم دمج المديريات والإدارات والوحدات المتشابهة والمتقارب في الأهداف والأعمال، خاصة المركزية منها، مثل التخطيط والمالية، وشؤون الضباط والأفراد، والإعلام، وهو دمج استفادت منه وحدات ميدانية مثل إدارتي البيئة والسياحة اللتين تم دمجهما بالإدارة الملكية لحماية البيئة والسياحية، والتي تعنى بتقديم الخدمة الأمنية الشاملة حفاظاً على البيئة وتأميناً للمواقع السياحية.
وبشكل عام، فالكل يشعر بالفارق، وتبدو مديرية الأمن العام بكامل عافيتها وقوتها بتنسيق وصل حد التكامل بين المديريات التي انصهرت في مديرية واحدة، وقيادة واحدة ومديرية عمليات واحدة توزع الأدوار، بأوامر عمليات تراعي التخصصات في العمل، والأدوار المساندة بين التشكيلات المنتشرة في الميدان، حيث ظهر التناغم واضحاً في العمل الجماعي المنظم لحماية أمن المجتمع وسلامته ضمن خطط الاستجابة لوباء فيروس كورونا.
ليس هذا فحسب، فالتطوير والتجديد رفع من قيمة الخدمات الميدانية المقدمة، فالدفاع المدني ينتشر في كل مكان، والدرك يتنقل بين الواجبات برشاقة واحتراف، بينما رجال الأمن في الميدان يعملون بجد واجتهاد وتؤكده المشاهدات اليومية وتشعر المواطن بأهمية الأمن والاستقرار.
أما على الصعيد المالي، فقد حقق جهاز الأمن العام وفرا ماليا حولّه لخدمة منتسبيه إضافة إلى خدمة المتقاعدين من جهاز الأمن العام، فالأرقام تفرض حقيقتها للإجابة على كل التساؤلات، والوضع المالي للأمن العام مستقر جداً رغم كل النفقات.
وبحسب المؤشرات فإن الدمج حقق إنجازات في الجانب الإداري والمالي بعد حسن توظيف الموارد، التي تم استغلالها لرفع كفاءة العمل الميداني، والمعلومات الواردة تجيب على الأسئلة، فلا ديون تثقل كاهل الأمن العام كما في سابق السنوات، ولا فواتير متأخرة السداد، ولا شكوى ولا تذمر لدى الوحدات من نقص الإمكانيات، بل إنفاق مدروس يترك أثره على الأداء، فالحوافز التي كانت حلماً باتت حقاً يوزع بالعدل بين الضباط والأفراد، ومشكلة إسكان الضباط المتقاعدين انتهت بكتاب واحد، مضمونه (يُصرَف لـ500 من المتقاعدين مستحقاتهم). فصُرفت لهم في يوم كأنه الخيال.
ويرى مراقبون في جهاز الأمن العام أن الوفر المالي الذي تم تحقيقه بسبب الدمج، انعكس إيجابا على الخدمة الأمنية في تقديم المزيد من الحملات الأمنية لمحاربة الجريمة، ومروراً بتنفيذ الحجر الشامل والجزئي، ووصولاً إلى أدوار جديدة فرضتها خطط التعامل مع فيروس كورونا، منها ما هو رقابي على الأسواق لمنع الاحتكار، أو وقائي صحي للحد من تفشي الوباء، ناهيك عن الجهود الكبيرة في مجال الإعلام والتوعية وحماية الانتخابات، والتي تضاف إلى كافة الأعمال الأمنية الاعتيادية التي مضت خلال العام 2020 دون تهاون أو تقصير، بل تميزت وحققت الأهداف.
بعد عام على “الدمج”.. “الأمن العام” تحقق إنجازات نوعية لافتة

كرمالكم :