سميح المعايطة
للدول معادلات ومسارات يمكن قراءتها بسهولة من تاريخها وسجلها في التعامل مع الازمات، معادلات تصنعها المواقف او المصالح، ونحن في الأردن دولة ليس من الصعب قراءتها لانها تتحدث بلغة واحدة في كل الملفات .
تحالف يشبه الناتو في الشرق الأوسط أعلن الملك مؤخرا انه يدعم تشكيله لكن بشرط ان يكون محدد الاهداف واضحا جدا في تفاصيله، وكان السؤال المباشر من جهات كثيرة هل ستكون اسرائيل جزءا من هذا التحالف؟، لكن السؤال الذي كان يجب ان يتم طرحه هل من الممكن ان يكون في المنطقة تحالف مهمته واضحة جدا وتجمع بين أعضاءه ارضية مشتركة؟.
ربما يعتقد البعض ان محاربة ايران هدف يجمع دولا كثيرة في المنطقة بما فيها اسرائيل، وان تحالفا عسكريا ضد ايران هو القادم، لكن السؤال الاهم من هي الدول التي تريد شن حرب على ايران؟، والجواب انه ليس هناك من يريد محاربة ايران حتى اسرائيل وامريكا.
دول الخليج مثلا لديها علاقات تتراوح بين الممتازة الى العادية مع ايران، فسلطنة عمان وقطر علاقاتهما ممتازة، والكويت علاقاتها جيدة وتدير علاقاتها بحكمة، والسعودية تتحدث عن علاقات حسن جوار وتفاوض ايران، والفرق كبير بين رفض لما تفعله ايران في المنطقة وبين تحضير لشن حرب عليها .
وامريكا لم تطلق طلقة على ايران منذ ان جاء نظام الخميني، امريكا تهدد وتفرض عقوبات لكنها سلمت العراق بعد احتلاله الى ايران ،وتغمض عيونها عن تمدد النفوذ الايراني، أما اسرائيل فتنافسها مع ايران على النفوذ في المنطقة، وتمارس ضرب اهداف ايرانية داخل ايران وفي سوريا دون أي رد مؤثر من ايران .
ونحن في الاردن لنا تحفظات ورفض لسياسات ايران، لكن هل سياسة الاردن ان يدخل في تحالف مع اسرائيل لضرب ايران؟! .
الاردن خاض تجربة تحالف ضد داعش والقاعدة والإرهاب مع دول عديدة حماية لأمنه، لكنه في الازمة السورية لم يدخل مترا داخل سوريا رغم ضغوطات كبيرة من بعض الأشقاء.
ليس سرا ان بعض دول العرب تقيم تعاونا مع اسرائيل في مجال الدفاع الجوي وضد الطائرات المسيرة وهذا تعاون وقعته تلك الدول علنا وتم نشر صور التوقيع، وهناك تمدد في علاقات اسرائيل في العالم العربي والإسلامي لكن اسرائيل تستغل قصة ايران لكنها تعلم ان ايران تبحث عن نفوذ وليس عن تحرير فلسطين .
أما الأردن فهناك علاقة رسمية مع اسرائيل، لكنها علاقة فيها قلق سياسي كبير لان اسرائيل تتعامل مع القضية الفلسطينية بشكل يهدد مصالح الاردن وتحديدا ما يتعلق بالقدس والدولة الفلسطينية، وعلاقة الاردن مع اسرائيل يعلم الجميع الى اين وصلت من التردي السياسي خلال سنوات المعاهدة، والاردن يعلم ان هذه العلاقة ليس مرحب بها شعبيا، ومع كل موجة عدوان اسرائيلي تتحول هذه العلاقة الى عبء على الدولة أمام الاردنيين، فأي ذكاء هذا الذي سيأخذ الدولة الى تحالف عسكري اقليمي مع اسرائيل!!.
منذ الاعلان عن زيارة بايدن الى المنطقة والتي ستتم بعد حوالي اسبوعين تم الحديث عن إطار اقليمي تتمناه اسرائيل ،والهدف مزيد من الدمج لاسرائيل في المنطقة دون ان تعطي للفلسطينيين حقوقهم، لكن كل القراءات المنطقية تقول ان الامر غير ممكن لان هناك دول مهمة عربية ليست مستعدة لدفع هذا الثمن السياسي .
في المنطقة هنالك منتدى النقب الذي لم يشارك به الاردن قبل شهور والذي ضم دولا عربية وامريكا واسرائيل ،ويوم انعقاده كان الملك يزور رام الله ليقول إن أي تعاون اقليمي فلسطين ليست على رأس أولوياته لن يكون الاردن فيه .
يتمنى الاردن ويعمل على بناء اطر عربية ثلاثية ورباعية لمواجهة ازمات المنطقة وخاصة الاقتصادية، وهذا ما فعله مع العراق ومصر ومع مصر والإمارات.
وزير الخارجية تحدث مؤخرا عن مفهوم التحالف لدى الاردن، والحديث عن فكرة افتراضية ،واسرائيل صاحبة هذه الافكار تريد مزيدا من الاندماج في الإقليم والمبرر العدو المشترك وهو ايران، لكن اسرائيل ايضا برفضها اعطاء الفلسطينيين حقوقهم مازالت تصنع القلق في المنطقة.
حكاية التحالف الافتراضي ستنتهي مع مغادرة بايدن المنطقة، لكن سعي اسرائيل لتوسيع علاقاتها لن يتوقف، أما ايران فستستمر لعبة النفوذ بينها وبين اسرائيل لكن دون حروب مباشرة، فوجود النفوذ الايراني بحدود ضرورة امريكية إسرائيلية.