بعد إقرار شركة أسترازينكا لأول مرة، مساء يوم الاثنين الماضي بأن لقاحها المضاد لفيروس كورونا يمكن أن يسبب آثارًا جانبية نادرة، تصدر اسم المشهد.
فقد توجهت الأنظار إلى جيمي سكوت، وهو أول شخص رفع قضية العام الماضي ضد الشركة البريطانية السويدية الشهيرة هذه.
أب لطفلين
فمن هو جيمي هذا الذي كان أول من حرك المياه الراكدة في كواليس تلك القضية المثيرة للجدل؟
هو أب لطفلين، أصيب بإصابة دائمة في الدماغ بعد تعرضه لجلطة دموية ونزيف في الدماغ منعه من العمل بعد حصوله على اللقاح في 23 أبريل 2021.
حينها اتصل المستشفى الذي استقبل جيمي بزوجته ثلاث مرات، ليخبرها أن زوجها سيموت لا محالة.
لكن الرجل البالغ 44 عاماً والذي دخل لأسابيع في غيبوبة، في حينها أبى الاستسلام، ونجا من نزيف "كارثي" في دماغه.
لكن حاله انقلب منذ ذلك الحين رأسا على عقب. فقد خسر وظيفته، ولم يعد بإمكانه إجراء محادثات معقدة.
كما بات يعاني ضعفاً في البصر، ولم يعد بإمكانه حتى القيام بأبسط الأشياء، كقراءة كتاب على سبيل المثال.
وبطبيعة الحال، لم يستطع جيمي تذكر شيء عن الأسابيع الأربعة والأيام الخمسة التي قضاها في غيبوبة تامة بالعناية المركزة.
"فعلت ما طلبته الحكومة"
إذ قال في مقابلة مع صحيفة التليغراف العام الماضي، عن تجربته المرة تلك "لا أتذكر أيًا منها.. كل ما أستطيع تذكره هو استيقاظي ورؤية كيت (زوجته) إلى جانبي".
كما أضاف الرجل الأربعيني الذي كان يتمتع بصحة جيدة سابقاً، ويمارس الركض بشكل يومي، قبل أن يتوجه إلى أحد المراكز الصحية لأخذ اللقاح "فعلت فقط ما طلبته الحكومة منا"، في إشارة إلى تشجيع الحكومة البريطانية آنذاك كافة المواطنين على أخذ لقاح كورونا.
ولحظ جيمي العاثر في ذلك اليوم، طلب أخذ جرعة فايزر، إلا أنه لم يكن متوفراً، فما كان أمامه سوى الرضوخ، وأخذ لقاح أسترازينكا الذي طورته بالتعاون مع جامعة أوكسفورد.
حزن وامتنان
أما كيت، فأعربت عن امتنانها لبقائه على قيد الحياة رغم الحزن الذي لف العائلة، قائلة "لعلنا أكثر حظاً من غيرنا.. فأنا ممتنة لأنني أستطيع أن أراه كل يوم إلى جانبي".
كما روت بالتفصيل ما حصل معه، قائلة "بعد 10 أيام من الجرعة الأولى، كان جيمي بخير. إذ عاد إلى منزله وواصل حياته الطبيعية".
لكن في صباح الثالث من مايو/أيار 2021، انقلبت حياته وحياة أسرته رأسا على عقب.
فحينها بدأ يعاني من التعب وراح يتقيأ.
كما بدا ضعيفاً جداً، لا يقوى على الكلام، حتى ظنت كيت أنه يتعرض لسكتة دماغية.
"لم يعرف حتى أين هو"
وقالت مستذكرة تلك اللحظات: "لم يكن يقوى على الكلام، ولم يعرف حتى أين هو ولم يتعرف إلي!".
عندها اتصلت بالإسعاف، فأتت سيارة لنقله إلى مستشفى محلي في منطقة "ويست ميدلاندز" حيث يعيش.
حيث اشتبه الأطباء بأنه يعاني من نقص في الصفيحات المناعية والتخثر الناجم عن اللقاح (VITT). فنقلته سيارة إسعاف أخرى إلى مستشفى كوفنتري.
إلا أن حالته استمرت في التراجع، حسب كيت، فاستدعى مستشفى كوفنتري مروحية لنقل جيمي إلى برمنغهام من أجل إجراء عملية طارئة له في المستشفى الوحيد بالمنطقة الذي يتمتع بالخبرة اللازمة لإجرائها.
لكن عاصفة جوية منعت المروحية من الوصول، فنقل جيمي عندها إلى مستشفى الملكة إليزابيث في برمنغهام عن طريق البر، حيثث تمكن الأطباء هناك من إنقاذ حياته.
إذ خضع جيمي هناك لعملية جراحية استمرت ثلاث ساعات، جراء النزيف الذي أصاب دماغه.
فيما أظهر فحص التصوير بالرنين المغناطيسي حينها الضرر الذي لحق بمساحة من الدماغ تبلغ 97 ملم، وهو ما يعادل حجم بطاقة ائتمان.
وفي السياق، أوضحت زوجته أن اللقاح أحدث جلطة كبيرة عند مدخل الدماغ ونزيفاً داخله أيضا.
غضب عارم
كما أضافت أن زوجها خضع لعملية فتح القحف، وإزالة جزء من جمجمته لتقليل التورم، لافتة إلى أنه ظل على مدار الأسابيع الأربعة والخمسة أيام التالية، في غيبوبة تامة، موضوعا على جهاز التنفس الصناعي. وأشارت إلى أن جيمي أصيب بالعمى.
إلى ذلك، كشفت أنها تعالجت لمدة عامين بعد الحادث من أجل استيعاب ما جرى، والتمكن من التحدث عن الأمر.
لكن شعور الغضب لا يزال يتملكها، كما غيرها من العائلة التي عانت من آثار هذا اللقاح. وأكدت أنها اضطرت كما غيرها للتصدي لخطة الحكومة الهزيلة في التعويض على الضحايا، بمبلغ قدر بـ 120 ألف جنيه إسترليني، والذي لا يعادل بأي شكل من الأشكال الضرر الذي لحق بهم، وفق تعبيرها.
يشار إلى أن قضية جيمي سكوت شكلت أول " حالة اختبار"، كونه أول شخص قدم دعوى ضد أسترازينيكا للمطالبة بالتعويض عن الأضرار التي ألمت به وبعائلته، والذي في حال فوزه، يمكن أن يمهد الطريق لمئات المطالبات والتعويضات التي ستصل إلى عشرات، إن لم يكن مئات الملايين.