بعد مرور عامٍ على بدء العدوان الإسرائيليّ على قطاع غزّة، يتبيّن أنّ الإنجازات التي تتحدّث عنها حكومة الاحتلال بعيدة جدًا عن الواقع، كما أنّ المعركة على كيّ الوعي حُسِمَت منذ أشهرٍ طويلةٍ لصالح السرديّة الفلسطينيّة، والتي ازدادت مع قرار محكمة الجنايات الدوليّة في لاهاي بالإعلان عن نيّتها إصدار مذكّرات اعتقالٍ ضدّ كلٍّ من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الأمن يوآف غالنط، بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
إلى ذلك، نشرت هيئة البث الإسرائيلية (كان)، نتائج صادمة لاستطلاع رأي بعد مرور عام على الحرب المدمرة في قطاع غزة، مشددةً على أنّ نسبة قليلة جدًا من الإسرائيليين تعتقد أنّ دولة الاحتلال انتصرت على حركة حماس.
ولفتت الهيئة إلى أنّ 48 بالمائة من أفراد العينة قريبون من شخص قُتل في الحرب، و86 بالمائة غير مستعدين للعيش في غلاف غزة بعد انتهاء الحرب.ومنطقة (غلاف غزّة) في الجنوب تشمل المستوطنات الإسرائيليّة التي تعرّضت لهجوم السابع من أكتوبر السنة الفائتة، وتمّ إخلاء جميع سُكّانها بسبب الوضع الأمنيّ.
هل خسرت إسرائيل الحرب؟
وأفادت نتائج الاستطلاع بأن 27 بالمائة فقط يعتقدون أنّ إسرائيل انتصرت على حماس، أي أكثر بقليل من الربع، فيما يعتقد 35 بالمائة أنّها خسرت، أمّا البقية فلا يعرفون.
ونوهت هيئة البث الإسرائيليّة، وهي الهيئة الرسميّة في تل أبيب، إلى أنّ الإجابة تتغيّر قليلاً إذا تمّ تقسيم المشاركين في الاستطلاع إلى ناخبي الائتلاف مقابل ناخبي المعارضة، مبينة أنّه "من بين ناخبي الائتلاف وحدهم يعتقد 47 بالمائة، أيْ النصف تقريبًا، أنّ إسرائيل هي التي فازت. ربما يكون هناك المزيد من التفاؤل”، على حدّ تعبيرها.
واستدركت: "في المعارضة الوضع عكس ذلك. 48 بالمائة (النصف تقريبًا) يعتقدون أنّ إسرائيل خسرت الحرب في غزة”، مشيرة إلى أنّه عندما سُئل المشاركون عمّا إذا كانوا يعرفون شخصيًا شخصًا قُتل في الحرب أوْ في هجوم 7 أكتوبر، أجاب 12 بالمائة من أفراد العينة، والذين يشكلون 600 ألف إسرائيلي، أنّهم فقدوا أحد أفراد العائلة أوْ صديقًا مقربًا.
علاوة على ما ذُكِر أعلاه، ذكرت هيئة البثّ الإسرائيليّة أنّه "أجاب 36 بالمائة أنهم فقدوا أحد معارفهم أوْ صديقًا آخر. أي أن 48 بالمائة من الإسرائيليين يعرفون شخصًا قُتل في الحرب أوْ في هجوم 7 أكتوبر. وفي المنطقة الجنوبية طبعًا الأعداد أكبر”.
العودة لمستوطنات غلاف غزة
وشدّدّت هيئة البث على أنّ السؤال الآخر في الاستطلاع كان حول إذا ما كانوا سيعودون إلى مستوطنات غلاف غزة بعد الحرب أمْ لا، موضحةً أنّ 14 بالمائة فقط من أفراد العينة قالوا إنّهم مستعدون للتفكير في العيش في غلاف غزة عندما تنتهي الحرب.
بينما أكد 86 بالمائة من المستطلعة آراؤهم أنهم غير مستعدين للعيش في غلاف غزة. ووفق الاستطلاع، فإنّ غالبية الإسرائيليين ظلّوا في مكان إقامتهم الدائم، مقابل 2.3 بالمائة من ناخبي الائتلاف و1.2 بالمائة من ناخبي المعارضة، اعترفوا بأنهم غيروا مكان إقامتهم بسبب الحرب.
وأشار الاستطلاع إلى أن 7.5 بالمائة من مستوطني غلاف غزة استجابوا لتغيير مكان إقامتهم، إلى جانب تغيير نحو 3 بالمائة من مستوطني الشمال لمكان إقامتهم بسبب الوضع الأمني.
وعندما سُئل المشاركون في الاستطلاع عن تغيير مهنتهم بعد 7 أكتوبر والحرب، أجاب حوالي 5 بالمائة من ناخبي الائتلاف ومن القطاعين العلماني والتقليدي بالإيجاب، بسبب الحرب، فيما قام حوالي 16 بالمائة من المتدينين والحريديم بتغيير مهنتهم، ولكن دون أنْ يكون لذلك علاقة بالحرب، طبقًا لما ورد في الاستطلاع المذكور.
في سياقٍ ذي صلةٍ، تتفاقم التكاليف الاقتصادية بالنسبة لإسرائيل، بينما تُواصل تل أبيب الحرب على جبهات متعدّدة بعد مرور ما يقرب من عام على السابع من تشرين الأول (أكتوبر).
وقالت محافظة البنك المركزي الإسرائيلي السابقة، كارنيت فلوغ، لشبكة (سي أن أن) الأمريكيّة إنّه "إذا تحولت التصعيدات الأخيرة إلى حرب أطول وأكثر كثافة، فإنّ هذا من شأنه أنْ يفرض ضريبة أثقل على النشاط الاقتصادي والنمو في إسرائيل”.
وبيّنت فلوج أنّه "قد ينكمش اقتصاد إسرائيل أكثر من ذلك، استنادًا إلى أسوأ تقدير من جانب معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، مُوضحةً أنّه حتى في سيناريو أكثر اعتدالًا، فإنّ الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي للفرد سوف يتراجع هذا العام”.
وفي السياق، قدّر بنك إسرائيل في أيار (مايو) الماضي أنّ التكاليف الناجمة عن الحرب ستبلغ 250 مليار شيكل (66 مليار دولار) حتى نهاية العام المقبل، بما في ذلك النفقات العسكريّة والنفقات الحكوميّة، مثل الإسكان لآلاف المستوطنين الذين فرّوا من المستوطنات في الشمال والجنوب، وهذا يعادل نحو 12 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل.
رأي اليوم