أكد المجلس الأعلى للسكان أن ازدياد واقعات الطلاق في الأردن ظاهرة متوقعة، وذلك لأن عدد المتزوجين والأسر الجديدة في تزايد سنة بعد أخرى، والمتزوجون هم الشريحة المعرضة للطلاق، ولذا ليس من المستبعد أو المستغرب أن تتزايد حالات الطلاق في الأردن بالأعداد المطلقة. (فماذا تقول البيانات والأرقام والأدلة؟).
تشير البيانات الرسمية التي مصدرها التقارير السنوية لدائرة قاضي القضاة للسنوات التسع 2015-2023، إلى استقرار في عدد حالات الطلاق السنوية، ولهذا لا يمكن أن تؤخذ الزيادة في واقعات الطلاق إن هي حصلت في سنة معينة كمؤشر يدعو للقلق من قبل ذوي الشأن.
إن السجلات التاريخية في كثير من المجتمعات تبين أن حالات الطلاق والزواج أيضاً لا تتزايد عند تردي الأحوال الاقتصادية العامة للناس، بل يحدث العكس، وحدث هذا آخر مرة في الأزمة المالية العالمية عام 2008 عندما تراجعت حالات الطلاق بصورة ملحوظة في الدول الغربية.
وتظهر البيانات أن معدل الطلاق في الأردن خلال السنوات التسع الماضية لم يكن في اتجاه صاعد، بل كان مستقراً عند متوسط سنوي بلغ حوالي2.5 حالة طلاق لكل الف نسمة من السكان، وبلغت نسبة واقعات الزواج إلى واقعات الطلاق خلال تلك الفترة نحو 4 حالات زواج مقابل حالة طلاق واحدة بعد الدخول أي بعد الزفاف.
وهناك حقيقة أخرى تغيب عن الكثيرين وهي أنه ليست كل حالات الطلاق المسجلة هي لمتزوجين فعلاً، أي أنها لم تحصل بعد الدخول أو الزفاف وبعد أن بدأ الطرفان العيش معاً وتكوين أسرة جديدة، إذ تشير البيانات حسب الشكل أدناه إلى أن نحو 27% من كافة حالات الطلاق التي سُجلت في المحاكم الشرعية الأردنية في السنوات التسع الماضية كانت قبل الدخول أو الزفاف، أي وقعت على عقود قران ولكن لم يحصل الدخول أو الزفاف أو العرس بعد، وهذا يعني أنه لم يتم تشكل فعلي للأسر وحصول إنجاب، وبالتالي ليس هناك تبعات لهذا النوع من الطلاق وقعت على الأطفال، كما أن الطلاق قبل الدخول يعزز أيضاً من فرص إعادة زواج النساء اللواتي وقع عليهن الطلاق قبل الزفاف، فقد بلغت النسبة العامة للمطلقات اللواتي تم إعادة زواجهن خلال السنوات التسع الماضية نحو 19% من إجمالي حالات الزواج خلال هذه السنوات.
ولا بد هنا أن نشير أيضاً إلى أن نسبة مرتفعة من حالات طلاق المتزوجات هي طلاق رجعي، أي يمكن الرجوع عنه، ففي عام 2023 وحده بلغت نسبة حالات الطلاق الرجعي 26% من إجمالي حالات الطلاق في ذلك العام.
لكن ما يدعو إلى القلق هو أن أكثر من نصف (54%) اللواتي تعرضن للطلاق، كن دون سن 30 سنة أي خلال السنوات الأولى من بدء حياتهن الزوجية، لذا فإن تريث حديثي في إنجاب مولودهم الأول بعد الزواج يجنب الأطفال تبعات الطلاق إن وقع مبكراً جداً بعد الزفاف.
وأخيراً، نود أن نوضح، أنه بما أن عدد الفتيات المتزوجات في الأعمار دون سن 18 سنة قليل مقارنة مع عدد المتزوجات في الفئات العمرية اللاحقة، فإن 4% فقط من اللواتي وقع عليهن الطلاق كانت أعمارهن أقل من 18 سنة، وهذا يجيب عن تساؤل حول مساهمة الزواج المبكر في حالات الطلاق.