خطة محكمة لاختطاف أبناء رئيس سوريا الأسبق، حافظ الأسد، والد بشار الذي سقط أخيرا، وفر خارج البلاد، في الثامن من الشهر الجاري، إثر سيطرة قوات المعارضة السورية، على جميع المناطق التي كانت تحت سيطرته.
الخطة التي دبرت لاختطاف أولاد حافظ الأسد، في نهاية ستينيات القرن العشرين، كانت ستغيّر تاريخ سوريا المعاصر، بحسب مطلعين على الكتاب الذي نشرت فيه، تفاصيل تلك العملية التي دُبرت لـ"الانتقام" من حافظ الأسد الذي بقي رئيسا لسوريا حتى وفاته عام 2000، عندما حُمِّل مسؤولية ما عرف بـ"النكسة" من الجانب السوري، وذلك عام 1967.
ووردت خطة اختطاف أولاد حافظ الأسد، في كتاب "أيام عشتها" للضابط في الجيش السوري محمد معروف، والذي كان برتبة ملازم أول عام 1942، ثم تدرج في الرتب العسكرية والمناصب، حتى وصل إلى آمر للشرطة العسكرية، وعيّن عضواً في المجلس الحربي الأعلى.
محمد معروف الذي ينحدر هو الآخر، من
الطائفة العلوية والمولود في سنة 1921 في إحدى قرى ريف "جبلة"
اللاذقانية، سرِّح من الجيش، في سنة 1950، وزج به في سجن المزة، ثم أُبعد إلى
لبنان. وتناقلت الأنباء خبر اشتراكه في التخطيط لانقلاب عسكري عام 1954، حكم عليه
بالإعدام على إثر تلك المحاولة. وتم الزج به في السجن لمدة عام كامل، مجددا في عام
1968، بعدما عاد إلى سوريا، بعد غياب سنوات.
جميع أبناء حافظ كانوا مولودين عندما خُطط لاختطافهم
كما أن محمد معروف تحدث عن خطة اختطاف أولاد حافظ الأسد، بعدما سمع تفاصيلها في سجنه الذي زج به، بين عامي 1968 و1969، وهو التاريخ الذي كان فيه جميع أولاد حافظ الأسد، قد وُلدوا، فأولهم ابنته بشرى، المولودة في سنة 1960، وآخرهم اللواء ماهر الأسد المطلوب للعدالة السورية والدولية لارتكابه جرائم حرب بحق السوريين وجرائم ضد الانسانية وقتل المعارضين تحت التعذيب والإشراف على إنتاج وتوزيع المخدرات، وهو مولود في سنة 1967. وعندما تم التخطيط لاختطاف أولاد حافظ الأسد، فكان جميع أبنائه، مولودين، بمن فيه بشار الأسد المولود في عام 1965، وقت التخطيط لاختطافهم والذي لم يكتب له النجاح كما سيتبين لاحقاً.
اختطاف أبنائه لتسبّبه بنكسة عام 1967
يقول الضابط السابق محمد معروف، إن التخطيط لاختطاف أبناء حافظ الأسد، كان بسبب اتجاه القيادة العسكرية والسياسية في البلاد، لتحميله وزر نكسة حرب 1967 مع إسرائيل. وذكر معروف أن حافظ الأسد كان "مستهدَفاً" لأن القيادة كانت تعمل "باجتهاد" على حد تعبيره، لتحميله "وزر النكسة" التي حلت عام 1967.
وعن ملابسات خطة اختطاف أولاد حافظ الأسد، قال معروف إنه عرف بتفاصيلها في سجنه الذي زجوه به، بين عامي 1968 و1969. ولم يحدد الضابط السابق، اسم الجهاز الأمني الذي كان يخطط لتنفيذ عملية اختطاف أولاد حافظ الأسد، واكتفى بالقول: "خطة اختطاف أولاد الرئيس الأسد، يدبرها أحد الأجهزة الأمنية في دمشق"
سبب فشل خطة الاختطاف
وأكد معروف، أنه تم إعلام حافظ الأسد، بتدبير خطة الاختطاف، وأن شخصاً ينتمي لإحدى الفصائل الفلسطينية العاملة في سوريا، في ذلك الوقت، هو الذي قام بإخبار الأسد، بخطة اختطاف أولاده. الأمر الذي يُظهِر، بأن الخطة أُجهضت، بعدما تم تسريبها إلى وزير الدفاع وقائد القوات الجوية في ذلك الوقت، حافظ الأسد. فلم يتم اختطاف أولاده، ولم تنجح "القيادة" السورية في ذلك الوقت، بمعاقبته على دوره بنكسة عام 1967، والتي قال معروف إن التخطيط لاختطاف أولاده، جاء لتسببه بها.
ومن الجدير بالذكر أن حافظ الأسد، حُمّل وزر النكسة، على صعيد واسع، حيث ارتفعت الأصوات، لتحميله "مسؤولية الهزيمة العسكرية التي لحقت بالجيش السوري، باعتباره كان وزيراً للدفاع" لحظة وقوعها، تبعاً لما ذكره المحامي والمؤلف هاشم عثمان، في كتابه "تاريخ سورية الحديث، عهد حافظ الأسد 1971-2000".
سخرية حادة من "ضباط القرداحة"
وذكر عثمان بأنه حتى الإذاعة الإسرائيلية" كانت "تسخر" من قادة حرب النكسة السوريين، وأنها كانت تبث أغنية تذكر فيها "ضباط القرداحة" لتسببهم بذلك. ونشر المحامي والمؤلف المعروف الذي صدر له العديد من الكتب المتعلقة بتاريخ سوريا، كلمات الأغنية التي كانت تسخر بأولئك الضباط المتسببين بهزيمة جيشهم.
وتقول كلمات الأغنية العامّية التي تسخر من "ضباط القرداحة" الذين كان على رأسهم حافظ الأسد، لتسببهم بنكسة جيشهم: "عَبِّي لي العلبة دخان/ ونَاوِلني ها القدّاحة/ جيش السوري ها الهربان/ ضباطو بالقرداحة". وهي إحدى أقدم الوثائق التي يرد فيها اسم "القرداحة" كإشارة إلى نفوذ العائلة في الجيش والقيادة العسكرية، منذ نهاية ستينيات القرن الماضي.
هذا مَن غيَّر كنية آل "الوحش" إلى "الأسد"
يشار إلى أن حافظ الأسد (1930-2000) ينحدر لعائلة جدها سليمان الأسد. وأكّد الباحث والمؤلف هاشم عثمان، أن الاسم الحقيقي للعائلة، هو "الوحش" كما هو "شائع ومعروف عند أهل القرداحة" أمّا كنية "الأسد" بحسب عثمان، فقد أطلقها المطران أرسلانيوس حداد على جد العائلة سليمان.
ولفت عثمان إلى أن الجد سليمان، وعندما جاء إلى منطقة القرداحة واختارها مكاناً لإقامته، كان معه ولدان، هما عزيز وعليّ، الأخير والد حافظ الأسد.
وأكد الباحث في كتابه عن تاريخ سوريا المعاصر، أن جدّ العائلة، سليمان، وابنيه عزيز وعلي، عندما أقاموا في القرداحة، كانوا "يتحدثون بلغة بعيدة عن لغة أهل القرية" وهو ما قد يفسّر تشكيك بعض الباحثين والسياسيين بأصل عائلة "الوحش" التي صارت "الأسد" لاحقاً، أو المكان الأصلي الذي انحدرت منه.. العربية