تحوّلت منطقة عكار شمال لبنان في الأيام الماضية إلى ملاذ لنازحين هربوا من مناطق في الساحل السوري بعد المواجهات الأمنية التي حصلت بين القوات الحكومية السورية وما يُعرف بـ"فلول" النظام السابق.
إذ لجأ الفارون إلى منازل أقارب لهم في القرى اللبنانية الشمالية، لاسيما في عكار، عبر معابر غير شرعية، في حين لا تزال الحدود تشهد حركة نزوح وسط غياب للإجراءات الأمنية المواكبة من قبل الأجهزة الرسمية.
"أكثر من 5 آلاف"
وفي السياق، أوضح نائب عكار في البرلمان اللبناني، أحمد رستم، لـ"العربية.نت والحدث.نت" "أن أكثر من خمسة آلاف شخص نزحوا في الأيام الأخيرة من قرى وبلدات في الساحل السوري باتّجاه مناطق عكار، غالبتهم من اللبنانيين (العلويين) المقيمين في سوريا".
وقال "إن هؤلاء النازحين توجّهوا إلى مناطق السهل في عكار ذات الغالبية العلوية، منها تل حميرة، والحيصة، والمسعودية، والريحانية، والسمّاقية في حين توجّه قسم آخر من هؤلاء إلى منطقة جبل محسن في طرابلس".
كما أشار رستم، وهو ممثل عن الطائفة العلوية في البرلمان إلى "أن هؤلاء النازحين لجأوا إلى أقاربهم في الداخل اللبناني، حيث غصّت المنازل بهم إضافةً إلى قاعات البلديات". وناشد الدولة اللبنانية وضع خطة تواكب موجة النزوح هذه.
قلق لبناني
إلى ذلك، توقّع النائب ازدياد موجات النزوح في الأيام المقبلة، مبدياً تخوّفه من امتداد شرارة المواجهات في الساحل السوري إلى مناطق لبنانية، لاسيما أن ما حصل مؤخراً بين المنطقتين المجاورتين في مدينة طرابلس باب التبانة (ذات الغالبية السنّية) وجبل محسن (غالبية علوية) من توتر قبل أن يعالجه الجيش اللبناني، يعبث بالقلق".
من اللاذقية (فرانس برس)
وأضاف قائلا "نتخوّف من دخول طابور خامس للعبث بأمن الشمال، ونحن كعلويين تحت سقف القانون في لبنان وملتزمون بسياسة العيش المشترك، ونراهن على وعي أهلنا في الشمال كي لا يتم استغلالهم من أجل الفتنة".
كما ناشد الرئيس السوري أحمد الشرع "ضبط الأوضاع في الساحل كي يعود النازحون إلى مناطقهم".
وغصّت بلدة حكر الضاهري الحدودية في عكار بالنازحين الهاربين من المواجهات بالساحل السوري، مثلها مثل باقي القرى ذات الغالبية العلوية في عكار.
أكثر من 700 نازح في بلدة واحدة
وأوضح مختار البلدة علي العلي أن أكثر من 700 نازح أكثريتهم سوريون لجأوا إلى البلدة هرباً من المواجهات، وتوزّعوا على منازل البلدة، بحيث بات كل بيت في حكر الضاهري يستضيف أكثر من عائلة نازحة".
كما قال "إن النازحين لا يزالون يتدفقون باتجاه بلدتنا وبلدات أخرى في عكار عبر معابر غير شرعية، ونحن نعمل على تسجيلهم ضمن قوائم رسمية". ولفت إلى "أن إحدى الجهات المعنية وعدت بزيارة البلدة للوقوف على موجات النزوح وكيفية تقديم المساعدات للعائلات التي لجأت إلى حكر الضاهري العكارية".
"حالة رعب"
في حين روى أحمد وهو رب عائلة نزحت من بلدة في الساحل السوري باتّجاه عكار، معاناة النزوح هرباً من المواجهات الحاصلة.
وقال "عشنا حالة رعب في حكري الضاهري الموجودة في الداخل السوري".
كما أردف أنه "لن يعود وعائلته قبل أن يطمئن من أن أحداً لن يتعرّض لهم". وأضاف "لم نعلم من أتى إلى البلدة. كانوا ملثمين ويتنقّلون على سيارات مكشوفة بأسلحتهم".
إلى ذلك، رأى أحمد أن "كل من يستطيع الهروب من مناطق في الساحل السوري سينزح إلى لبنان، لأن الأوضاع مُخيفة"، وفق تعبيره.
ودخل هؤلاء النازحون إلى لبنان عبر معابر غير شرعية بعدما أخرجت الغارات الإسرائيلية المعابر الشرعية شمال لبنان (وعددها ثلاثة) عن الخدمة، فيما بقي فقط معبر المصنع الحدودي في البقاع شرق البلاد يعمل بشكل رسمي.