شريط الأخبار

لماذا الأردن وليس الدول الغائبة والمغيبة؟

لماذا الأردن وليس الدول الغائبة والمغيبة؟
كرمالكم :  

ماهر أبو طير

ليس مهما كل هذه الحملات الموجهة ضد الأردن في ملف مساعدات غزة، لأن المؤكد هنا أن من يحاول يتم رجمه ومحاربته، فيما يتم ترك من لا يحاول، وهذا امر غريب حقا، لكنه مفهوم الدوافع والاسباب والمحركات.

من بين عشرات الدول العربية والاسلامية يحاول الأردن قدر امكاناته ان يفتح ثغرة في جدار الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، لكن اللافت للانتباه ان الحملات الاعلامية ضده بلسان عربي، تحاول معاقبته واتهامه واثارة الشكوك بين الأردنيين، بل والتسبب بالندم والشعور بأن الأردني مهما حاول فإن هناك من يحاول ان ينتقص منه، ويمس سمعته بكل الطرق، وهذا يستهدف فض الأردنيين عن موقفهم بحق غزة، وفلسطين ايضا.

لا تجد ذات الطريقة بحق الدول العربية والاسلامية الغائبة والمغيبة، وكل طرف تجنب أزمة غزة سياسيا وإنسانيا، لم يتم شن حملات ضده.

الأردن أيضا لم يمنّ على أهل غزة، ولا يتصرف بهذه الروحية، وهو يدرك ان كلفة الدم والروح اغلى بكثير من مقارنتها بشاحنة طحين، او مساعدات غذائية، وهو ايضا لم يقل ان لديه القدرة لتأمين المساعدات لمليوني فلسطيني في قطاع غزة، لكن محاولات ادخال المساعدات جوبهت بحملات تقول إنها لا تصل، لأن الاحتياجات كبيرة جدا، والوضع كارثي، والذين يستلمون المساعدات عدد محدود مقارنة بعدد المحتاجين.

لو كانت الدول الغربية الشفافة التي لا تتساهل في المعايير المالية والأخلاقية لديها أي شكوك بحق الأردن لما واصلت إرسال المساعدات بالشراكة مع الأردن، برغم حملات التشويه التي نراها، والأردن هنا استطاع بناء تحالف أردني عربي دولي لصالح غزة، على صعيد الدعوة لوقف الحرب، ووقف الابادة، وإدخال المساعدات، والاعتراف بدولة فلسطينية من جانب دول حليفة تاريخيا لإسرائيل وأبرزها ألمانيا وبريطانيا، وهذا تحشيد يواصله الأردن بكل الطرق، لأنه يدرك أن وقف الحرب مؤقتا دون مسار سياسي، سيؤدي إلى نشوب حرب سابعة، وثامنة، يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني.

هناك حقد من المؤسسة السياسية الإسرائيلية على الأردن، ولولا تحالفات الأردن الدولية وضغطها وتأثيرها لواصلت إسرائيل منع إيصال المساعدات، وهذه المساعدات ليست تبييضا لسمعة الاحتلال كما يظن البعض للأسف، بل تأتي في إطار دور مستمر منذ الحرب، مثلما أن المستشفيات الميدانية الأردنية في غزة موجودة منذ عام 2007، وليست جديدة، لكن الأردن اليوم ومن خلال موقعه الدولي يحاول تغيير الواقع، لأنه يدرك أن الشعب الفلسطيني مضطهد، ولديه حقوق مثل شعوب العالم.

هذا يعني أن اللسان العربي في الحملات ضد الأردن ليس ضروريا أن يكون الأب البيولوجي لهذه الحملات، بل قد تكون الحملات مصدرها إسرائيلي في الأساس، ويتم تفعيلها عبر وسطاء وواجهات وجهات عربية من أجل إيقاع الضرر على الأردن، ومعاقبته على اتصالات التحشيد السياسي الذي لا يعرف عنه أغلبنا، وربما لم يتمكن الأردن من وقف الحرب مبكرا لأن هذا دور غيره أيضا إضافة إلى أن الحماية الأميركية توفر لإسرائيل حتى الآن حصانة أمام الإدانة الدولية بسبب الحرب، وأمام التحركات الأوروبية للاعتراف بدولة فلسطينية، فيما لا يتراجع الأردن عن دوره برغم الإدراك بوجود معادلات معقدة على صعيد اختلال القوى.

الأردن سيواصل دوره لصالح الغزيين، ودور المؤسسات الأردنية الرسمية والشعبية في جمع المساعدات مهم جدا، ولا بد من إطلاق مبادرات جديدة لمساعدة الغزيين، ويكفي ما نشهده دائما من وصول مرضى من غزة للعلاج في الأردن، وهو دور لا يتخلى الأردن عنه تحت وطأة كل هذه السموم التي تريد معاقبة الأردن على ما يفعله، وتترك غيره ممن لا يأبهون أصلا بغزة، ولا بأهل غزة، وهذه حالة يجب أن تثير السؤال.. لماذا الإساءة للأردن فقط، ومغفرة ذنوب البقية النائمة إذا كانت الدوافع وطنية أصلا؟.

الغد

مواضيع قد تهمك