شريط الأخبار

التحول الى الإعلام الرقمي المستقل.. حرية كاملة واستقلال تام عن الصحافة التقليدية وتجربة نقابة الصحفيين

التحول الى الإعلام الرقمي المستقل.. حرية كاملة واستقلال تام عن الصحافة التقليدية وتجربة نقابة الصحفيين
كرمالكم :  

بقلم: عدنان البدارين

في عصر الرقمنة والتواصل الفوري، لم يعد الإعلام حكراً على المؤسسات التقليدية أو مقيداً بنفوذ النقابات الصحفية القديمة. ملايين الأفراد أصبحوا، سواء بقصد أو غير قصد، منصات إعلامية مستقلة على فيسبوك وتويتر (X) وغيرها من المنصات الرقمية، ينقلون الأخبار، يعبرون عن الرأي، ويؤثرون في الرأي العام بشكل لم تعرفه الصحافة التقليدية.

هذا الواقع يفرض على الحكومات العربية تحديًا حقيقيا: كيف تنظم هذا الإعلام الرقمي المستقل دون أن تقيد حريته أو تعيده إلى مقاييس قديمة لا تناسب العصر؟

إعلان هيئة الإعلام الأردنية عن استكمال بناء نظام لتنظيم الإعلام الرقمي يشكل خطوة أولى نحو ترسيخ بيئة رقمية آمنة ومتطورة، لكنها تحمل في طياتها تحديا أكبر: كيف توازن الدولة بين حماية المجتمع من التضليل والتحريض، وبين السماح للناشرين بحرية كاملة لإنتاج محتوى إخباري مستقل؟

من أحد أهم العقبات أمام الإعلام الرقمي المستقل هو ارتباطه بالنقابات الصحفية التقليدية، التي رغم دورها التاريخي، أصبحت في كثير من الأحيان حاجزا أمام الأصوات الجديدة والمبتكرة.. أي تنظيم فعلي للإعلام الرقمي يجب أن يعلن فصلا تاما عن هذه النقابات، ويضمن استقلال الناشرين الفرديين أو الصغار عن أي اشتراطات تعجيزية. العضوية النقابية أو تراخيص باهظة الثمن لا يجب أن تكون شرطا لدخول السوق الرقمي، لأن الحرية الحقيقية تبدأ من القدرة على التعبير دون قيود.

الحرية المطلقة لا تعني الفوضى. الشفافية والمساءلة أساس أي نظام ناجح، لكن التركيز يجب أن يكون على المحتوى الضار: الأخبار الكاذبة المتعمدة، التحريض على العنف، أو التشهير الصريح. أما النقد البناء والآراء المخالفة، حتى لو كانت غير شعبية او لا تتوافق مع سياسات الحكومات، فلا يجوز أن تقمع أو تجرم. تنظيم الإعلام الرقمي يجب أن يضمن حرية التعبير، مع وضع خطوط واضحة ضد الضرر الفعلي للمجتمع، دون تحويله إلى أداة للرقابة الصارمة.

أي دولة تسعى لتنظيم الإعلام الرقمي المستقل يجب أن تتعاون مع المنصات الكبرى مثل فيسبوك وتويتر (X) لضمان تطبيق السياسات بشكل فعال، مع حماية حرية الناشرين. القوانين يجب أن تكون مرنة وقابلة للتكيف مع التطورات التكنولوجية والسلوكية، مع مراجعة دورية لضمان عدم التدخل في الحريات الأساسية أو خنق الابتكار.

وبدلا من الاعتماد على العقوبات وحدها، مثل قانون الجرائم الالكترونية، يجب أن يكون هناك استثمار حقيقي في التوعية الرقمية للجمهور والناشرين حول التحقق من المعلومات ومكافحة التضليل. الإعلام الرقمي المستقل يجب أن يكون منصة للتعلم، للتحقق، وللنقد البناء، وليس مجرد مساحة لقمع الأخطاء أو فرض الرقابة.

الهدف من التنظيم ليس تقييد الحريات، بل حماية المجتمع مع الحفاظ على روح الابتكار والتعبير الحر. الإعلام الرقمي المستقل يجب أن يظل ساحة مفتوحة للآراء والمعلومات، بعيدًا عن قيود النقابات التقليدية أو أي شروط تعجيزية. يجب أن يكون الفضاء الرقمي مكانًا للجرأة، والمهنية، والاستقلالية الحقيقية.

في الختام، الإعلام الرقمي المستقل ليس مجرد ظاهرة عابرة، بل امتداد طبيعي لتطور أدوات التعبير والتواصل. تنظيمه يجب أن ينظر إليه كفرصة لتعزيز الحرية، وتمكين المجتمع من الوصول إلى المعلومات الدقيقة، وضمان استقلال الإعلام الرقمي عن القيود القديمة التي لم تعد صالحة للعصر الرقمي.

ان أي قيود تعجيزية أو تدخلات غير مبررة في عمل الناشرين الرقميين ستقوض هذه الحرية وتقتل روح الابتكار قبل أن تولد.

مواضيع قد تهمك