شريط الأخبار

العلاقة بين الدولة والسلطة والمنظمة فى فلسطين

العلاقة بين الدولة والسلطة والمنظمة فى فلسطين
كرمالكم :  

السفير د. عبدالله الأشعل

يجرى الخلط فى الخطاب السياسى الفلسطينى والعربى بين ثلاثة مكونات فلسطينية هى منظمة التحرير الفلسطينة التى تأسست عام 1964 لتعبر عن الشعب الفلسطينى الذى أنكرته إسرائيل وفى عام 1975 اعترفت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالمنظمة كممثل شرعى وحيد للشعب الفلسطينى حتى تتعاقد على السلام فى فلسطين مع إسرائيل قبل أن تعلن إسرائيل عن خططها الحقيقية ونظرتها إلى فلسطين سكانا وأرضا وبدأ ذلك صراحة من جانب نتانياهو قولا وسلوكا خلال الفترة من 2021 حتى الآن، وتقدم خطوة أخرى عندما استصدر من الكينيست قانونين أحدهما 2017 وهو القاضى بإنشاء دولة يهودية خالصة فى فلسطين والهدف الاساسى التمسح فى اليهودية وطرد فلسطينى 1948 من داخل الدولة المحتلة قبل أن تتحول فى المرحلة القادمة إلى إسرائيل الكبرى وتضم كل فلسطين وأجزاء من دول عربية مجاورة. والقانون الآخر صدر 2023 ويقضى بحظر إقامة دولة فلسطينية فى فلسطين.

أما السلطة فهى حكم محلى انتقالى وإن تمت عن طريق الانتخاب وهى فى كل الأحوال نتاج إعلان أوسلو ولو طبق الإعلان بحسن نية من قبل إسرائيل لكانت مفاوضات الوضع النهائى قد تمت ولم يتضمن الاعلان إنشاء دولة فلسطينية وإنما كان يراد له أن يكون حكما ذاتيا بعد أن يتم تركيزالاتفاق على خمسة قضايا حجزت لمفاوضات الوضع النهائى للأراضى الفلسطينية ,

وعموما اتفاق أوسلو انتهى عام 2000 لأن أجله كان خمس سنوات من 1995 حتى 2000 والذى نقضه هو نتانياهو بعد أن كتب بيريز فى مذكراته أن أوسلو كانت محطة فى تنفيذ المشروع الصهيونى.

 وكان لأوسلو فوائد كثيرة بالنسبة لإسرائيل، بينما استمر معدل التراجع فى القضية الفلسطينية ومن مزايا أوسلو لإسرائيل ثلاثة رغم ان النقد المزعوم لايتوقف في اسرائيل.

الأولى: أنه هدأ الفلسطينيين والعالم وتفادت  به إسرائيل الضغوط.

الثانية: أن إسرائيل حصلت دون تحفظ على اعتراف عرفات بما عرف خطأ وثيقة الاعتراف المتبادل.

الثالثة: أنها صادرت على حق المقاومة وجلبت عرفات إلى فلسطين من تونس بعد أن أبعدته إسرائيل من بيروت عام 1982 مما مكنها من السيطرة عليه واغتياله.

وكانت أوسلو محطة أساسية نحو تحقيق أهداف المشروع الصهيونى وشجعت الأردن على ابرام اتفاقية السلام فى وادى عربة 1994. وكل ذلك ترتب على خطوات التقارب بين مصر وإسرائيل والسادات كامب دافيد والسلام. ولاعبرة بتهديد إسرائيل بإلغاء أوسلو فليست سارية، ولكن أى حقوق لفلسطين فى أوسلو تظل سارية بموجب القانون الدولى وليس بموجب أوسلو.

وأما الدولة فهى حلت محل المنظمة والسلطة وكان محمود عباس قد ارتكب خطأ سياسياً وقانونياً عندما جمع بين رئاسة السلطة والمنظمة والدولة.

فهو لم ينتخب لرئاسة الدولة. ومن العبث أن يجتمع الجميع فى نطاق المنظمة كلما أرادت كل المشروعات الهادفة إلى المصالحة بين الفصائل المقاومة وبين السلطة. والسلطة حاليا هى حكومة الدولة، وأبو مازن رئيس واقعى للدولة الفلسطينية.

والدولة الفلسطينية لاتعتمد فى قيامها على موافقة إسرائيل، ويمكن أن تكون أراضيها تلك المخصصة للفلسطينيين فى قرار التقسيم ويكون الجزء 21.5 % من مساحة فلسطين الإجمالية التى وافقت  الدول العربية فى مبادرة السلام العربية إهداءها لإسرائيل تؤول إلى الدولة الفلسطينية. والوصف القانونى الصحيح للدولة الفلسطينيية هى أنها اعلنتها الجمعية العامة 2012 وتحتلها إسرائيل وتقيد سيادتها. والاساس القانونى لاستقلال الدولة الفلسطينية عن إسرائيل هى: قرار التقسيم، الآراء الاستشارية لمحكمة العدل الدولية رأى الجدار العازل 2004 ورأى 2024  الذين حددا علاقة إسرائيل بأرض فلسطين خارج إسرائيل بأنها سلطة احتلال يجب أن تنتهى فوراً.

وأرجو أن يتعدل الموقف العربى بناء على هذا الإيضاح فتؤيد القمم العربية إزالة الاحتلال عن جسد الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس كلها استنادا إلى رفض قرار مجلس الأمن 478/1980 اعتبار القدس عاصمة إسرائيل وحظر نقل السفارات إلى القدس الشرقية وكذلك القرار 242 الذى أكد أن شرق القدس أراضى محتلة والدولة الفلسطينية التى يعترف بها الآن معظم أعضاء المجتمع الدولى عضوفى الكثير من المنظمات الدولية وليست عضواعاديا فى الأمم المتحدةبسبب الفيتو الأمريكى والغربى. ولكنها عضو مراقب وبهذه الصفة عضو فى محكمة العدل الدولية ورفعت أمامها دعوى ضد الولايات المتحدة لتلزم المحكمة واشنطن باحترام قرارات مجلس الأمن لأن واشنطن انتهكت هذه القرارات ونقلت سفارتها من تل أبيب إلى القدس الشرقية، خاصة وأن الكونجرس كان قد قررعام 2002 قبيل غزو العراق الاعتراف بأن القدس عاصمة إسرائيل الأبدية ورخص للرئيس فى الوقت المناسب نقل السفارة الأمريكية إلى القدس. ورغم أن الدعوى مرفوعة على الولايات المتحدة عام 2018 والقضية واضحة يكون قد مضى عليها سبع سنوات ويبدو أن واشنطن هددت قضاة المحكمة الدولية مثلما هدد الكونجرس بفرض عقوبات على الجنائية الدولية إذا أدانت إسرائيل وأمرت بالقبض على زعماء إسرائيل فلما تحدت الجنائية الدولية واشنطن قام الكونجرس بفرض عقوبات على المحكمة وقضاتها.

 وهكذا تحولت الدولة العظمى إلى معول هدم للقانون والقضاء الدوليين بسبب انحيازها للظلم الصهيونى، وإفلات إسرائيل من العقاب. والمطلوب رفع دعاوى ضد أمريكا أمام قضائها والقضاء الأوروبى وحبذا لو رفعت دعوى ضد ترامب شخصيا بسبب إسرائيل الكبرى والاستيلاء على غزة وإفراغ فلسطين من أهلهاوسوف نقدم الي المدعي العام للمحكمة مذكرة بهذا المعني.

كاتب ودبلوماسي مصري

رأي اليوم

مواضيع قد تهمك