محمد حسن التل
شكل الضغط الأمريكي على إسرائيل في مجمل تفاصيل ملف غزة حالة إرباك للحكومة الإسرائيلية التي لا زالت تكابر ولا تريد الاعتراف بأن سياسة البيت الأبيض لم تعد كما كانت في حالة تبعية كاملة لما تريده إسرائيل .. وهذا لا يعني أن الولايات المتحدة تركت بالكامل انحيازها لتل أبيب لكن مواقفها الأخيرة ظهر بها نوع من التوازن ليس حبا بالفلسطينيين بل من أجل المشاريع التي يخطط لها ترامب في غزة.. و ليسجل في رئاسته الثانية أنه إلى حد كبير أنجز في ملف الصراع في الشرق الأوسط!!
نتنياهو اليوم يدور داخل إطار أزمة معقدة وضع نفسه بها ودولته بسبب التورط بحرب عدمية استنزفت إسرائيل على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري، ووضعتها في عزلة على المستوى الدولي والإقليمي، بعد أن كانت الأبواب قد أصبحت مهيأة لها بأن تكون جزءاً من المنظومة الإقليمية والعربية !!
هو كان يراهن على الموقف الأمريكي المنحاز بالمطلق تاريخياً لإسرائيل، لكنه فوجئ ليس بتغير هذا الموقف بل بعقلية إدارة ترامب للملف الفلسطيني حسب رؤيته التي تضع مصلحة بلاده فوق كل مصلحة، ولم يعد الأمريكي يعتبر أن إسرائيل وحدها هي التي تحقق مصالحه في المنطقة، واكتشف أن هذه المصالح تتحقق عن طريق غير الطريق الإسرائيلي وبأقل تكلفة، وهذا تصور في الإدارة الأمريكية أحد أسبابه التغير الكبير في الرأي العام الأمريكي خصوصاً عند جيل الشباب الذي لا يعتبر إسرائيل أولوية بالنسبة للولايات المتحدة،
لذلك رأينا أن الموقف الأمريكي وقف إلى حد كبير في الوسط في ملف غزة، أدى إلى وقف إطلاق النار وإن كان ضمن هدنة هشة تخترقها إسرائيل كل يوم، وتصر على عدم الالتزام بما توافق عليه الوسطاء في ظل التزام كامل على جانب المقاومة في غزة، الذي أسقط من يد إسرائيل ورقة الرهائن حين أعادهم بكامل عددهم الأحياء منهموالأموات وقد اقتربت كثيراً المقاومة من إنهاء ملف الجثامين الإسرائيلية.
يتبين من الرؤية الأمريكية لمستقبل غزة أنها تريد إقصاء إسرائيل إلى حد كبير عن الترتيبات الأمنية والاقتصادية واتضح ذلك من خلال القرار الأمريكي الذي أخذ من إسرائيل ملف المساعدات الإنسانية، وهذا يؤشر إلى أن البيت الأبيض يدرك تماماً أن إسرائيل غير مؤهلة لإستلام هذا الملف لأنها تتعامل معه كأداة ضغط على الفلسطينيين وهذا ربما يكون سبباً في إعادة إشعال الحرب.
لم يخسر نتنياهو على هذا الجانب فقط بل خسارته تمتد إلى الداخل الإسرائيلي حيث سيواجه انتخابات في العام القادم، وكل المؤشرات تقول أن موقفه سيكون صعب ومحرج في هذه الانتخابات، لأن الرأي العام الإسرائيلي على مساحة كبيرة لم ير في الحرب على غزة إلا خسارة على المستوى القومي الإسرائيلي اقتصادياً وسياسياً، وعلى المستوى الدولي، وأن الأهداف التي أعلن عنها نتنياهو لحربه على غزة لم يتحقق منها شيء على مستوى إنهاء المقاومة أو إعادة الرهائن بالقوة، ولم يحقق شيء إلا على مستوى التدمير والقتل،
وهو يدرك رغم مكابرته أن تحالفه مع الأحزاب التلمودية سبب رئيسي في الأزمة التي يواجهها حيث يصر على الاستمرار في هذا التالف حفاظا على حكومته القائمة.
في المجمل الموقف الأمريكي الجديد الضاغط على حكومة نتنياهو والذي يتجاوز الكثير من المواقف الإسرائيلية جعل نتنياهو يعيش بشبه عزلة تامة، وبدا أنه يتخبط في تصرفاته وقراراته، ويتعلق بأمور صغيرة من أجل الاستمرار في المعاندة، ويختلق المعيقات على سبيل المماطلة وكسب الوقت، وقضية مقاتلي حماس المحاصرين في أحد الأنفاق في المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل التى اطلق عليها داخل الخط الأصفر تشير إلى ذلك بوضوح.
على الجانب الفلسطيني الرسمي فإن موقف السلطة الفلسطينية مأزوم ولا تحسد عليه، فهي تقاتل بأن تكون جزءاً من التسوية في غزة، وتحاول أن تكون على الأرض هناك، وهذا حتى تاريخه مرفوض وغير وارد في ذهن العاملين في الملف على الجانب الأمريكي والإسرائيلي، خصوصاً الموقف الإسرائيلي الذي يتخذ موقفاً معقداً من هذه الفكرة وبصراحة لم تكن مواقف كثير من السياسين في رام الله موفقة أثناء الحرب وحتى اليوم فجل تصريحاتهم الهجوم على الفصائل التي تقاتل في غزة واتهامها بأنها تقف عائقا أمام المشروع الوطني الفلسطيني ، ولم يجد الكثيرون من هؤلاء بأن الاعتداء الإسرائيلي ربما يكون فرصة لتلاحم الموقف الوطني من أجل مصلحة الشعب الفلسطيني الذي يدفع كلفة الصراع بين أجنحة السياسة الفلسطينية.... في المقابل لن تتحرك حماس كما يجب للتلاقي ولو بنصف الطريق مع رام الله ولو بالحد الأدنى في سبيل المصلحة الوطنية وردم الشرخ الذي كلف الفلسطينيين الكثير كما أشرت!!
من المحتمل أن يكون هناك فرصة للسلطة الفلسطينية بالتواجد ولو رمزيا على الأرض في غزة وأن ينجح الوسطاء بتحقيق ذلك على الأقل لحفظ ماء الوجه ..
في النهاية الإدارة الأمريكية هي التي ستحدد شكل القطاع الجديد حسب ما تراه أولا مصلحة لها و فرصة لتحقيق مشاريعها دون النظر الى آراء المتصارعين خصوصا أن إسرائيل تبين أنها في وقت ما وزمن جديد تابعة للقرار الأمريكي وأن قدسيتها في واشنطن تراجعت إلى حد كبير.
محمد حسن التل
شكل الضغط الأمريكي على إسرائيل في مجمل تفاصيل ملف غزة حالة إرباك للحكومة الإسرائيلية التي لا زالت تكابر ولا تريد الاعتراف بأن سياسة البيت الأبيض لم تعد كما كانت في حالة تبعية كاملة لما تريده إسرائيل .. وهذا لا يعني أن الولايات المتحدة تركت بالكامل انحيازها لتل أبيب لكن مواقفها الأخيرة ظهر بها نوع من التوازن ليس حبا بالفلسطينيين بل من أجل المشاريع التي يخطط لها ترامب في غزة.. و ليسجل في رئاسته الثانية أنه إلى حد كبير أنجز في ملف الصراع في الشرق الأوسط!!
نتنياهو اليوم يدور داخل إطار أزمة معقدة وضع نفسه بها ودولته بسبب التورط بحرب عدمية استنزفت إسرائيل على المستوى السياسي والاقتصادي والعسكري، ووضعتها في عزلة على المستوى الدولي والإقليمي، بعد أن كانت الأبواب قد أصبحت مهيأة لها بأن تكون جزءاً من المنظومة الإقليمية والعربية !!
هو كان يراهن على الموقف الأمريكي المنحاز بالمطلق تاريخياً لإسرائيل، لكنه فوجئ ليس بتغير هذا الموقف بل بعقلية إدارة ترامب للملف الفلسطيني حسب رؤيته التي تضع مصلحة بلاده فوق كل مصلحة، ولم يعد الأمريكي يعتبر أن إسرائيل وحدها هي التي تحقق مصالحه في المنطقة، واكتشف أن هذه المصالح تتحقق عن طريق غير الطريق الإسرائيلي وبأقل تكلفة، وهذا تصور في الإدارة الأمريكية أحد أسبابه التغير الكبير في الرأي العام الأمريكي خصوصاً عند جيل الشباب الذي لا يعتبر إسرائيل أولوية بالنسبة للولايات المتحدة،
لذلك رأينا أن الموقف الأمريكي وقف إلى حد كبير في الوسط في ملف غزة، أدى إلى وقف إطلاق النار وإن كان ضمن هدنة هشة تخترقها إسرائيل كل يوم، وتصر على عدم الالتزام بما توافق عليه الوسطاء في ظل التزام كامل على جانب المقاومة في غزة، الذي أسقط من يد إسرائيل ورقة الرهائن حين أعادهم بكامل عددهم الأحياء منهموالأموات وقد اقتربت كثيراً المقاومة من إنهاء ملف الجثامين الإسرائيلية.
يتبين من الرؤية الأمريكية لمستقبل غزة أنها تريد إقصاء إسرائيل إلى حد كبير عن الترتيبات الأمنية والاقتصادية واتضح ذلك من خلال القرار الأمريكي الذي أخذ من إسرائيل ملف المساعدات الإنسانية، وهذا يؤشر إلى أن البيت الأبيض يدرك تماماً أن إسرائيل غير مؤهلة لإستلام هذا الملف لأنها تتعامل معه كأداة ضغط على الفلسطينيين وهذا ربما يكون سبباً في إعادة إشعال الحرب.
لم يخسر نتنياهو على هذا الجانب فقط بل خسارته تمتد إلى الداخل الإسرائيلي حيث سيواجه انتخابات في العام القادم، وكل المؤشرات تقول أن موقفه سيكون صعب ومحرج في هذه الانتخابات، لأن الرأي العام الإسرائيلي على مساحة كبيرة لم ير في الحرب على غزة إلا خسارة على المستوى القومي الإسرائيلي اقتصادياً وسياسياً، وعلى المستوى الدولي، وأن الأهداف التي أعلن عنها نتنياهو لحربه على غزة لم يتحقق منها شيء على مستوى إنهاء المقاومة أو إعادة الرهائن بالقوة، ولم يحقق شيء إلا على مستوى التدمير والقتل،
وهو يدرك رغم مكابرته أن تحالفه مع الأحزاب التلمودية سبب رئيسي في الأزمة التي يواجهها حيث يصر على الاستمرار في هذا التالف حفاظا على حكومته القائمة.
في المجمل الموقف الأمريكي الجديد الضاغط على حكومة نتنياهو والذي يتجاوز الكثير من المواقف الإسرائيلية جعل نتنياهو يعيش بشبه عزلة تامة، وبدا أنه يتخبط في تصرفاته وقراراته، ويتعلق بأمور صغيرة من أجل الاستمرار في المعاندة، ويختلق المعيقات على سبيل المماطلة وكسب الوقت، وقضية مقاتلي حماس المحاصرين في أحد الأنفاق في المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل التى اطلق عليها داخل الخط الأصفر تشير إلى ذلك بوضوح.
على الجانب الفلسطيني الرسمي فإن موقف السلطة الفلسطينية مأزوم ولا تحسد عليه، فهي تقاتل بأن تكون جزءاً من التسوية في غزة، وتحاول أن تكون على الأرض هناك، وهذا حتى تاريخه مرفوض وغير وارد في ذهن العاملين في الملف على الجانب الأمريكي والإسرائيلي، خصوصاً الموقف الإسرائيلي الذي يتخذ موقفاً معقداً من هذه الفكرة وبصراحة لم تكن مواقف كثير من السياسين في رام الله موفقة أثناء الحرب وحتى اليوم فجل تصريحاتهم الهجوم على الفصائل التي تقاتل في غزة واتهامها بأنها تقف عائقا أمام المشروع الوطني الفلسطيني ، ولم يجد الكثيرون من هؤلاء بأن الاعتداء الإسرائيلي ربما يكون فرصة لتلاحم الموقف الوطني من أجل مصلحة الشعب الفلسطيني الذي يدفع كلفة الصراع بين أجنحة السياسة الفلسطينية.... في المقابل لن تتحرك حماس كما يجب للتلاقي ولو بنصف الطريق مع رام الله ولو بالحد الأدنى في سبيل المصلحة الوطنية وردم الشرخ الذي كلف الفلسطينيين الكثير كما أشرت!!
من المحتمل أن يكون هناك فرصة للسلطة الفلسطينية بالتواجد ولو رمزيا على الأرض في غزة وأن ينجح الوسطاء بتحقيق ذلك على الأقل لحفظ ماء الوجه ..
في النهاية الإدارة الأمريكية هي التي ستحدد شكل القطاع الجديد حسب ما تراه أولا مصلحة لها و فرصة لتحقيق مشاريعها دون النظر الى آراء المتصارعين خصوصا أن إسرائيل تبين أنها في وقت ما وزمن جديد تابعة للقرار الأمريكي وأن قدسيتها في واشنطن تراجعت إلى حد كبير.




