أكد قانونيون، أن عملية التبليغ الإلكتروني، تؤثر سلبا على منظومة العدالة، خاصة وأن قانون أصول المحاكمات المدنية لم تنص مواده على أي تبليغ عبر الرسائل الإلكترونية.
وأوضحوا، في تصريحات لـ”الغد”، أن التبليغات الإلكترونية جاءت فقط عبر أمر دفاع، إضافة إلى أنها قد تعد سبباً لإهدار بعض الحقوق إذا ما سعى المدعي لتبليغ خصمه بصورة غير دقيقة، كما أنها ستفوت المدد على أطراف التقاضي.
وفي هذا السياق، قال المحلل السياسي والباحث الدستوري، المحامي بشير المومني، إن هنالك تأثيرا كبيرا لعملية التبليغ الإلكتروني على منظومة العدالة، مبينا، أن “التجاوز عن عدم قانونية اللجوء ابتداء إلى هكذا منظومة للتبليغ، وبالتجاوز عن آخر قرار تمييزي الذي اعتبر التبليغ الإلكتروني دون المرور بالأصول المتبعة في قوانين الأصول الإجرائية للمحاكمات من مدنية وجزائية، فلا بد من الإشارة الى أن النظام الإلكتروني المعد لهذه الغاية أخفق عمليا في التعاطي مع منظومة العدالة وسيرها بالشكل الصحيح”.
وأوضح، أن النظام الإلكتروني، مثلا، غير قادر على قراءة كل مواعيد الجلسات للوكيل الواحد، ما ينشئ تصادما وتعارضا في المواعيد، وجعل حضور الجلسات متعذرا، ما يؤدي بالنتيجة الى إطالة أمد النزاع وإهدار العدالة معا لعدم وجود وكيل المدعي أو المدعى عليه حاضرا بالدعوى.
وتساءل المومني، “كيف يمكن التوفيق مثلا ما بين تبليغ صدر لنفس المحامي في مدن مختلفة لقضايا مختلفة في نفس اليوم والساعة أو في محاكم مختلفة؟”، مشيرا إلى أن هذا يعني بالضرورة وقوع اعتراضات أو استئنافات على قرارات الأحكام مما يطيل أمد التقاضي، في حين أن المطلوب والغاية من النظام هو تقصير مدة التقاضي واختصارها.
كما تساءل “كيف يمكن للوكيل أن يتفق مع المحكمة أو الوكيل الآخر في الدعوى على موعد جلسة معينة وكيف له ان يعود ليدخل في المحاكمة إذا جرت محاكمة موكله غيابيا أو بمثابة الوجاهي أو وجاهيا اعتباريا؟”، لافتا إلى أن النظام الإلكتروني غير قادر على التعامل نهائيا مع كل تلك الاشكاليات.
وأضاف المومني، “هل يعقل ان نسلم رقبة العدالة لنظام إلكتروني من صنيعة البشر يمكن العبث به أو اختراقه أو إسقاطه من النطاق الإلكتروني من خلال الهجمات السيبرانية؟”، مبينا، أن محامين كثر تعرضوا لمواقف لا يحسدون عليها عندما تعذر إيداع الأوراق والمستندات والمرافعات والمذكرات إلكترونيا.
كما تساءل “هل تستوي العدالة مع اعتماد تبليغ للائحة أو بينة أو موعد جلسة إلكترونيا قد لا يشاهدها الشخص المطلوب تبليغه إلكترونيا أو يتعطل جهازه الذكي أو يتم اختراقه؟”.
من جهته، أكد المحامي علاء مصلح الكايد، أنه قد تكون مسألة التبليغات بوجه عام من أكثر المسائل إشكالاً في ميدان القضاء، وهي سبب لتعطل الكثير من الحقوق في حالة مراوغة المدعى عليه.
ولفت إلى أن التبليغات قد تعد سبباً لإهدار بعض الحقوق إذا ما سعى المدعي لتبليغ خصمه بصورة غير دقيقة والتحصل على حكم لم يتسن لصاحبه الدفاع عن نفسه.
واعتبر أن بالتبليغ عبر الوسائل الإلكترونية أمر إيجابي بالمطلق من واقع الممارسة العملية، لافتا إلى أنه أداة فعالة تحقق الغاية من التبليغ القانوني وهو ورود العلم للمدعى عليه بوجود خصومة قضائية، كما أنها شكل من أشكال التطور التشريعي لقانون إجرائي لا بد له وأن يواكب التطور ويساير روح العصر كسائر التشريعات لا بل قبلها جميعا.
وشدد الكايد، على أن أهمية التبليغ بالوسائل الإلكترونية تكمن في كونه أكثر سرعة وأقل تكلفة وربما أكثر ضمانة لعلم المدعى عليه بالخصومة، نظرا لانتشار الأدوات الإلكترونية المختلفة، أي أنه يمثل نقلة نوعية ستنعكس حتما على أدوار المحاكمات من حيث الزمن اللازم لبدء النظر والسير فيها.
وأكد أنه “وطالما أن أحكام محكمة التمييز قد نصت حرفيا على أن مراحل التبليغ القضائي تبدأ من الذاتي إلى الإلصاق ثم النشر قد جاءت على سبيل الترتيب لا التخيير، أرى أنه من الضروري في المرحلة الأولى أن نبقي على التبليغات الورقية مع الإلكترونية دون مساس بالتبليغات القضائية في الصحف اليومية في حال تعذر الوسيلتين سالفتي الذكر عن تحقيق الغاية، بالتبليغ بالنشر وإن كان آخر وسائل التبليغ من حيث الترتيب، فهو قرينة أساسية للعلم بالخصومة وجدية المدعي بالحق الذي يدعيه”.
من جانبه، اعتبر المحامي علي نوفل، أن التبليغات القضائية الإلكترونية تعد مخالفة للقانون لأن قانون أصول المحاكمات المدنية لم يتطرق لهذا النوع من التبليغات، حيث إنها لا تعتبر وسيلة للتبليغ.
وأشار إلى أن أمر الدفاع يتدخل في القانون ويعدل عليه وهذا خطأ تشريعي، كما أن هذا التنوع من التبليغات يؤثر على منظومة العدالة.
وأوضح أنه في حال كان هاتف أحد أطراف التقاضي مفصول أو معطل لسبب ما، فإنه فرصة التقاضي ستفوته خاصة وأن هناك مددا قانونية لا يجب تجاوزها لتقديم البينات أو اجوبة على لوائح الدعاوى.
وبين نوفل أنه في حال لم يتمكن المتقاضي من الحصول على رسالة التبليغ، فإنه ستفوته مدد تقديم الطعون التي تنص عليها القوانين فإنه بالتالي يتم التأثير على منظومة العدالة.
ولفت إلى أن القانون حدد أنه لا يجوز التبليغ عبر وسيلة غير الوسائل المنظومة التي نظمها القانون، مؤكدا أن التبليغ الإلكتروني، سيؤدي إلى فقدان الكثير لباب رزقهم، على غرار وسطاء التبليغ بالنشر إضافة إلى الصحف الورقية التي تعتبر التبليغات الورقية من أهم مداخيلها لتأمين رواتب العاملين فيها.
قانونيون: “التبليغات الإلكترونية” تعيق منظومة العدالة

كرمالكم :