نقلا عن رأي اليوم
رأى المُستشرِق الإسرائيليّ، بروفيسور إيال زيسر، نائب رئيس جامعة تل أبيب، وخبير في التاريخ الحديث لسورية ولبنان والنزاع الإسرائيليّ-العربيّ، رأى أنّ رياحًا جيّدةً تهب من دول الخليج في اتجاه إسرائيل، لافتًا إلى أنّ اتفاقات أبراهام ليست رمالاً متحركةً، على حدّ وصفه.
وأوضح في مقالٍ نشره بصحيفة (يسرائيل هايوم) أنّه "ما إن انتهت الزيارة التاريخيّة لرئيس الدولة يتسحاق هرتسوغ إلى الإمارات، حتى بدأت زيارة لوزير الدفاع بني غانتس إلى البحرين لا تقل تاريخيةً عن الأولى، والاثنان شقّا طريقهما إلى هدفهما عبر أجواء الصديقة الأُخرى السعودية، على الرغم من أنّ المملكة تُفضّل التستر على علاقاتها مع إسرائيل وعدم إعلانها في المرحلة الحالية”.
ومضى قائلاً:”صحيح أنّ زيارة هرتسوغ كانت زيارة مجاملة بروتوكولية، لكن القواعد والرموز مهمة أيضًا، ففي النهاية، زيارات رؤساء الحكومات ووزراء الدفاع الإسرائيليين كانت سرية وبعيدة عن الأنظار بصورة عامة، وكانت الدول العربية تعتبرها اعترافًا بالواقع وأمرًا مفروضًا، وبهذه الطريقة كان يشرحها الحكام العرب لأبناء شعبهم. لكن زيارة هرتسوغ إلى الإمارات مختلفة، فقد كانت زيارة رسمية لرئيس دولة وتعبيرًا عن صداقةٍ حقيقيةٍ”، على حدّ تعبيره.
المُستشرِق زيسر شدّدّ على أنّ "دول الخليج لم تعد تتردد في إجراء مثل هذه الزيارات، ولا تسعى لإخفائها. بل على العكس، أصبح نشيد "هتكفا” (النشيد الوطنيّ للكيان) يُعزف علنًا، وهذا دليل على الثقة بالنفس، وبمتانة وأهمية العلاقات مع إسرائيل”.
"وما لا يقل أهمية عن ذلك”، أوضح زيسر، "الثقة بالتأييد الواسع الذي تحظى به اتفاقات أبراهام وسط الجمهور في دول الخليج. هذا هو الطابع الفريد للعلاقات بين إسرائيل وبين هذه الدول، مقارنةً بعلاقات إسرائيل الوثيقة والمهمة مع الدول المحيطة بها. ففي تلك الدول، لا يحاول الحكام تجنيد الجمهور لتأييد السلام، لأنّهم في معظم الأحيان يفترضون خطأً أنّ شعوبهم تعارض أيّ علاقةٍ أوْ صلةٍ بإسرائيل بسبب الأجواء المسمومة التي تنشرها وسائل الإعلام العربية”، كما قال.
زيسر أضاف إنّ زيارة إلى الإمارات هرتسوغ جاءت في وقت كانت هذه الدولة تتعرّض لهجومٍ بالصواريخ الحوثية من اليمن. صحيح أنّ الأيدي هي أيدي الحوثيين، لكن الصوت هو صوت طهران التي تقف وراءهم وتزودهم بالصواريخ التي يطلقونها بأوامر منها في اتجاه الإمارات، وربّما ذات يوم في اتجاه إسرائيل”.
"في مقابل ذلك”، تابع، "زيارة غانتس إلى البحرين جاءت مع اقتراب موعد التدريب البحريّ الكبير للأسطول الأمريكيّ الخامس، والذي تشارك فيه السعودية وعُمان، وللمرة الأولى إسرائيل أيضًا”.
وجزم المُستشرِق الصهيونيّ أنّ اتفاقات أبراهام غيّرت الصورة الجيو – سياسية في المنطقة، ونقلت إسرائيل، من وضع الدفاع في مواجهة وكلاء إيران الذين يحيطون بها في سورية ولبنان وغزة، إلى وضع الهجوم، وفي الواقع، إيران هي رأس الإخطبوط، ومن دونها يفقد الحوثيون وحزب الله و”حماس” والتنظيمات الإرهابية أهميتهم”.
"من هنا”، مضى قائلاً، "المطلوب هو ضرب رأس الإخطبوط، وليس أذرعته فقط. وبهذه الطريقة تستطيع إسرائيل النجاح في طرد طهران من سورية، وتؤسس لنفسها وجودًا عسكريًا بالقرب من السواحل الإيرانية، الأمر الذي يمكن أنْ يساعد دول الخليج في الدفاع عن نفسها في مواجهة الإيرانيين”.
بالإضافة إلى ما ذُكِر أعلاه، قال المُستشرِق:”يبدو أنّ اتفاقات أبراهام لم تكن حيلةً من حيل إدارة ترامب، كما يتضح خطأ الذين اعتقدوا أنّه بعد وصول بايدن إلى البيت الأبيض ستفقد دول الخليج اهتمامها بهذه الاتفاقات، وستغير توجهها وتتقرب من إيران”.
وخلُص المُستشرِق زيسر إلى القول إنّه "في الماضي، كانت إسرائيل دائمًا قوّة دفعٍ نحو إقامة علاقاتٍ مع الدول العربيّة، وأحيانًا، أكثر ممّا كانت ترغب فيه هذه الدول أو تسمح به لنفسها، ولكن، هذه المرّة تغيّرت الأمور، فدول الخليج تُظهر حماسةً، وكل ما يتعيّن على إسرائيل فعله هو الحرص على مواكبة وتيرة التغيُّر المذهلة”، كما أكّد.