حتى أكثر الصهاينة تزمتًا وتشدّدًا يُقِرون بالفم الملآن أنّه على الرغم من مرور ثلاثين عامًا على توقيع اتفاقية السلام بين الكيان والأردن، والمعروفة باسم اتفاق وادي عربة، في الـ 26 من شهر تشرين الأوّل (أكتوبر) من العام 1994، فإنّ النظاميْن الحاكميْن في كلٍّ من تل أبيب وعمّان فشِلا في الحصول على شرعية السلام من الشعب العربيّ-الأردنيّ، الذي ما زال يعتبر إسرائيل عدوًّا بكل ما تحمل هذه الكلمة من معانٍ.
وقد تناولت صحيفة عبريّة المخاوف في دولة الاحتلال الإسرائيليّ من تكرار سيناريو السابع من أكتوبر، لكن هذه المرة على الحدود الطويلة مع الأردن، والتي تبدو في الوقت الحالي هادئة.
وقالت صحيفة (إسرائيل هايوم) في تحليلٍ نشرته للكاتبة حنان غرينوود: "يبلغ طول الحدود مع الأردن 309 كيلومترات، وهي أطول حدود، وتبدأ في خليج إيلات، وتمر عبر منطقة العربة ومنطقة البحر الميت وغور الأردن ووادي بيسان، وتنتهي في منطقة حماة جنوب شرق مرتفعات الجولان، وفي المثلث الحدودي حيث يتدفق نهر اليرموك”.
ولفتت إلى أنّه "تمّ الاتفاق على الحدود في اتفاقيات الهدنة نهاية حرب عام 1949، ولكنها تغيّرت في نهاية عدوان يونيو من 1967، وتمّ تحديد الحدود في منطقة العربة، من البحر الميت إلى إيلات”.
ونقلت الصحيفة
عن مقدم في الجيش الإسرائيليّ، قوله إنّ الحدود مع الأردن ليست هادئةً تمامًا، فقد
تشهد فترة من الهدوء، وفجأة يظهر حدث مثلما جرى عند معبر (اللنبي)، وما أسفرت عنه
عملية من مقتل 3 إسرائيليين، مشيرًا إلى أنّ العمليات القاتلة تكررت أكثر من مرة.
وتابع قائلاً: "نستعد لمواقف صعبة، بما في ذلك الاستعداد لسيناريوهات شبيهة بأحداث السابع من أكتوبر، والتي حدثت في منطقة غلاف غزة”.
وبحسب الصحيفة فإنّ السياج على طول الحدود مع الأردن، تمّ بناؤه على شكل قطع متفرقة، فقد تمّ دمج أقسام السياج القديمة مع أقسام أحدث، وفي الأشهر الأخيرة انضمت إليه وسائل إلكترونية إضافية، مثل الرادارات والتي تساعد في مراقبة ما يحدث ومنع الاختراقات.
وذكرت الصحيفة أنّه خلال العامين الماضيين تمّ ضبط 630 قطة سلاح على الحدود مع الأردن، وتمّ إحباط 12 محاولة تهريب أسلحة العام الماضي.
وأكدت أن العشرات من الكشافة البدو يعملون على الحدود، وهم مقسمون إلى مناطق، ويعملون في الميدان على مدار الساعة، وفي بعض الأحيان تجري أنشطة ميدانية في محيط المنطقة الواقعة بين السياج والحدود المائية.
وأشارت الصحيفة، التي أكّدت أنّها اعتمدت على مصادر أمنيّةٍ رفيعةٍ في تل أبيب، أشارت إلى أنّه بالمقارنة مع الحدود المصرية، فإنّ هناك مزايا وعيوبًا في الحدود مع الأردن، مبينة أنّه "لم تصل بعد الطائرات دون طيار المخصصة للتهريب على هذه الحدود، مثلما يحدث على الحدود المصرية”.
واستدركت: "لكن ربما الأمر مسألة وقت قبل أنْ يبدأ استخدام الطائرات دون طيار في التهريب على حدود الأردن”، منوهة إلى أنّه منذ السابع من أكتوبر هناك جهود كبيرة، لتهريب الأسلحة القاتلة إلى داخل الضفة الغربية، مع التركيز على شمال الضفة الغربيّة المحتلّة.
ولفتت إلى أن هناك عملاً مكثفًا لمنع التهريب، لكن الخطر الأكبر هو سيناريو اقتحام المواقع الإسرائيليّة، عبر الحدود الشرقية الطويلة، والتي تعد هادئة نسبيًا حتى في وقت الحرب، مؤكدةً في الوقت عينه أنّ الدفاع عن هذه الحدود يشكل تحديًا كبيرًا.
ومن ناحيته شدّدّ المستشرق الإسرائيليّ إيلي فودا على أنّه "رغم الهدوء مع الأردن فإنّ عدم حلّ القضية الفلسطينية يضع النظام الأردنيّ في معضلةٍ تتمثل بكيفية الجمع بين ما يبدو أنهما متناقضان: مصالح المملكة ومطالب مواطنيها المتعاطفة مع الفلسطينيين، الأمر الذي تمثل في الحفاظ على أدنى مستوى ممكن من العلاقات الدبلوماسية مع تل أبيب، وفي نفس الوقت إدارة العلاقات السرية في المجالات العسكرية والأمنية والاستخباراتية”.
ولفت إلى أنّ "الأردن لديه أكثر من نصف سكانه من الفلسطينيين، وقد أدت التوترات في المسجد الأقصى والاعتداءات الإسرائيليّة على الفلسطينيين، إلى تدهور العلاقات بين عمان وتل أبيب، صحيح أنّ عودة السفير الأردنيّ منها والإدانات القاسية منذ فترة طويلة، أصبحت إجراءات متناسبة ومعتادة، لكنها لم تعرّض اتفاق السلام نفسه للخطر”.
وخلُص الأكاديميّ الإسرائيليّ إلى القول إنّه "رغم كل ذلك، يمكن الإشارة إلى أنّه كلّما استمرت الحرب، واستمرت معاناة الفلسطينيين في غزة، ولم تُقدِّم إسرائيل أفقًا للحل السياسيّ، فمن المرجح أنّ الأصوات الأردنيّة التي تدعو إلى اتخاذ إجراءاتٍ أكثر صرامةً ضدّ الدولة العبريّة تزداد قوّةً، وقد يكون لها تأثير على صناع القرار في المملكة”، على حدّ تعبيره.
رأي اليوم