خاص - مروة البحيري
حسنا فعلت الأجهزة الأمنية بحملاتها الناجحة لتنظيف مناطق الاردن من اصحاب الاتاوات و حربها على تجار ومروجي المخدرات.. وبات ملحا اليوم ان تلقي هذه الاجهزة بالا واهتماما الى ظاهرة الحوادث المفتعلة التي لا تقل أهمية عن الجرائم السابقة من حيث ترويع المواطنين وضيوف الاردن والسياح من كافة الجنسيات وايقاع الظلم والافتراء عليهم وسلبهم مالا بالتهديد والاكراه.. هذه القضية التي باتت ظاهرة مقلقة تتكرر، بل اصبحت تتخذ شكل "العصابات" بمشاركة فتيات وضمن سيناريوهات فيها "المؤلف والممثل والمخرج" الذين يحاصرون الضحية "السائق" ويتآمرون عليه ويأخذون ماله..
افتعال الحوادث قضية قديمة متجددة ونتشط بالصيف مع قدوم الزوار واستئجار السيارات السياحة لكنها اليوم أكثر تنظيما وتنوعت فيها الاساليب وكثر عدد المشاركين، ما أدخل مكاتب تأجير السيارات السياحية في دوامة الحوادث المفتعلة اليومية الى جانب ايجاد صورة مشوهة لهذا البلد عند الزوار والسياح ويعزز من صورة "البلطجة".
والتقت كرمالكم بعدد من اصحاب مكاتب تأجير السيارات السياحية وهم يطلقون نداء استغاثة لوقف هذه الظاهرة والى تعاون أكبر من الجهات الأمنية لوئدها.
وكشف اصحاب المكاتب عن بؤر معينة ينشط بها مفتعلو الحوادث ليصطادوا ضحاياهم وعلى رأسهم الزوار القادمين من الاراضي المحتلة حيث يوجد ما يقارب 13 مكتب تأجير سيارات سياحية وبالتالي يتربص مفتعلو الحوادث بالزوار القادمين سواء للعلاج او الزيارة او تجديد اوراق رسمية فيتبعوهم منذ بداية الانطلاق، وبالوقت المناسب تقترب سيارتان -وعلى الاغلب تكون حديثة ومظللة- ثم تقوم السيارتان بمحاصرة السائق عن اليمين والشمال وافتعال حادث او الادعاء بوقوع حادث .. واضاف اصحاب المكاتب غالبا ما تكون هذه السيارات المفتعلة للحوادث بها عيوب واضرار سابقة مثل الجناح او الضوء المكسور او ضرر في احد الابواب .. وهنا تبدأ المسرحية باتهام سائق المركبة السياحية بعمل حادث وتبدأ المساومة ويتدخل سائق السيارة الاخرى ليقنع سائق السيارة السياحة بدفع مبلغ يصل الى 500 دينار او اكثر حسب الضرر تجنبا للكروكة والذهاب الى مركز الشرطة والمحكمة، وما يترتب عليه من تأخير و"بهدله".. ثم يتدخل سائق السيارة الثالثة التي تتبع السيارتين عن بعد كوسيط خير وناصحا امينا لزائر الاردن بدفع المبلغ..!
واشار اصحاب المكاتب الى وجود اكثر من شخص في السيارة الواحدة ويتنكرون بلبس البدلات وهيئة الرجال المحترمين علما بأن اغلبيتهم من اصحاب السوابق في السرقة والايذاء واطلاق العيارات النارية وهم معروفون لدى مراكز الامن ويتم القبض عليهم احيانا ثم يخلى سبيلهم بكفالة ليعاودوا فعلتهم مرارا وتكرارا.. كما تشارك النساء في هذه الظاهرة من خلال تواجدهن المتعمد داخل السيارات وادعاءهن بانهن "حوامل" ليضفن على هذه الدراما السوداء اثارة وعامل ضغط أكبر على سائقي السيارات السياحية.
وكشف اصحاب المكاتب السياحية عن بؤر اخرى تنشط فيها هذه العصابات الى جانب جسر الملك حسين وهي منطقة الجوازات في طبربور باتجاه المدينة الرياضية حيث يصطاد مفتعلي الحوادث زوار الاردن سيما من الاراض المحتلة لدى مراجعتهم الجوازات مستغلين انشغالهم ورغبتهم في اتمام معاملاتهم دون تأخير، وعند انتهاء دوام الجوازات ينتقلون الى بؤرة ثالثة وهي شارع مكة والمدينة المنورة ثم مرج الحمام باتجاه ناعور والعدسية.. وهكذا.. حيث تصل المبالغ التي يحصلونها من النصب والبهتان يوميا الى الاف الدنانير!
واوضح اصحاب المكاتب ان الاجراءات المتبعة لدى الاجهزة الأمنية غير كافية حيث يتم تبليغ المشتكي بالقدوم الى مركز الامن وتقديم شكوى وتحويل القضية الى المحكمة وطلب اسم مفتعل الحادث او الذهاب الى المتصرف ورفع شكوى من قبل الشخص المعني (اي الضيف زائر الاردن) وهذه الاجراءات تدفع بالسائق الى القبول بالامر الواقع سيما ان كثير منهم قادمين للعلاج او مرتبطين بزيارة قصيرة لا يمكن لهم ان يقضوها في مراكز الامن والمحاكم.
وفي المجمل تبقى قضية الحوادث المفتعلة ملف خطير مفتوح لا بد ان تتخذ فيه الاجهزة الأمنية اجراءات اشد اسوة بالحملات على اصحاب الاتاوات وتجار المخدرات التي آتت أكلها، حتى لا تبقى مكاتب السيارات السياحية تحت سكين المبتزين مفتعلي الحوادث، وتجنيب زوار الاردن والسياح عربا واجانب التهديد والسرقة تحت ذريعة "حادث"!