شريط الأخبار

الحكومة تدرك معاناة المواطنين.. وبعدين؟!

الحكومة تدرك معاناة المواطنين.. وبعدين؟!
كرمالكم :  
عبدالله المجالي
أسهبت الحكومة في تدبيج الجمل والعبارات التي تؤكد أنها تدرك واقع المواطنين ومعاناتهم، ولم يبق سوى أن تقسم بكتاب الله العزيز أنها لا تعيش في برج عاجي!
خطاب الموازنة الذي ألقاه وزير المالية في حضرة النواب الأكارم حمل كل معاني التضامن والإحساس والشعور بالمواطنين المساكين، ولم يكن ينقصه سوى قليل من "ادموع ادموع" على رواية غوار الطوشة في مسرحية "غربة".
تقول الحكومة إنها تدرك بأن الألم الاقتصادي والصعوبات المالية التي يعيشها أهلنا حقيقية.. نراها أرقاماً.. ونراها في حياة الناس.. نراها في معاناتهم التي نلحظها بقلب يخفق بالألم. 
وتدرك الحكومة أن الشعور بالإحباط الذي يهدد شبابنا الباحث عن العمل حقيقي. 
وتدرك الحكومة أن هناك انخفاض في القوة الشرائية في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة.
تدرك الحكومة تشوه العبء الضريبي بارتفاعه على الطبقة الوسطى بدلاً ممن هم أكثر دخلاً، واعتماده على الضرائب الاستهلاكية غير المباشرة على حساب ضرائب الدخل العادلة التي تميز بين الغني والفقير.
تدرك الحكومة التراجع في مستوى الخدمات والبنية التحتية بعد سنوات من تخفيض الإنفاق الرأسمالي.
تدرك الحكومة مخاطر استمرار ارتفاع العجز في الموازنة وتراكم الدين العام.
ترى ماذا أبقت الحكومة للمعارضة!!
من الجيد أن تكون الحكومة تدرك فعلا المعاناة التي يعيشها المواطنون، لكن الأهم هو ما الذي ستفعله لعلاج تلك المشاكل؟
لم تكذب الحكومة خبرا، فبعد تراجيديا الإدراك، بدأت دراما "قطع اليد والشحدة عليها" و"العين بصيرة واليد قصيرة".
بعد ذلك بدأت مسلسل التنقيط لنصل إلى الحقيقة المرة؛ فـ"الحكومة تؤمن إيماناً تاماً بأن تحقيق الأهداف المشروعة للمواطنين يتطلب إعداد الاستجابة التي توازن بين متطلبات استقرار الاقتصاد وطموحات المواطنين، ضمن سياق يتسم بالواقعية بعيداً عن الوعود المبالغ فيها غير القابلة للتحقيق".
و" نحن نقف بين ضاغطين كبيرين، ضاغط يتعلق بأزمة المواطن المعيشية، وضاغط آخر يتعلق بمالية الدولة وأولوية الحفاظ على استقرارها".
ثم استجمعت الحكومة قواها وكفكفت دموعها وعالجت حشرجتها، وقالت بصوت خافت لكنه مسموع "ما الكم إلا الصبر"، "ما الكم إلا تتحملوا الألم"!! 
ثم بدأت مسلسل "العقلانية" و"الواقعية" وأنها "لا تريد أن تضحك على الناس وتبيعهم الوهم"!
"نعلم علم اليقين أن لا بديل عن الاستمرار بعملية الإصلاح المالي والاقتصادي والإداري دون تأخير أو ترحيل، عبر اتخاذ قرارات تسكينية من شأنها أن تستنزف إمكاناتنا ومواردنا بصورة غير مستدامة". أما المبرر فهو جاهز "لأننا لا نقبل بأن نسمح لكلفة أي تأخير بالإصلاح أن تتراكم على كاهل الأردنيين مستقبلاً في شكل فقدان الاستقرار المالي والاقتصادي"!!
المسلسل الحكومي كان سيكون مقنعا  لو كان في حلقته الأولى، أما وأنه ربما في حلقته العشرين فإنه يبدو مسلسلا "سخيفا"، فالسيناريو معاد ومكرور، وقصة كلفة تأخير اتخاذ القرارات الصعبة، والقرارات التسكينية، وترحيل الأزمات للأجيال اللاحقة، قالتها الحكومات السابقة منذ أكثر من ثلاثين عاما، وكانت المبررات هي هي يوم تم رفع الدعم عن السكر والرز، ويوم تم رفع أسعار الخبز في التسعينات، ويوم بعنا القطاع العام ودخلنا مرحلة الخصخصة، ويوم حررنا أسعار المحروقات، ورفعنا أسعار المياه والكهرباء، ويوم رفعنا الدعم عن الخبز، ويوم ويوم... والنتيجة كانت ارتفاع المديونية وعجز الموازنة وارتفاع نسب الفقر والبطالة، وتدهور القوة الشرائية للمواطنين.
فلماذا يجب أن نصدق هذه الحكومة؟ّ!
السبيل

مواضيع قد تهمك