شريط الأخبار

إعادة إعمار سورية.. هل حسم الأمر؟

إعادة إعمار سورية.. هل حسم الأمر؟
كرمالكم :  

مكرم أحمد الطراونة

منذ تغيير الحكم في سورية، يقف الأردن بكل ثقله الدبلوماسي إلى جانب الأشقاء، خصوصا أنه كان من أكثر المتضررين من الحكم السابق، الذي كان يدير بلدا من منطق العصابة، ليدخل إليها كل أصناف المليشيات، ويسهل تجارة المخدرات التي أغرق بها المنطقة بأكملها.

الأردن الذي سارع بالترحيب والاعتراف بالحكم الجديد، نظر إلى هذا التغيير على أنه قد يشكل نهاية سعيدة لأزمة الحدود الشمالية الشرقية، والاستنزاف الكبير الذي تتعرض له قوات حرس الحدود. لكن هذه "النهاية السعيدة" لم تأت بعد، فعبء حماية الحدود ما يزال تتكفل به قواتنا وحدها، بسبب ضعف التأهيل والتدريب للقوات السورية على الجانب الآخر، ولربما أيضا، بسبب "التواكل" الذي تنظر به القيادة الجديدة للأردن، فما دام قادرا على إدامة حماية الحدود، فيبدو أنها لا تفكر بالانخراط في الأمر خلال الفترة الحالية.

 لكن الأمر يتعدى الشراكة في حماية الحدود، فمنذ قيام الدولتين شكلت كل واحدة فيهما عمقا إستراتيجيا للأخرى، علاوة على التشابك الاجتماعي بالقرابة والنسب على طرفي الحدود، وهو ما تجلى بلجوء كثيرين إلى الأردن في أعقاب نشوب الحرب في بلدهم، لا كلاجئين، ولكن كـ"ضيوف" على أقاربهم وأنسبائهم.

كما أن حركة التجارة بين البلدين، ظلت على الدوام في زخم متصاعد، وقد شكلت البلدات الحدودية كالرمثا ودرعا، مراكز تجارية ضخمة وزعت التجارة على مختلف مناطق البلدين.

اليوم، ونحن نراقب التصريحات الرسمية الصادرة عن دمشق، لا بد أن نشعر بالغبن الشديد، فوزير الخارجية السوري أسعد الشيباني يصف لقاءات أنقرة بأنها "بناءة ومثمرة"، وفي الوقت الذي يبين فيه اتفاقه مع وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي على عقد قمة حكومية بدمشق قريبا، يكشف عن "العمل على وضع اللمسات الأخيرة على اتفاقات مع تركيا لإعادة تأهيل البنية التحتية في البلاد".

منذ بداية تسلم الحكم الجديد إدارة دفة البلاد في سورية، تطوع الأردن بعرض العديد من المشاريع المهمة على جيراننا، مثل تزويد بعض المناطق بالكهرباء، وتدريب قوى الأمن، وجعل الأردن مركزا إقليميا للشركات الراغبة في المساهمة ببناء التحتية، وأيضا بالمشاركة الفعلية في هذا البناء.

لكن الأردن لم يحظ حتى اليوم بأي رد عملي على مثل هذه المبادرات، وهو ما قد يجعله يتوجس من أن أطرافا معينة مهيمنة على جميع المشاريع المستقبلية في إعادة إعمار البلد الشقيق، وقد لا يتسنى للدول الأخرى وشركاتها المنافسة في هذا السياق.

بالتأكيد، فإن استقرار سورية ركيزة أساسية لاستقرار المنطقة، وهو أولوية كبرى للأردن الذي عانى كثيرا؛ سياسيا واقتصاديا وأمنيا، بسبب أكثر من عقد من النزاع المسلح في سورية. ولكن، وأيضا، مهم جدا، أن لا يتعامل الحكم الجديد بهامشية وبرود مع مبادرات الأردن، والذي يريد أن يتخطى إرباكات النظام السابق، والكوارث التي جرها على المنطقة، وتأثيراتها الواسعة على المملكة.

الأردن بإمكانه أن يسهم في إعادة إعمار الجنوب السوري، وهو قادر على التعامل مع المكونات الاجتماعية فيه، خصوصا أن معظم اللاجئين في المملكة هم من أبناء مناطق الجنوب السوري، وقد استطاع أن يبني معهم علاقة قوية.

الغد

مواضيع قد تهمك