تزداد العزلة في الغرب للكيان، بسبب الإبادة الجماعيّة التي يرتكبها الاحتلال في قطاع غزّة، وأمس انتشر على مواقع التواصل الاجتماعيّ فيديو يُظهِر الشرطة الإسبانيّة في إقليم فالينسيا، وهي تُنزِل بالقوّة حوالي 30 راكبًا إسرائيليًا قاموا بالغناء باللغة العبريّة وأثاروا الضجيج في الطائرة التي كانوا على متنها، ومن ثمّ اعتقلوا لاستكمال التحقيق.
وهذا الحدث "الهامشيّ” يؤكِّد للجميع
أنّ ما كان لم يعُد قائمًا في تعامل السلطات الغربيّة مع عنجهية واستعلاء واستكبار
الإسرائيليين في أوروبا، وتأتي هذه الحادثة في الوقت الذي يتصاعد فيه المدّ
المُعادي لإسرائيل، وليس لليهود، في القارّة العجوز، وفي مناطق أخرى بالمعمورة.
إلى ذلك، قال المُحلِّل، إيتاي روم، في
مقالٍ نشره بصحيفة (هآرتس) العبريّة: "لم يكن وضع إسرائيل الدولي يومًا أسوأ مما
هو عليه الآن، لكن إذا لم يطرأ تغيير جذري على سياسة الحكومة فسنتحسر على هذه
الأيام، حين كان التوجه الدوليّ يقتصر على الاعتراف بدولة فلسطين إلى جانب
إسرائيل، وليس مكانها، سنتحسر على الأيام التي كانت فيها دول الغرب تحرص على تقييد
اعترافها بالدولة الفلسطينيّة بسلسلةٍ من الشروط المهمة، سنتحسر على الأيام التي
كان فيها زعيم السلطة الفلسطينية يدعو (حماس) إلى التخلي عن سلاحها.”
وفي هذا السياق، ذكرت الإذاعة الإسرائيلية (كان) "أن سلوفينيا أعلنت رسميًا عن فرضها حظر سفر لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، لتنضم هذه الخطوة إلى سلسلة الإجراءات التي اتخذتها سلوفينيا ضد إسرائيل منذ اندلاع الحرب على غزة، حيث قامت بخطوة مماثلة في السابق وفرضت حظر الدخول على الوزيرين إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش باعتبارهما "شخصيتين غير مرغوب فيهما”.
وقالت: "علاوة على ذلك، كانت سلوفينيا
من بين أوائل الدول التي تعترف بدولةٍ فلسطينيّةٍ، وفرضت حظرًا على تصدير الأسلحة
إلى إسرائيل”.
وقال روبرت غولوب رئيس وزراء سلوفينيا
بعد الاعتراف بدولة فلسطينية إنّ "الفظائع التي نشهدها يوميًا في غزة لا تُحتمل
ويجب أنْ تنتهي”، بحسب الإذاعة، مضيفًا: "جميع إجراءات هذه الحكومة، بما في ذلك
قرار اليوم ببدء عملية الاعتراف بدولةٍ فلسطينيّةٍ، تهدف تحديدًا إلى إنهاء
الفظائع في غزة في أسرع وقتٍ ممكنٍ”.
إلى ذلك، قالت صحيفة (كالكاليست)
الاقتصادية العبريّة إنّ "الزخم الدبلوماسي السلبيّ لإسرائيل تصاعد هذا الأسبوع،
في إطار مناقشات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، الحدث الدبلوماسي
الدولي الأهم هذا العام”.
وأوضحت الصحيفة، في تقرير، أنّه "بينما
كان العالم اليهودي يحتفل برأس السنة، سُجِّل تسارُع كبير في موجة الاعتراف
الدوليّ بالدولة الفلسطينية، إذ أصدرت بريطانيا وكندا وأستراليا والبرتغال بيانات
رسمية بالاعتراف بها”.
وتابعت: "في اليوم التالي، انضمّت
فرنسا أيضًا، إلى جانب بلجيكا ولوكسمبورغ ومالطا وموناكو وأندورا، خلال مؤتمر
عُقِد في نيويورك تحت عنوان (تسوية سلمية للقضية الفلسطينية وحلّ الدولتين)”.
وذَكَرت الصحيفة أنّ "هذه الخطوة
الواسعة في الاعتراف بالدولة الفلسطينية تأتي بعد نحو عامين من بداية الحرب في
غزة، على خلفية القلق من تصعيدٍ محتمَلٍ في مناطق مختلفة من الشرق الأوسط بما فيها
الضفة الغربيّة، وما بدا على أنّه القضاء على أيّ فرصةٍ للعملية السياسية”.
عُلاوةً على ما ذُكِر آنفًا، لفتت
الصحيفة إلى أنّ "الدول التي تدفع بالاعتراف بالدولة الفلسطينية تقول، إنّ هذه
المبادرة نشأت كجزءٍ من البحث عن أدوات (خارج الصندوق) لتغيير الديناميكية
الإقليمية، تشمل، ليس فقط التصريحات السياسية، بل أيضًا الضغط الاقتصادي المتزايد
على إسرائيل”.
ونبّهت إلى أنّ "الاعتراف الواسع
بالدولة الفلسطينية يعزّز، بالنسبة إلى الفلسطينيين، شرعية اتخاذ إجراءات في
المحاكم الدولية ضد إسرائيل، وطلب تدابير مؤقّتة أوْ آراء استشارية، كما يُسهّل
انضمامهم إلى المؤسسات الدولية بوضعية عضوية كاملة”، فـ”من الناحية القانونية،
وكذلك على أرض الواقع، فإنّ خطوة الاعتراف بحد ذاتها لا تُعَدُّ تغييرًا في الوضع
الإقليميّ ولا تغييرًا اقتصاديًا حتميًا. مع ذلك، تُعَدُّ خطوة مهمّة أخرى تُضعِف
الدعم الدوليّ لإسرائيل وإجراءاتها، ممّا قد يزيد من صعوبة موقفها في المنتديات
متعدّدة الأطراف”، بحسب الصحيفة.
واعتبرت الصحيفة أنّ "حجم الاعتراف
الكبير بالدولة الفلسطينية يمكن له أنْ يخلق اتجاهًا لخطواتٍ طوعيةٍ من المؤسّسات
المالية ضد إسرائيل”، موضحةً في هذا السياق بعض الخطوات مثل "تشديد الفحوصات، أوْ
تسعير أعلى للأخطار، وبالتالي زيادة العبء على الاكتتابات، التأمين على الأخطار،
وسلاسل الإنتاج العالمية المرتبطة بإسرائيل”.
وشدّدّت على أنّه "برغم أنّ الولايات
المتحدة ليست شريكًا في هذه التحرّكات وتعارضها بشدة، فإنّ الاتجاه في أوروبا يخلق
شعورًا في الأسواق معاديًا لإسرائيل لا يمكن تجاهله”.
ومع ذلك، رأت الصحيفة في الختام أنّه
"على المدى المتوسط والطويل، تعتمد التأثيرات أيضًا على رد الفعل الإسرائيليّ (مثل
تسريع البناء في الضفة الغربية، ضم أراضٍ، العقوبات ضد السلطة الفلسطينية) وتفسيره
دوليًا، ناهيك عن أنّ الموافقة على حزمةٍ عقابيّةٍ من الاتحاد الأوروبيّ قد تخلق
سابقةً خطيرةً تشجّع على اتخاذ مزيدٍ من إجراءات العقاب من جهاتٍ أخرى”.
إلى ذلك، نشرت صحيفة (هآرتس) العبرية، مقالاً لحوار أجرته مع المؤرخ اليهوديّ البريطانيّ المعروف آفي شلايم، حمل عنوان "سئم المؤرخ الإسرائيلي آفي شلايم من الصهيونية، والآن ينحاز إلى حماس”.
وذكّرت الصحيفة بتصريحاتٍ سابقةٍ لشلايم بعد هجوم أكتوبر 2023، حين قال، إنّ حماس هي "الجماعة الفلسطينيّة الوحيدة التي تقف في وجه الاحتلال الإسرائيليّ، وأنّه بشنّها الهجوم على إسرائيل، وجّهت حماس رسالةً قويةً مفادها أنّ الفلسطينيين لن يُهمّشوا، وأنّ المقاومة الفلسطينية لم تنتهِ، ورغم تعاون السلطة الفلسطينيّة مع إسرائيل في الضفة الغربية، ستواصل حماس قيادة النضال من أجل الحرية والاستقلال الفلسطينيّ”، طبقًا لأقواله.
رأي اليوم