فهد الخيطان
تبدو خطة ترامب لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، أكثر جدية من جميع المحاولات السابقة. كما أنها أكثر شمولا، في مقاربتها لليوم التالي للحرب، ومستقبل القطاع بعد المرحلة الانتقالية.
الأمر الآخر الذي يمنح الخطة قدرا من حظوظ النجاح، قمة نيويورك التي جمعت الرئيس ترامب بأبرز قادة الدول العربية والإسلامية. سبق القمة مشاورات بين الطواقم السياسية في هذه الدول ومسؤولين في الإدارة الأميركية، تم خلالها أخذ ملاحظات ومطالبات الدول المعنية بعين الاعتبار، لعل أهمها تعهد واشنطن بعدم السماح لحكومة نتنياهو بضم الضفة الغربية، واحترام الوضع القائم في الأماكن المقدسة في القدس، ومنع التهجير القسري لسكان القطاع، وربط الخطة بأفق سياسي "قد" يفضي إلى قيام دولة فلسطينية في المستقبل.
تصريحات ترامب بعد القمة أعطت الانطباع بأن قادة الدول المجتمعين، دعموا الخطة الأميركية. لكن باستثناء مصر التي أعلنت دعمها، لم تصدر بيانات رسمية من الدول المشاركة في القمة تعلن بشكل رسمي موقفها.
الخطة الأميركية تتضمن تفاصيل كثيرة، لكن أبرز ما لفت الانتباه، ما ورد بشأن هيئة إشراف دولية، تدير القطاع، يبدو أن توني بلير هو المرشح الأبرز لترؤسها. هذا يعني أن خطة ترامب تستند في الأساس لمشروع بلير وكوشنر، الذي تبلور في الأسابيع الأخيرة، وجرى عرضه على ترامب لأخذ مباركته، قبل أن تعاد صياغته على نحو يضمن قبوله عربيا وإسلاميا.
لكن مهلا، ماذا عن موقف نتنياهو وحماس من الخطة؟
من المؤكد أن فريق نتنياهو على علم بكامل تفاصيل الخطة قبل عرضها في اجتماع نيويورك. وقال الرئيس الأميركي في اليوم التالي للاجتماع إنه تحدث مطولا مع نتنياهو حول الخطة. على الجانب الآخر ذكرت وسائل إعلام عبرية أول من أمس أن قيادة حماس اطلعت على بنود الخطة من الجانب القطري، وأعطت موافقة مبدئية عليها.
كل هذه المؤشرات لا تكفي للتفاؤل. يصعب على المتابع لأحداث هذه الحرب المأساوية، أن يجاري ترامب في تصريحاته المتفائلة بقرب التوصل لصفقة تنهي الحرب على غزة، فلو أخذنا ما يقوله بهذا الخصوص على محمل الجد، لكان من المفترض أن تكون الحرب قد انتهت قبل سنة تقريبا.
المحاولة كما قلنا أكثر جدية من سابقاتها، لكن نتنياهو سيزور البيت الأبيض اليوم، وعلينا أن ننتظر إلى ما ستفضي إليه الأمور. ثمة بنود في الخطة لا يتخيل المراقبون أن يوافق عليها نتنياهو، وإلا انهارت حكومته الائتلافية، كالتعهد رسميا بعدم ضم الضفة الغربية، ومنح السلطة الفلسطينية، التي انتقدها في خطبته بالأمم المتحدة أكثر من حماس، دورا في مستقبل القطاع. هل يمكن لنتنياهو أن يتخلى عن السيطرة الأمنية على القطاع، وأن يقبل بمنطقة عازلة فقط دون تواجد عسكري داخلها؟.
هذه الأسئلة ستجعل مناقشات نتنياهو في البيت الأبيض، صعبة ومعقدة، وجريا على ما سبق، قد يتمكن نتنياهو بحيله المعهودة من كبح اندفاعة ترامب لصفقة سريعة، ويشرع في مناقشات لا تنتهي حول الخطة، إلى أن تفقد العملية زخمها، وتموت كما ماتت خطط سابقة.
وليس مؤكدا بعد إن كانت موافقة حماس المزعومة، "مبدئيا" على الخطة هي موافقة نهائية. هل وافقت حماس حقا على تسليم سلاحها؟ هذا ما يرفضه قادة الحركة حتى يوم أمس. هل يمكن لمن تبقى من قادة الحركة في غزة القبول بمغادرة القطاع؟ هذا ما رفضته الحركة مرارا.
هذه المحاذير وسواها، عند جانبي الصراع، لا تغري برفع سقف التوقعات عن اتفاق وشيك، بانتظار ما تحمله جولات التفاوض من نتائج.
"الغد"
فهد الخيطان
تبدو خطة ترامب لإنهاء الحرب الإسرائيلية على غزة، أكثر جدية من جميع المحاولات السابقة. كما أنها أكثر شمولا، في مقاربتها لليوم التالي للحرب، ومستقبل القطاع بعد المرحلة الانتقالية.
الأمر الآخر الذي يمنح الخطة قدرا من حظوظ النجاح، قمة نيويورك التي جمعت الرئيس ترامب بأبرز قادة الدول العربية والإسلامية. سبق القمة مشاورات بين الطواقم السياسية في هذه الدول ومسؤولين في الإدارة الأميركية، تم خلالها أخذ ملاحظات ومطالبات الدول المعنية بعين الاعتبار، لعل أهمها تعهد واشنطن بعدم السماح لحكومة نتنياهو بضم الضفة الغربية، واحترام الوضع القائم في الأماكن المقدسة في القدس، ومنع التهجير القسري لسكان القطاع، وربط الخطة بأفق سياسي "قد" يفضي إلى قيام دولة فلسطينية في المستقبل.
تصريحات ترامب بعد القمة أعطت الانطباع بأن قادة الدول المجتمعين، دعموا الخطة الأميركية. لكن باستثناء مصر التي أعلنت دعمها، لم تصدر بيانات رسمية من الدول المشاركة في القمة تعلن بشكل رسمي موقفها.
الخطة الأميركية تتضمن تفاصيل كثيرة، لكن أبرز ما لفت الانتباه، ما ورد بشأن هيئة إشراف دولية، تدير القطاع، يبدو أن توني بلير هو المرشح الأبرز لترؤسها. هذا يعني أن خطة ترامب تستند في الأساس لمشروع بلير وكوشنر، الذي تبلور في الأسابيع الأخيرة، وجرى عرضه على ترامب لأخذ مباركته، قبل أن تعاد صياغته على نحو يضمن قبوله عربيا وإسلاميا.
لكن مهلا، ماذا عن موقف نتنياهو وحماس من الخطة؟
من المؤكد أن فريق نتنياهو على علم بكامل تفاصيل الخطة قبل عرضها في اجتماع نيويورك. وقال الرئيس الأميركي في اليوم التالي للاجتماع إنه تحدث مطولا مع نتنياهو حول الخطة. على الجانب الآخر ذكرت وسائل إعلام عبرية أول من أمس أن قيادة حماس اطلعت على بنود الخطة من الجانب القطري، وأعطت موافقة مبدئية عليها.
كل هذه المؤشرات لا تكفي للتفاؤل. يصعب على المتابع لأحداث هذه الحرب المأساوية، أن يجاري ترامب في تصريحاته المتفائلة بقرب التوصل لصفقة تنهي الحرب على غزة، فلو أخذنا ما يقوله بهذا الخصوص على محمل الجد، لكان من المفترض أن تكون الحرب قد انتهت قبل سنة تقريبا.
المحاولة كما قلنا أكثر جدية من سابقاتها، لكن نتنياهو سيزور البيت الأبيض اليوم، وعلينا أن ننتظر إلى ما ستفضي إليه الأمور. ثمة بنود في الخطة لا يتخيل المراقبون أن يوافق عليها نتنياهو، وإلا انهارت حكومته الائتلافية، كالتعهد رسميا بعدم ضم الضفة الغربية، ومنح السلطة الفلسطينية، التي انتقدها في خطبته بالأمم المتحدة أكثر من حماس، دورا في مستقبل القطاع. هل يمكن لنتنياهو أن يتخلى عن السيطرة الأمنية على القطاع، وأن يقبل بمنطقة عازلة فقط دون تواجد عسكري داخلها؟.
هذه الأسئلة ستجعل مناقشات نتنياهو في البيت الأبيض، صعبة ومعقدة، وجريا على ما سبق، قد يتمكن نتنياهو بحيله المعهودة من كبح اندفاعة ترامب لصفقة سريعة، ويشرع في مناقشات لا تنتهي حول الخطة، إلى أن تفقد العملية زخمها، وتموت كما ماتت خطط سابقة.
وليس مؤكدا بعد إن كانت موافقة حماس المزعومة، "مبدئيا" على الخطة هي موافقة نهائية. هل وافقت حماس حقا على تسليم سلاحها؟ هذا ما يرفضه قادة الحركة حتى يوم أمس. هل يمكن لمن تبقى من قادة الحركة في غزة القبول بمغادرة القطاع؟ هذا ما رفضته الحركة مرارا.
هذه المحاذير وسواها، عند جانبي الصراع، لا تغري برفع سقف التوقعات عن اتفاق وشيك، بانتظار ما تحمله جولات التفاوض من نتائج.
"الغد"