قال الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، الدكتور مصطفى البرغوثي، إن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف إطلاق النار في قطاع غزة انحازت بشكل مطلق لإسرائيل وتجاهلت الاحتلال والاضطهاد العنصري الإسرائيلي للشعب الفلسطيني، مشددا على أنه "لا بديل عن مواصلة النضال من أجل الحرية وتقرير المصير".
وأضاف البرغوثي أن نتنياهو وحكومته الفاشية فشلوا بفضل صمود وبطولة الشعب الفلسطيني في تحقيق أهدافهم الرئيسة من حرب الإبادة الهمجية سواء فيما يتعلق بخطط التطهير العرقي لقطاع غزة، أو استرداد أسراهم بالقوة العسكرية، مشيرا في ذات السياق إلى أن الاحتلال لم ينجح سوى بتدمير قطاع غزة بشكل وحشي، وبما يفرض على المجتمع الدولي أن يطالبهم بدفع تعويضات عن كل بيت ومؤسسة دمروها وعن كل حياة بشرية أزهقوها -مع ان حياة الناس لا تقدر بثمن-.
وأكد البرغوثي إن خطة ترامب المعلنة والتي عُدلت لتلبية مصالح نتنياهو تجاهلت الشعب الفلسطيني بكل مكوناته وقُدمت بصيغة انذار لا مجال للتفاوض على بنوده.
وتابع البرغوثي: "بالرغم من أن الشعب الفلسطيني يتوق لوقف حرب الإبادة والتجويع والعقوبات الجماعية، ولإسقاط مؤامرة التطهير العرقي باعتبار ان صمود الشعب وبقاءه على ارض وطنه هو الضمانة الأساسية لمستقبله، كما يتطلع إلى تحرير أسراه في سجون الاحتلال، فإنه لا يمكن ان يغفل أن خطة ترامب انحازت بشكل مطلق لإسرائيل وتجاهلت عن عمد الجذور الحقيقية للصراع التاريخي و المتمثلة في التطهير العرقي لغالبية الشعب الفلسطيني منذ عام ١٩٤٨ و رفض عودة اللاجئين لديارهم ، و استمرار الاحتلال الأطول في التاريخ الحديث و تكريس منظومة الاستعمار الاستيطاني الإحلالي، و الاستعباد العنصري و الأبرتهايد الإسرائيلية، كما لم تتضمن تلبية ما اعترفت به ١٦٠ دولة في العالم بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير و إقامة دولته الحرة المستقلة بل استبدلته بمحاولة فرض وصاية إستعمارية أجنبية عليه في ظل بقاء واستمرار الاحتلال و الاستيطان الإسرائيلي".
و أضاف البرغوثي أن خطة ترامب تضمنت ألغاما خطيرة كل واحد منها كفيل بتفجير الوضع برمته، ومن أبرزها عدم وجود ضمانات حقيقية بأن لا تجدد إسرائيل حرب الإبادة بعد استرداد أسراها، خصوصا مع ما أعلنه نتنياهو الذي منح نفسه و حكومته حق تقييم ما يستدعي استئناف الحرب الدموية، و بالاستناد الى ما عهدناه من قدرة إسرائيل على افتعال الأسباب و المزاعم لتبرير اعتداءاتها.
وتابع البرغوثي: "أن الخطة تضمنت أيضا الإقرار باستمرار بقاء جيش الاحتلال في قطاع غزة لزمن غير محدد، و عدم وضوح خطط الانسحاب التي قال نتنياهو انها ستكون بطيئة وما تضمنته الخريطة المقترحة من استمرار إسرائيل بالسيطرة على حوالي ربع مساحة قطاع غزة حتى بعد الانسحاب ان تم".
وبين البرغوثي أن اللغم الثالث و الأخطر هو فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية بابتداع إدارة استعمارية دولية تشرف على الحكم فيه في ما يحقق هدف نتنياهو بمنع قيام دولة فلسطينية و هو ماقال الرئيس الأميركي ترامب أنه يتفهمه، بدل أن يعارضه.
بالإضافة إلى محاولة اخضاع السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية لشروط و اختبارات لن تنتهي بعد منعها ، حسب رغبة نتنياهو، من تولي أي دور في قطاع غزة في ما يشكل لغما خطيرا لمنع قيام دولة فلسطينية مستقلة.
وقال البرغوثي إن الخطة الأميركية الإسرائيلية تسعى ليس فقط لتجريد المقاومة الفلسطينية ، من قدراتها بل ولتحريم كل أشكال النضال الوطني حتى اللاعنفية منها، و لمصادرة الحق المبدأي للشعوب في مقاومة الظلم و الاحتلال و الاضطهاد العنصري.
وأوضح البرغوثي أن ما ورد في خطة ترامب حول حق تقرير المصير الفلسطيني واقامة الدولة يجعله هدفا مستحيل المنال كما يجعله مشروطا " بمسار قد يتهيأ وقد لا يتهيأ" حسب الخطة و "باصلاحات" حسب الرغبات الإسرائيلية و الأميركية التي لا تنتهي، و بتأجيله الى ما لا نهاية في تكرار للماطلات و الأساليب المعهودة التي قتلت من قبل "اتفاق أوسلو".
ولفت البرغوثي الى إن أخطر ما يتهدد المستقبل الفلسطيني هو استخدام خطة ترامب لكسر صمود الشعب الفلسطيني وإصراره على تحقيق حريته، و لتنفيس و احباط ثورة التضامن العالمي الجارية و التي عزلت إسرائيل و فتحت أبواب فرض العقوبات عليها والتي بجب أن تستمر، بعد وقف الحرب على غزة، لأن هدفها الأساسي لم يتحقق وهو إنهاء الاحتلال واسقاط منظومة الاستعمار الاحلالي و الابرتهايد العنصرية.
ولفت البرغوث الى إن كل ما جرى يؤكد ثلاثة خطوات لا بديل لها: أولا، ضرورة توحيد الصف الوطني و بناء قيادة وطنية موحدة و ديمقراطية على أسس كفاحية لحماية و انقاذ المشروع الوطني، و يمثل تنفيذ اتفاق بكين المدخل الفوري الأنسب لاحباط تهميش كل المكونات الوطنية الفلسطينية و لإفشال مؤامرة فصل غزة عن الضفة الغربية.
وأما ثاني الخطوات فهي حتمية مواصلة النضال الوطني لتحقيق العودة و الحرية الكاملة و تقرير المصير واسقاط الاحتلال و الاستيطان و نظام الاستعباد الاستعماري العنصري.
وثالثها، مواصلة استنهاض حركة التضامن
الدولي و فرض العقوبات و المقاطعة على الاحتلال حتى زواله و عدم السماح بوقف أو
اضعاف هذه الحركة أو إزالة تأثيرها.