شريط الأخبار

دول الاعتدال بعد السابع من أكتوبر

دول الاعتدال بعد السابع من أكتوبر
كرمالكم :  

فهد الخيطان

طوال العامين الماضيين، انشغل الباحثون ومراكز الدراسات، ووسائل الإعلام في معاينة التغيرات الهائلة التي حصلت لما كان يعرف بمحور الممانعة، بعد أحداث السابع من أكتوبر. لقد كانت أحداثا تاريخية تستحق كل هذا الاهتمام والمتابعة. الحرب الإسرائيلية على لبنان، وغياب قائد"محور المحور" حسن نصرالله على حد وصف نتنياهو. سقوط نظام الأسد، وحرب الـ12 يوما على إيران، وماحملته من تداعيات، خاصة بعد مشاركة الولايات المتحدة في الهجوم على المواقع النووية. غزة بعد الطوفان، وغياب قادة حماس البارزين عن المشهد، والكارثة الإنسانية في القطاع جراء حرب الإبادة. ومن بعد ومن قبل المواجهة المفتوحة بين إسرائيل وجماعة الحوثي في اليمن، وحرب السفن في البحر الأحمر.

لكن في المقابل، لم تحظ أحوال دول الاعتدال في المنطقة، وما وقع فيها من تبدلات سياسية وعسكرية، بالاهتمام الكافي. وأعني دولا مثل الأردن ومصر والسعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة، وهى الأكثر حضورا وتأثيرا في الإقليم، إلى جانب العراق الذي كان يقف خارج نادي المعتدلين، لكنه يرتبط مع هذه الدول بشراكات وعلاقات، لا تقل عن علاقاته الوطيدة مع إيران.

العلاقة مع الولايات المتحدة هنا في قلب البحث والتحليل، نظرا لما يمثله التحالف مع واشنطن من أهمية، كانت محل اختبار عسير بعد السابع من أكتوبر.

كيف أصبحت علاقة الأردن ومصر مع إسرائيل، وهما الدولتان اللتان وقعتا معاهدتي سلام قبل عقود؟ وماهو مستقبل العلاقة بعد غزة؟ .

ما حال التحالف الاستراتيجي، مع واشنطن، وكيف تنظر دول الاعتدال لمستقبل هذا التحالف، بعد أن أظهرت الإدارة الأميركية - في الواقع الإدارتين، بايدن وترمب-، استعدادا للتضحية بالأمن القومي للحليفين المصري والأردني، عندما اقترحت تهجير سكان غزة إليهما؟.

أين انتهى مشروع السلام الكبير مع المملكة العربية السعودية بعد المقتلة الإسرائيلية في غزة؟ الرياض كانت على وشك عقد الصفقة، لكنها وبذات القدر من الشجاعة ارتدت إلى الوراء، وتصلبت في موقفها. هل يعد هذا تحولا جوهريا في السياسة السعودية، أم أن شروط الصفقة فقط هى التي اختلفت؟.

قطر واجهت أصعب موقف في تاريخها. إسرائيل تكسر كل الخطوط وتضرب في الدوحة، على مقربة من قاعدة العديد. وقبلها طهران تنتقم من واشنطن باختراق للسيادة القطرية. ما الآثار التي ستتركها هذه التجربة الصعبة، على السياسة القطرية في المستقبل؟ هل يكفي التحصن باتفاقية دفاع مشترك مع واشنطن، ماذا عن علاقاتها مستقبلا مع تل أبيب؟ وكيف تنظر للجار الإيراني، بعد تلك الطعنة؟.

أبو ظبي تمسكت بمقارباتها الدبلوماسية، وتقدمت خطوات على طريق الاشتباك مع الملف الفلسطيني، لم تخسر علاقاتها مع واشنطن ولا الاتفاقية الإبراهيمية مع إسرائيل. لكن أسئلة التحالف الاستراتيجي تؤرقها، مثلما تؤرق أعضاء النادي الآخرين.

ثمة سلوكيات تتبدل لا تخطئها العين في دول الاعتدال. القوات المسلحة الأردنية "الجيش العربي" لا تتوقف عن تنظيم المناورات الحية والتمارين العسكرية، وتحرص على إظهار جاهزيتها، على نحو لافت. التعاون العسكري مع دول من خارج النادي التقليدي للحلفاء، أصبح أمرا ظاهرا في نشاط القيادة الأردنية.

الجيش المصري يستعرض قوته بشكل مستمر، والمناورات على مقربة من الحدود مع الجيش الإسرائيلي في رفح. السعودية تضغط من أجل صفقة أف35 لكسر الاحتكار الإسرائيلي. الإمارات، باتت قوة عسكرية صاعدة في الإقليم، والدوحة تختبر خيارات جديدة.

الحديث يطول عن التحولات في المنطقة بعد السابع من أكتوبر، ويبدو أننا مانزال في البداية. الخلاصة التي تفتح أبوابا واسعة للبحث والمناقشة، هى أن الدول التي نجت من العاصفة، تبحث هي الأخرى عن طوق نجاة للمستقبل.

"الغد"

مواضيع قد تهمك