شريط الأخبار

عاد نايف الطورة ماذا بعد؟

عاد نايف الطورة ماذا بعد؟
كرمالكم :  
نبيل غيشان 
عاد المعارض نايف الطورة من أمريكا بدون أية أعباء تعيق حركته، ولن ندخل في التفاصيل إن كان جاء بصفقة أم لا؟ بمقابل مادي او معنوي أم بدونه؟ لكن سؤال الأردنيين اليوم ماذا بعد العودة؟ من استفاد ومن تضرر؟ كيف تتصرف الدولة؟
ابتداء، عودة الطورة أساءت له شخصيا بعد ما كل الضخ الإعلامي المضاد للأردن وللقصر الملكي ولجلالة الملك والملكة وولي العهد وجميع المؤسسات الدستورية وأجهزة الدولة. فقد قال فيهم الطورة وأثخن القول والإساءة.
لكنه عاد، ولم يجد إلا الترحاب من جانب الدولة، وشاهدنا الطورة أمس في بثه من فندقه بعمان يقدم الشكر لجلالة الملك وأجهزة الدولة ومؤسساتها على حفاوة الاستقبال وعدم مساءلته على ما بدر منه.
لا شك إن عودة الطورة أفقدته جزءا كبيرا من"الهالة" التي حققها نتيجة صولاته وجولاته على "السوشال ميديا". كثيرون ممن كانوا يستمعون إليه او يصدقونه او يشجعونه، تراجعوا.
إذا، نايف الطورة نزع أنيابه بيديه، ولن نفتح الحديث عن ماذا استفاد؟ ولماذا فعل ذلك؟ وهل وصل الى مطار عمان بصفقة أم بخطوة مفاجئة؟ وهل ظروفه اضطرته الى ذلك؟
المهم انه وصل، وأغلق منصته التي كانت تزعج الدولة و"تهيل" الملح على الجراح، وبذلك أصبح اليوم "خارج التغطية" وسد بابا كان يأتي منه ريح كثير.
أما دولتنا، فلا شك أنها كسبت بعودة الطورة واستطاعت فتح ثغرة مهمة في كوة "المعارضة الخارجية" بعد أن رأى الناس دفء الاستقبال كمقارنة بحجم الإساءة للدولة ورموزها، وهذا ما سيكون له تأثير لدى الرأي العام المحلي والخارجي.
هل نقول عفا الله عما مضى ونغلق الملف على هذا الحد؟
لا شك أن الدولة أضرتها عودة الطورة من حيث لا تدري، والمقصود هنا الدولة بمؤسساتها الدستورية وأجهزتها المختلفة التي نالها ما نالها من السهام مثل البرلمان والحكومة وكذلك الأجهزة الأمنية وسلك القضاء. فقد جاء "الطريد" الى باب "الزنزانة" ولم يسائله أحد وهنا السؤال أين هو القانون وأدواته ؟
إنها ساعة الحكماء وليست ساعة الأقوياء، نعرف ان العدالة المطلقة مطلب جماهيري، وان الديمقراطية هي حماية للأفراد من تغول الحكومات مثلما هي حماية للحكومات من تغول "الأفراد" وأدواتهم في "السوشال ميديا".
لم يعد هناك متسع في هذا العالم للأنظمة السياسية القائمة على شخص او حزب واحد لأنها تكرس الهيمنة والفساد والقهر؛ فهذا النموذج مخالف لروح العصر.
المطلوب من الدولة اليوم أن تبقى محافظة على هدوئها وان تتصرف بعقلها الكبير وان توحد أسلوب معاملتها القانونية مع أبنائها القادمين من الخارج او القاطنين في الداخل في نهج جديد يعيد ترسيم استراتيجية الدولة ودورها كقائدة عادلة للمجتمع.
وهنا أطالب الدولة بإغلاق بعض الملفات السياسية والأمنية لمواطنين أردنيين كانوا إما ارتكبوا أفعالا وجرمهم عليها القانون أو ما زالت قضاياهم عالقة، بعضهم في السجن وبعضهم في التوقيف القضائي او الإداري، انها دعوة الى المصالحة الوطنية.
وهنا أتحدث عن قضايا بعض "الحراكيين".
فالعدل في المعاملة هو أساس سمعة الدولة وهيبتها، لان ما قاله الطورة تجاوز كل حدود المنطق والقانون وفي نفس الوقت فان بعض المطلوبين حوكموا أو أوقفوا على أقوال لا تساوي شيئا مما قاله المرحب به نايف الطورة. إلا يستحقون نفس المعاملة؟
وحده التغيير الايجابي المتدرج يحمي الاستقرار، لان تغيير الخرائط في الشرق يحتاج الى انهار من الدم وهذا ما يجب أن يعرفه الموالي قبل المعارض.
إن إضعاف مؤسسات الدولة الدستورية وأجهزتها الأمنية لن يكون في صالح احد. فالدولة لنا جميعا وهي منجز قد لا يتكرر. الدولة لنا ويجب إصلاحها، وإعادة مواءمتها مع متطلبات العصر.
ما نحتاجه في عالمنا العربي اليوم بسيط جدا؛ نحتاج الشفافية والحداثة والعدالة والمساءلة عند ارتكاب الأخطاء.

مواضيع قد تهمك