شريط الأخبار

بلد المليون عامل وافد يشكو البطالة

بلد المليون عامل وافد يشكو البطالة
كرمالكم :  
علي السنيد
معظم المحال التجارية في العقبة تشغلها العمالة الوافدة، وكذلك المرافق السياحية وتأجير الشقق، وكافة الخدمات المقدمة للسواح في المطاعم، والمقاهي فهي من اختصاص هذه العمالة ، والقطاع العقاري في المملكة من اعمال بناء، وكل ما يتفرع عنها من دهان وتبليط، وقصارة، وحفر ، وتمديدات كهربائية، وصيانة ، وتركيب الحجر، والزجاج، واعمال الحدادة، والنجارة، وتنظيم الحدائق، فاغلبها تعود عمليا للعمالة الوافدة التي يستضيفها الأردن منذ عقود، ومن المهن التقليدية محال بيع الدواجن التي بالكاد تجد اردنيا واحدا يعمل بها ، وهي منتشرة في كافة مناطق المملكة، وحاراتها خارج عمان، وكذلك صناعة الأثاث المنزلي، و العمل في المطاعم، والملاحم ، والفنادق، والمخابز، ومحال بيع الخضار، وشركات النظافة، وفي صالونات الحلاقة، وفي الكراجات ، وفي حراسة العمارات ، وغسيل السيارات ، وكذلك الاعمال الزراعية، وتحديدا في الاغوار، ومزارع الذوات ، والمزارع المروية في الجنوب، وحتى رعي الأغنام ، وتربية الدواجن في المزارع، ومزارع البيض، ولاحقت العمالة الوافدة الأردني على أي عمل يطرحه السوق، حتى خرج منه اخيرا ، واعتبر ان هذه الاعمال وضيعة، واصبح يطلب الوظيفة الحكومية ولم نصح حتى اليوم الذي صار اكثر من ثلثي الموازنة العامة مخصص لرواتب الموظفين، والعاملين في الدولة .
والعمالة الوافدة دخلت الى السوق الاردني بعشرات الالاف منذ سبعينات القرن الماضي، وذلك بقرار حكومي، وظلت تتوسع دون ادراك لخطورتها على الأجيال الأردنية، والتي اخذت تؤسس لقاعدة كبيرة من البطالة في الاردن، وتفاقمت مع السنين، واهمال الحكومات لهذا الملف الوطني الحساس لتربو على الميلون عامل وافد في بلد فقير لا يزيد عدد سكانه على عشرة ملايين نسمة بمن فيهم من الأطفال، والشيوخ وكبار السن، واستمر هذا الوضع الكارثي حتى الموجة الأخيرة من دخول إخواننا السوريين الذين استأثروا بحكم حرفيتهم على صناعة الحلويات في المملكة، وكثير من المطاعم.
والعمالة الوافدة مدربة بحكم التجربة، وقد استحوذت على سوق العمل مبكرا ، وازاحت الأردنيين نحو قعر البطالة ، وذلك بعدما فشلنا في تدريب الأجيال، وتوريث المهن التقليدية في المجتمع، وقد اوجدت عرفا في الأردن يتمثل بعزوف الأردنيين عن العمل المهني، وتفضيل الوظيفة الحكومية، لارتباطها بالمكانة الاجتماعية في الوعي العام، وهو ما أدى الى تكون جيش من البطالة المحمل بالشهادات العليا في اضابير واوراق وكمبيوترات ديوان الخدمة المدنية بقوام يصل الى ثلاثمائة وخمسين الفا، وبما يماثلها في العدد من الذين يتقدمون أيضا للعمل على الفئة الثالثة ممن لا يحملون الشهادات الجامعية ، وبذلك عجزت الدولة عن الحل، وهي بالكاد توظف سنويا في الظرف الطبيعي ما يصل بحده الأعلى الى عشرة الاف طالب عمل وذلك في وزارتي الصحة والتربية والتعليم ، وقد وصلت بقية الوزارات الى حد الاشباع، وشهدنا ظاهرة البطالة المقنعة، وكل ذلك مرده الى نوعية الحكومات، والوزراء، الذين صدعوا رؤوسنا بالوطنية ، وكأنها مجرد شعارات ، ولم يكرسوا عملهم الحكومي، وقراراتهم في سبيل تطوير اعمال القطاع الخاص، وتقويته، وجعله المولد الأول لفرص العمل في الاردن، وحماية الاعمال في هذا القطاع لصالح الاردنيين، وجعل القطاعات الاقتصادية جاذبة للاستثمار العربي والعالمي، وتسهيل مهام رجال الاعمال، ومنحهم التسهيلات اللازمة والامتيازات، وإعطاء القطاعات المنتجة الميزات، واكتشاف الهوية الاقتصادية للمحافظات، وفتح الأسواق الخارجية لها لتساعدها على التطور، وتوليد المزيد من فرص العمل، وكذلك حماية العامل، وحقوقه، وترسيخ مبدأ الاستقرار الوظيفي في القطاع الخاص، وتوظيف كافة الصناديق الاقراضية الحكومية لغايات التشغيل الحقيقي في الأردن، وليس الوهمي، وتشجيع رأس المال المجمد في البنوك لدخول سوق العمل دون مخاطرة.
واليوم تواجه الدولة نسبا غير مسبوقة في البطالة ، ولا يمكن حصرها بربع القوى القادرة على العمل، وهي تضغط على الحكومات لتوفير فرص العمل لها بمقتضى واجباتها الدستورية والوطنية، وهي تشكل مأزق الدولة الأول فكل اردني عاطل عن العمل الأصل ان يشكل قلقا للحكومات، وفي الوقت نفسه تحتضن عمالة وافدة تزيد على عدد العاطلين عن العمل فيها، وهي تسحب العملة الوطنية الى الخارج. ويكمن الحل في ان كل عامل وافد عندنا يجب ان يحل أردني بمحله، ويغادر، ولنتخذ من الدول العربية التي ليس فيها عمالة وافدة نموذجا، ونقتدي بتجربتها بدلا من ان نبقى نقلد الدول النفطية الغنية في هذا الشأن، وذلك مستمر منذ عقود.

مواضيع قد تهمك