شريط الأخبار

الأردن وسؤال التموضع السياسي والاقتصادي

الأردن وسؤال التموضع السياسي والاقتصادي
كرمالكم :  
حازم عياد
كشفت وكالة "رويترز" زيارة آموس هوكشتاين، كبير مبعوثي بايدن لشؤون الطاقة، برفقة مسؤول الأمن القومي بريت ماكجورك والمبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن تيم ليندركينج، الى السعودية الشهر الماضي لمناقشة قضايا الطاقة، ومن بينها قرار "أوبك+".
 زيارة الوفد الامريكي عكست جهود الرئيس الامريكي جو بايدن لمعالجة أزمة إمدادت الطاقة والتضخم في الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي، وعزل روسيا، والحد من قدرتها على التكيف مع العقوبات الاوروبية والامريكية.
إلا أنه في الآن ذاته عكس فشل الادارة الامريكية في فرض رؤيتها على الرياض وعواصم الخليج العربي عموما، بعد إعلان دول "أوبك+" خفض إنتاجها مليوني برميل، خلافا للارادة الامريكية.
الانتكاسة الامريكية لم تقتصر على جهود عزل روسيا عن دول الخليج وتعطيل وتفكك مجموعة "أوبك+"، فالفجوة في العلاقات الامريكية السعودية أكبر وأعمق مما يظهر للعيان، فالصين عززت دورها كشريك تجاري واقتصادي لدول الخليج العربي، خصوصا بعد نجاح شركة "هاتشيسون" الصينية الرائدة عالمياً في إدارة الموانئ وشركة "هانزوجين" في الاستحواذ على عقود تطوير ميناء جازان الواقع جنوب ساحل البحر الاحمر على بعد 160 ميلاً من خليج عدن، واضعة بذلك الميناء على خارطة التعاون والشراكة السعودية الصينية ضمن مشروع الحزام والطريق.
دول الخليج العربي تعتبر الصين وروسيا شريكا موثوقا فيه، ما أكده وزير الطاقة السعودي الامير عبدالعزيز بن سلمان تعليقا على تمسك بلاده باتفاق "أوبك+" بالقول إن روسيا "شريك موثوق فيه"؛ تصريح قابله على الوجه الآخر من العملة تراجع الثقة بالحليف الامريكي الذي سارع للاعلان عن رغبته بتمرير التعديلات على قانون (نوبك- NOPEC) لمحاكمة الشركات النفطية الخليجية، وعلى رأسها شركة أرامكو السعودية، بحجة منع التكتلات الاحتكارية، وفي الآن ذاته قدم ثلاث من أعضاء مجلس النواب توم مالينوفسكي وشون كاستن وسوزان وايلد تشريعاً يسعى إلى سحب القوات الأمريكية من السعودية والإمارات.
العلاقات الامريكية الخليجية دخلت مرحلة جديدة، فانعدام الثقة يتوقع أن يترجم إلى اجراءات عملية على الارض، سواء من قبل الادارة الامريكية، أو شركائها في الخليج العربي؛ تحول سيكون له تفاعلات قوية في الساحة العربية والاقليمية، ويحتاج الى استعداد لهذه التحولات، خصوصا في الاردن التي تملك علاقات عميقة ومهمة مع دول الخليج والولايات المتحدة التي وقعت معها مؤخرا مذكرة تفاهم للشراكة الاستراتيجية؛ تمنح بموجبها أمريكا الاردن 10 مليارات دولار على مدى السنوات السبع المقبلة.
ختاماً.. فسحة الزمن للمناورة والتحرك وإعادة التموضع في الاقليم لا زالت متوفرة للأردن، ورغم أن التفاعل الاجرائي في الاقليم يحتاج وقتاً ليس بالقصير لبلورة شكل جديد للعلاقة التي تربط الولايات المتحدة الامريكية وأوروبا من ناحية، والصين وروسيا من ناحية أخرى بالمنطقة العربية؛ إلا أنه وقت ثمين يتطلب من الادارة الاردنية والمؤسسات السيادية الدخول في حوار حقيقي لدراسة هذه التحولات، وكيفية مواجهتها، وعدم الركون او الارتهان لاتفاقات الشراكة مع الولايات المتحدة، فخسائر اليوم قد تتحول إلى أرباح في المستقبل، وأرباح اليوم قد تتحول إلى خسائر في المستقبل القريب.
السبيل

مواضيع قد تهمك