شريط الأخبار

د. محمد رسول الطراونة يكتب: شيوخ حكماء وليسو مسنين

د. محمد رسول الطراونة يكتب: شيوخ حكماء وليسو مسنين
كرمالكم :  
الدكتور محمد رسول الطراونة
على الرغم من وجود عدة تعاريف شائعة لعمر الشيخوخة ، إلا أنه لا يوجد اتفاق عام على العمر الذي يدخل فيه الشخص نادي كبار السن ، لكن تم الإتفاق من قبل الأمم المتحدة على أن كبار السن هم الأشخاص الذين تجاوزت أعمارهم ال 60 عاماً، ، وفي الاردن تشكل هذة الفئة 5.4% من إجمالي عدد السكان .
في أول أيام تشرين الأول (أكتوبر) من كل عام، يحتفي الاردن و العالم بـ" اليوم العالمي لكبار السن" الذي أقرته الأمم المتحدة عام 1990، واتخذت شعارًا لعام 2022 بعنوان " قدرة كبار السن على الصمود في عالم متغير" بهدف محاولة تكييف كِبار السن في المجتمعات المتغيرة باستمرار والتي تفرضها الأجيال الجديدة، حيث يقع كبار السن في مشكلات التواصل مع التغير المجتمعي، و بهدف تسليط الضوء على الاحتياجات الصحية لكبار السن و زيادة الوعي بحقوقهم ، وأهمية تقديم رعاية صحية لهم ، و نشر ثقافة الكِبر والشيخوخة بطريقة صحيحة وبين الكِبار أنفسهم.
إذا كانت الامم المتحدة قبل ثلاثة عقود فقط أبدت اهتماما برعاية كبار السن فلقد أوصى القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفه قبل أربعة عشر قرنا بتكريم كبار السن وخصوصاً الوالدين وذلك في العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، كما في قوله تعالى ( إمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاهُمَا فَلا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ ولا تَنْهَرْهُمَا وقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) وفي الحديث الشريف كقول النبي عليه الصلاة والسلام " ليس منَّا مَنْ لم يُجِلَّ كبيرَنا ، ويرحمْ صغيرَنا ويَعْرِفْ لعالِمِنا حقَّهُ." .
علينا أن ندرك أن كبار السن بيوت خبرة وحكمة ، فهم اطلالتنا على الماضي بكل ما فيه من عبر ودروس تتعلم منها الأجيال اللاحقة، هم أصحاب الفضل، والله تعالى يقول" ولا تَنسَوُا الفَضْلَ بَيْنَكُمْ" .
كبار السن ، قومٌ غادر قطارهم محطات اللذة وأوصلهم الى صالة انتظار الرحيل، قوم يعيشون بين ذكريات ماضٍ ولىّ بحلوه ومره وبين مستقبل قد لايجيء، هم اليوم حاضرون بيننا وغداً راحلون عنا بدون استئذان ، وغدا ستكون أنت منهم، فانظر وانتظر ما صنعت يمينك وما زرعت يداك وفي الحديث الشريف" افعل ما شئت كما تدين تُدان". كبار السن، قوم يرقدون ولا ينامون، يضحكون ولا يفرحون، يُخفون دمعتهم خلف بسمتهم، فلنجعلهم يعيشون أياماً سعيدة ، ويختمون حياتهم بصفحات من الرضا حتى إذا رحلوا لا نكون من النادمين.
كبار السن ، لديهم فراغ يحتاج إلى رُحماء يملؤونه، فهم أحوج من أطفالنا إلى الحنان والصبر على تجاوزاتهم والتضحية من أجلهم والإحساس بهم . كبار السن، قوم فقدوا حيوية شبابهم وعافية جسدهم ورونق الشكل وبهاء الهيئة وهيبة المنصب فهم تجسيد لسُنة الله في خلقه " ومَن نُّعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الخَلْقِ أَفَلا يَعْقِلُونَ".
هم قوم قلوبهم جريحة ونفوسهم حزينة لانهم فقدوا أحبة لهم ولم يبق لهم إلا الذكرى، ، فلتكن أنت العوض عما فقدوه، فبُعدك عنهم وانصرافك من حولهم وعدم الإنصات لهم وانشغالك بهاتفك في حضرتهم يؤلمهم كثيرا ، فهم بحاجة لمن يسمعهم ، فالكلمة التي كانت تزعجهم في شبابهم هي اليوم تجرحهم، والتي كانت تجرحهم هي اليوم تذبحهم ، كبار السن هم بركتنا، لانهم القريبون من الله فدعاؤهم أقرب للقبول، فاغتنم الفرصة قبل فوات الاوان وضياع الفرصة .
فلعلها فرصة لنستذكر ونذكر أهل الاختصاص بالتحديات التي تواجه كبار السن حيث يتوقّع المجلس الوطني لشؤون الاسرة أن ترتفع نسبة فئة كبار السن إلى 8.4% في عام 2040، وهي "ذروة الفرصة السكانية"، مما سيؤدي إلى ارتفاع معدلات الإعالة، وزيادة الأعباء على الخدمات الصحية وغيرها من الخدمات ، وخاصة أن نسبة كبيرة من كبار السن تعاني من أمراض متعددة ومزمنة تتطلب كلفة علاج عالية.
لنجعلها صرخة مدوية لاهل المسؤولية حول التحديات التي تواجه كبار السن، مثل هشاشة الرعاية الصحية المقدمة لهم رغم وضعهم الصحي الحرج وضعف الحماية الاجتماعية لهم، وصعوبة وصولهم إلى مراكز تقديم الخدمات الصحية، حيث النقص في أعداد المختصين في طب وتمريض الشيخوخة، إلى جانب قلة المعاشات التقاعدية التي تحرم هذه الفئة من العيش الكريم. دعوة لإيواء الهائمين من كبار السن على وجوههم والقاطنين منهم بالقرب من حاويات القمامة ، دعوة لانشاء مركز تدريب متخصص في رعاية كبار السن ورفده بالكوادر التعليمية المؤهلة ليكون نقطة انطلاق نحو توفير خدمات الرعاية المنزلية مستقبلاً، وعلى أساس التطوع او كادخار في " بنك الوقت "، وتنفيذ برامج تدريبية للكوادر العاملة في دور الرعاية على إجراءات إدارة الحالة للتعامل مع الحالات النفسية والاجتماعية لكبار السن، دعوة للتأكد من مدى ملاءمة المباني والمرافق العامة لهم.
خلاصة القول ، لانهم شيوخ وليسو مسنين ، لتكن دعوتنا وباعلى الصوت ، لسن قانون خاص يحمي حقوق كبار السن، دعوة لتفعيل الدور الرقابي للوزارات والجهات المعنية على دور الايواء والأندية النهارية لكبار السن، وإنشاء أندية نهارية لكبار السن في جميع المحافظات، وتحفيز القطاع الخاص لتقديم الدعم المادي والمعنوي والاجتماعي لكبار السن، دعوة إلى الاستفادة من خبرات وتجارب هذة الفئة للأجيال القادمة.
amman992001@gmail.com
امين عام المجلس الصحي العالي السابق

مواضيع قد تهمك