شريط الأخبار

وشوشات الى سيناتورات الصحة

وشوشات الى سيناتورات الصحة
كرمالكم :  
الدكتور محمد رسول الطراونة أمين عام المجلس الصحي العالي السابق 
بعد أجزل التحايا وأعطر التبريكات لمعالي الاخ الرئيس – السيناتور- الدكتور ياسين الحسبان " أبو محمد " ولصحبة الكرام السادة الذوات سيناتورات لجنة الصحة والبيئة في مجلس الاعيان الموقر،  السادة الشيوخ الكرام ، طبتم وطاب مزاجكم الذي لا أرغب بتعكيره من خلال وشوشاتي لكم بخصوص حال النظام الصحي في مملكتنا الحبيبة ، ولعلي سأسأل اسئلة العارف للجواب وسأطرح مسائل في الشأن الصحي ليست " بكر " لا بل  " ثيب " وأنتم على علم بها وقد تكون من باب " فذكر إن نفعت الذكرى "، أعلم أن بعضكم قد إجتهد من موقعة السابق قبل العينية ومنكم من حاول ومن كرسي العينية المشاركة في كتابة وصفة العلاج لبعض ما يعاني منه نظامنا الصحي ، لكني اثرت أن أوشوشكم - و أناديكم وأشد على أياديكم - ببعض ما يقلقني اليوم وما كان يقلقني بالامس عندما كنت في حضن الحكومة "مقرمز" في موقع المسؤولية، سأبدأ بوصف النظام الصحي برمته وتحديدا بمكونه من القطاع العام بانه للاسف مجزأ و متشظي ويغلب علية صفة المنافس الهرم والضعيف ، فهو لا يحقق العدالة الاجتماعية لابناء الوطن- و بذلك يخالف الدستور الاردني- فهناك من يحظى بخدمات صحية متقدمة وذات جودة وهذا قد يندرج على قاطنيي المدن الرئيسية أوالذين أنعم الله عليهم بالمال واخرين يلهثون للحصول على الخدمات الاساسية والتي إن توفرت فهي ليست ذات جودة وهم يشكلون ثلث الاردنيين ممن ليس لديهم اي تأمين صحي ، وقد لا أجانب الصواب إذا قلت أن النظام الصحي ومنذ عقدين فقد بوصلته فهو تارة يتجه نحو الرعاية الصحية الثانوية والى الاستثمار في المزيد من المستشفيات وتارة يصوب بوصلته نحو التكنولوجيا الطبية المتقدمة ، في حين أغض البصر عن الرعاية الصحية الاولية - ولن يؤجر على ذلك - لا بل أهملها كمدخل أساسي للنظام الصحي علما بأن الرؤى الملكية ، سيما رؤية التحديث الاقتصادي شددت على أهمية تقوية وتعزيز دور الرعاية الصحية الأولية بوصفها المدخل لإتاحة الوصول إلى الخدمات الصحية بتساوٍ ضمن نظام رقمي متكامل ، ووسيلة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة عام 2030 ، فتعزيز نظام الرعاية الصحية الأولية في الأردن يأتي عبر الشراكة بين جميع القطاعات ذات العلاقة وإدماج المجتمعات المحلية  للالتزام بتنفيذ رؤية الأردن للتحديث الاقتصادي. 
السادة الشيوخ ، يعتبر طب الأسرة نموذج أساسى فى منظومة الإصلاح الصحى والرعاية الصحية الأولية، فطبيب الأسرة عمود لا بل واسط خيمة الرعاية الصحية الاولية ومدخل النظام الصحى القوى، فهذا النموذج / طبيب الأسرة أكثر شمولية وإنسانية، فبتدريب مُركز وجيد وإنسانى سيعود الطبيب حكيما، فالطب بدأ بالحكمة والفلسفة قديما ويجب أن يعود كذلك ، فطبيب الأسرة يستطيع التعامل مع حوالي 90% من إحتياجات المجتمع الصحية الأساسية ويلعب دورا رئيسا فى التوعية والوقاية والعلاج لأمراضنا الأهم والاكثر شيوعا سواء كانت سارية أو غير سارية، وأثبتت العديد من الدراسات أن الإنفاق والاستثمار فى الرعاية الصحية الأولية وطب الأسرة يوفران الكثير على النظام الصحى ويقللان التكلفة عن طريق تحجيم الإنفاق غير الرشيد مثل الاستهلاك غير المبرر للأدوية حيث وصل الانفاق عليها الى حوالي 30% من الإنفاق الصحى الكلى ، كما يساهم طب الاسرة في وقف الطلب المزيف على بعض اشكال الخدمة مثل المبالغة فى عمل التحاليل الطبية وغيرها ، ويستطيع طبيب الاسرة الحد من الذهاب مباشرة إلى المستشفيات .
إن التصور الجديد لشكل الرعاية الصحية الاولية بعد جائحة كوفيد-19 يتضمن ثلاث أولويات ، أولها وأهمها إعتماد منهج صحة الاسرة او طب الاسرة المستند الى فرق عمل متعددة التخصصات والمهام  وثانيها اصلاح الكوادر البشرية العاملة في مجال الرعاية الصحية الاولية من  حيث الاعداد والكفاءات المطلوبة والانتشار الكافي  لتقديم رعاية عالية الجودة  وثالثها توفير التمويل المستدام والكافي لنظم الرعاية الصحية الاولية .  
السادة سيناتورات الصحة الافاضل ، وشوشتي التالية لكم فهي حول شكل التأمين الصحي ، فمن غير المقبول ونحن في المئوية الثانية من عمر الدولة الاردنية أن تكون وزارة الصحة هي المزود للخدمات الصحية وهي المنظم لتلك الخدمات في ان واحد فهذا فيه تضارب للمصالح ، فقد ان الاوان لفصل الخدمتين .
إن تعدد برامج التأمين الصحي يجعل الاطار العام له مجزأ وغير فعال في استخدامه للموارد ، ليس ذلك فحسب ، بل توفير خدمات صحية بأسعار أقل من السوق ( 20% من التكلفة( ، بالاضافة إلى الاعفاءات من رسوم الرعاية الصحية الممنوحه للكثير من الاردنيين، يفتح بوابات الهدر على مصراعيها و يزيد من تعقيد تحليل وضع التأمين الصحي في الاردن وتمويله ، اذ تشير التقديرات إلى أن حوالي 8 % من المؤمن عليهم مشمولين بأكثر من تأمين صحي واحد، وهذا يشكل مصدرا اخر من مصادر الهدر في استخدام بطاقات التامين الصحي لدى المؤمن عليه. 
السادة الشيوخ ، خلاصة القول ، لا يمكن أن تبدأ عجلة الإصلاح للنظام الصحي مهما استثمرنا فيه من موارد مالية او بشرية او تقنيات واجهزة طبية متقدمة إلا إذا اصلحنا وظيفة الحوكمة والإدارة  ، وللحديث بقية ان شاء الله. 
amman992001@gmail.com

مواضيع قد تهمك