شريط الأخبار

البحر .. حد الدم والكراهية!

البحر .. حد الدم والكراهية!
كرمالكم :  
محمد حسن التل
لماذا يصرون على أن يكون البحر بيننا وبينهم هو حد الدم والكراهية، بدل أن يكون بوابة السلام بين الطرفين.. ولماذا يصرون في الغرب على اعتبار الآخر "نحن" انه عدو يجب مواجهته.
ما يحدث في السويد منذ شهور من محاولات لتدنيس نسخ من القرآن العظيم ودول أوروبية أخرى تحت نظر وسمع المسؤولين فيها وكل المسؤولين في الغرب، يثبت ما قاله مفكرون منهم.. أن حقد الغرب على المسلمين قديم جدا وضارب جذوره في التاريخ، والاسلاموفوبيا عندهم هي تعبير عن هذا الحقد، وربما تكون الحملات الصليبية على بلاد المسلمين المنطلق الأساس لهذا الكره والحقد، في الوقت الذي لم يمارس يوما المسلمون الحقد تجاه الغرب دينيا، لأن القضية بيننا وبين هؤلاء ليست بدينية، فموقف الإسلام من الأديان الأخرى ومن المسيحية محسوم قرآنيا: "لا إكراه في الدين فقد تبين الرشد من الغي"، "لكم دينكم ولي دين"، ولكنه يتجاوز القضية الدينية إلى أحقاد أخرى لم يخفف منها واقع العالم الإسلامي الذي يصفه "برنارد لويس" بقوله بأن العالم الإسلامي غير مجمع على رفض الغرب، ونحن نشاطر أعدادا هائلة من المسلمين وربما أغلبيتهم المعتقدات والآراء والتطلعات الثقافية والأخلاقية.
هذه الأصوات العقلانية في الغرب بنظرتها للمسلمين تواجه حالات طمس وتهميش من قبل الذين يرون أن من مصلحتهم معاداة المسلمين واعتبارهم أعداء، ولعل الصهيونية هي من تقف وراء هذا الموقف المتشدد اتجاهنا كمسلمين حتى تظل محافظة على مكتسباتها في فلسطين، ناهيك أن بعض المسلمين بقصورهم الفكري وضيق وعيهم لمقاصد القرآن الشريف ومقاصد دعوة الإسلام يشكل أحيانا دعما لأصحاب المواقف السوداء في الغرب تجاه المسلمين.
ما تسكت عنه السويد ويسكت عنه كل الغرب من أعمال مشينة تجاه رموز المسلمين المقدسة سكوت مشبوه، والاختباء وراء ما يسمى زورا أن هذه الأفعال تأتي تحت حرية الرأي يعبر كما أشرت إلى حقد ممتد عبر العصور، هذا الحقد الذي لم يبذل العالم الإسلامي في مواجهته أي جهد له قيمة ولو بحوار يكون فيه الند للند، فقد اكتفى المسلمون بردات فعل عاطفية سرعان ما تتلاشى، في حين يستمر الطرف الآخر بسياساته وبرامجه في عدائنا.
ومن خلال المسار العام لواقعنا السياسي على إمتداد الزمن الطويل، وعلى كثرة ما أفرزت المؤسسات الثقافية،إلا أنه تبين كيف أصبحنا غير مؤثرين في الداخل والخارج، لا المثقفون كانوا على مستوى أطروحاتهم، ولا القاعدة العريضة المخاطبة تأثرت بما سمعت وقرأت، لأن النخبة لدينا عجزت عن حسن الخطاب، ولم تستطع أن تعبر عن المعاناة التي آلت إليها أحوال الأمة أو إقناع الآخر بأننا لسنا كما يظن ويفهم وبذات على مستوى الشعوب.
يجب أن ندرك أننا نواجه تيارا في الغرب، يتجاوز مستوى القضايا والسياسات والحكومات، اننا نواجه فكرا عميقا في النظرة السوداء لنا ، وموقفا سلبيا تجاه ميراثنا وامتدادنا التاريخي، وإن إستمر الأمر على هذا النحو، فلا أحد يستطيع أن يتنبأ بمصير العلاقة بين الطرفين، عندما تقف عند حد الصدام الذي ستكتشف فيه طبيعة المواقف والنوايا.
إن ما يحدث من محاولات إهانة المسلمين واستفزازهم في الغرب ما هو إلا تعبير عن المكنون الذي تراكم في نفوسهم اتجاهنا.
إن المسخ الذي كرر فعلته الشنيعة مرتين في السويد وآخر في الدنمارك لا يمكن أن يملكا هذه الجرأة وحدهما، فلا بد من جهة تحميهما وتحركهما في سبيل أجنداتها.
اليوم ليس أمام العرب والمسلمين في ظرفهما هذا إلا استخدام السلاح الاقتصادي الذي يؤلم الغرب ويردعه عن موقفه مكرها، لان دول العالم الإسلامي تشكل السوق الأكبر لمنتجات مصانعه ودعم اقتصاده فهو بات لا يفهم إلا لغة المادة، وهي المواجهة الوحيدة التي توجعه، ولكن حتى هذه المواجهة هل بقي أحد يقدر عليها ؟!..

مواضيع قد تهمك