شريط الأخبار

الأردن بين دعوة هنية وخطاب مشعل في الكرك

الأردن بين دعوة هنية وخطاب مشعل في الكرك
كرمالكم :  
حازم عيّاد
تبدو الدولة الاردنية معنية بالانفتاح اكثر من أي وقت مضى على الساحة الفلسطينية الداخلية المتوقع مواجهتها استحقاقات سياسية وامنية تقرر مستقبل السلطة في رام الله؛ ومسار الاحداث وتطورها في الضفة الغربية ومدينة القدس وسائر الاراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1948.  
فالانفتاح الرسمي الاردني ظل متواضعا ويكاد يكون معدوما رغم تعاظم التحديات التي فرضتها حكومة الائتلاف الفاشي بقيادة نتنياهو على "حل الدولتين" عبر التهديد بضم الضفة الغربية الى الكيان المحتل؛ ونزع صفة المواطنة عن الفلسطينيين وتحويلهم الى مقيمين على ارضهم تمهيدا لتهجيرهم او إلحاقهم بدول مجاورة؛ المشروع الذي عبر عنه ومارسه على الارض وزير المالية الاسرائيلي سموتريتش بعد توليه مسؤولية الادارة المدنية للضفة الغربية، كما عبر عنها وزير الامن القومي ايتمار بن غفير الذي بات مسوؤلاً عن الحرس الوطني لقمع فلسطيني الداخل (اراضي 48) والضفة (اراضي 67)، وأكدها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي أعلن "موت حل الدولتين" صراحة، خلافا لليمين العلماني المتطرف في المعارضة بقيادة بيني غانتس ويائير لبيد بدعوتهم الى حل اقتصادي ينحي حل الدولتين ضمناً وليس صراحة، وينقل المسؤوليات الادارية للمواطنين، ويتقاسمها مع الدول المجاورة وعلى رأسها الاردن وفقا لتصورات اليمين العلماني الاسرائيلي المتطرف. 
الدعوات الإسرائيلية قابلها دعوات الفصائل الفلسطينية للتفاعل مع خيار المقاومة، وإطلاق حوار اردني- فلسطيني يناقش الخيارات الاردنية الفلسطينية وفقا لإسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في 20 آذار الماضي بقوله: "إنّ ما قاله سموتريتش من توجهاتٍ بحق الأردن الشقيق يكشف العقيدة السياسية للكيان الإسرائيلي، ويدلّل بأن الخطر على الأردن هو ذاته الخطر على فلسطين، بما يستوجب إدارة حوار استراتيجي مع الأردن لمواجهة هذه التوجهات الخطيرة". 
ليعود ويكررها خالد مشعل رئيس حركة حماس في الخارج في كلمة ألقاها خلال مؤتمر الأقصى الـ22 في مدينة الكرك السبت الماضي ( 19 اب / اغسطس الحالي )، اكد فيها "أن مخطط الاحتلال في الضفة الغربية ليس تسريع الاستيطان، بل تهجير أهلها، فالصهاينة لا يرون لأهل فلسطين وطنا فيها، بل يرون أن وطنهم في الأردن كما قال الوزير المتطرف سموتريتش في باريس قبل شهور"، مشيراً إلى أن "الاحتلال يستهدف أمتنا جميعا، وفي القلب منها فلسطين والأردن". 
الانفتاح على الساحة الفلسطينية بكافة اطيافها رغم انه ضرورة وحاجة اردنية ملحة إلا أنه لا يزال خجولاً اردنيا قياسا بالتفاعل والانفتاح الذي ابدته عمّان في التعامل مع الطروحات الامنية والسياسية المقدمة من الاطراف الاقليمية والدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة الامريكية التي عجزت رغم نشاطها المفرط عن فرض التهدئة، وخفض التصعيد طوال الأشهر الثمانية الفائتة، كما عجزت عن توسعة مشاريعها المرتكزة على اتفاقات "إبراهام" التطبيعية التي تعاني تناقضا مع المرجعيات القانونية والسياسية الدولية والعربية لحل القضية الفلسطينية، فضلًا عن مواجهتها تراجعاً في زخمها السياسي والامني. 
وسواء كان التفاعل الرسمي الاردني مع الواقع الفلسطيني المضطرب في لقاء العقبة الخماسي شباط /فبراير الماضي، وضم الاردن ومصر والسلطة واميركا والكيان الاسرائيلي، ومن بعده اللقاء الخماسي في شرم الشيخ في شهر اذار / مارس من العام ذاته، او في القمة العربية في الرياض ايار / مايو من العام الحالي 2023 وما تلاها من لقاءات في القاهرة، ثم القمة الثلاثية الاردنية المصرية الفلسطينية (السلطة في رام الله)  في العلمين اب /اغسطس الحالي، فإنها لم تعمد الى توسعة نطاق اتصالاتها لتشمل سائر الفصائل والقوى الفلسطينية التي نجحت في استعادة حضورها وتأثيرها في المشهد العسكري والسياسي المقاوم للضفة الغربية في مواجهة الصعود المتنامي للائتلاف الفاشي الحاكم في الكيان الاسرائيلي الذي يستهدف الارض والانسان والمقدسات. 
ورغم التطورات المتسارعة في الضفة الغربية التي استدعت من القاهرة الاستجابة لطلب السلطة في رام الله استضافة اجتماع الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية في اب /اغسطس الحالي، عقب العدوان الاسرائيلي على مخيم جنين الذي يعد الأقرب الى عمّان والبحر الميت من مدينة العلمين، سواء في بعده الجغرافي المجرد او البعد الجيوساسي المعقد للضفة الغربية، فإن عمّان لم تخطُ خطوتها الأولى بعد لهندسة علاقتها بالضفة الغربية وفصائلها قبيل الانهيار الامني والسياسي الشامل الذي بات متوقعا في ظل الحكومة الائتلافية الدينية اليمينية والمعارضة العلمانية اليمينية المراوغةـ والاهم في ظل الفشل الامريكي المتكرر لفرض التهدئة وخفض التصعيد.  
الأردن بحاجة اكثر من أي وقت مضى للتفاعل مع متغيرات الساحة الفلسطينية، خصوصا في الضفة الغربية التي تقترب من استحقاقات امنية وسياسية تعد الفصائل والقوى المقاومة فاعلاً أساسياً فيها؛ إذ لم يعد من المعقول ان تبقى الجهود خجولة وعلى استحياء عبر استضافة عابرة لفدوى البرغوثي زوجة المناضل مروان البرغوثي في سياق حملة تصدرتها للدفاع عن الاسرى، او في التنسيق المتواضع مع الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس لتنظيم زيارات عائلية، وتنظيم مهرجانات افتراضية عبر شبكة الانترنت كمهرجان الاقصى 22 الذي شارك فيه خالد مشعل في مدينة الكرك عبر شبكة الانترنت، في مقابل نشاط مفرط في القاهرة والعلمين وانقرة والجزائر من قبل لمناقشة الحالة الفلسطينية الداخلية وبحضور قيادات كبرى شملت محمود عباس واسماعيل هنية. 
الانفتاح الاردني على الساحة الفلسطينية بكافة اطيافها وفصائلها وقواها الاجتماعية والسياسية والامنية لمناقشة مستقبل الضفة الغربية تبدو ضرورة بعد تولي الائتلاف الفاشي بقيادة نتنياهو الحكم، وهي حاجة ملحة تعاظمت أهميتها بصعود العمل المقاوم في الضفة الغربية، وبعد دعوة رئيس حركة حماس اسماعيل هنية الأردن إلى الحوار في اذار الماضي رداً على خطاب وزير المالية الاسرائيلي الاستفزازي بتسلئيل سموتريتش في العاصمة الفرنسية باريس، والذي أنكر فيه وجود الشعب الفلسطيني، وهدد سيادة الاردن ووجوده في الآن ذاته، فالوقت قد حان للانتقال من الاستضافة الافتراضية الى الاستضافة الواقعية وحوارات تناقش مستقبل الضفة الغربية والصراع مع المحتل الاسرائيلي. 
ختاماً..
الاردن معني بمناقشة واقع الضفة الفلسطينية ومستقبلها، وبالانخراط في نقاش جاد مع القوى الفلسطينية والفصائلية الى جانب السلطة أسوة بما حدث في اجتماع الأمناء العامين في العلمين المصرية، وفي انقرة عاصمة تركيا، والاهم استجابة لدعوات متكررة من الفصائل الفلسطينية لمناقشة تهديدات اليمين الفاشي المتكررة للسيادة الاردنية والفلسطينية والوصاية الهاشمية على الاقصى، وعدم الاكتفاء بالمشاريع الامريكية، والطروحات الإقليمية المستندة الى مشاريع خفض التصعيد الامريكية التي ثبت فشلها وعقمها في الضفة الغربية وسائر الاقليم.
السبيل

مواضيع قد تهمك