د.حسام العتوم
الصراع
السياسي و العسكري و الاقتصادي الذي بدأ عامي 1947 و 1948 و تجدد عام 1967 ،و
تواصل حتى الساعة هذا العام 2023 إسمه ( العربي – الإسرائيلي ) ، و تحول إلى
فلسطيني – إسرائيلي بعد أوسلو عام 1993 ، وبقي فلسطينيا – عربيا – إسلاميا –
مسيحيا مع الاحتلال الإسرائيلي ، و لم يكن يوما إسرائيليا فقط ، و صهيونية ثيودور
هرتزل عام 1897 التي حركت اليهودية تجاه فلسطين ، وبعد هروبهم من أودولف هتلر عام
1945 و تضخيم المحرقة ، و إعتبارها كانت موجهة لليهود فقط وليس لعموم السوفييت و
لكل العالم المناهض للنازية الألمانية ، وبعد إختيار الزعيم السوفيتي جوزيف ستالين
لأن تكون وجهة اليهود من منطقة ( باراذبيجان ) صوب فلسطين بعد عدوله عن توجيههم
للقرم و لغير مكان ، قسمت فلسطين عام 1947 إلى دولتين عبرية و عربية ، و رسخت
الوجود الإسرائيلي الإستعماري و الإستيطاني على أرض فلسطين أولا بقوة السلاح ، و
استثمرت رفض العرب لتقسيم فلسطين بسبب قدسية تاريخها و مكانتها لديهم ، ومضت تواصل
الاحتلال لأراضي العرب تارة ، حيث ضمت كل فلسطين و قدسها و مقدساتها التي تنضوي
تحت لواء وراية الوصاية الهاشمية منذ عهد قائد ثورة العرب الكبرى الشريف الحسين بن
علي -ملك العرب طيب الله ثراه - عام 1924 ، و سيناء ، و هضبة الجولان العربية –
السورية ، و مزارع و تلال شبعا اللبنانية ، و الضفة الغربية و غزة ، و الباقورة و
الغمر الأردنيتين ، و انسحبت تارة أخرى من سيناء ، و من غزة ،ومن الباقورة و الغمر
، و حاولت إعادة الجولان ، وواصلت ممارسة الاحتلال لفلسطين لعام 1967 ضاربة بعرض
الحائط قرار مجلس الأمن و الأمم المتحدة رقم 242 الذي صنع في الأردن و حمل القضية
الفلسطينية على أكتافه ، وهو الداعي لإسرائيل لكي تتخلى عن إحتلالها لأراضي العرب
التي أحتلت عام 1967 لتسهيل إعتراف العرب بإسرائيل عام 1948 ، و لتقوم دولة فلسطين
كاملة السيادة و عاصمتها القدس الشرقية، و ليسود السلام بعد ذلك المنطقة والعالم.
وحدث
غزة هاشم المأساوي ، والبطولي ذات الوقت من طرف منظمة حماس الفلسطينية الإسلامية
بتاريخ 7 أكتوبر / 2023 وبعد ذلك بعد الاصطدام بالمستعمرة اليهودية " إسرائيل
" المتطاولة على الحق الفلسطيني و العربي بشكل دائم، والذي هو ليس الأول منذ
إنسحابها من غزة عام 2005 ، وهو عمل متكرر رغم إنهاء صبغة الاحتلال عنه و اعتباره
محتلا وكل فلسطين ، و الجولان ، ومزارع و تلال شبعا ، و يأتي ردة فعل على إعتداءات
( إسرائيل ) الاستعمارية الاستيطانية المتكررة على القدس و قبة الصخرة ، و لذلك
أطلقت حماس على الحدث الغزاوي إسم (طوفان الأقصى) ، و جاء عنيفا وغير متوقع ، و
سقط الشهداء من أهل فلسطين ، و سقط قتلى إسرائيليين، و بالغت ( إسرائيل ) في رقم
قتلاها لكي تستعطف الغرب خاصة ، فأعلن الغرب إسناده لإسرائيل فقط ، و حركت أمريكا
بوارجها فزعة لجانب ( إسرائيل ) بطريقة ملفتة للنظر و مستغربة و مبالغ فيها ، و
أخطأت حماس بالمقابل بإعلان إعدام الرهائن تباعا حالة تدمير ( إسرائيل ) للمباني
الفلسطينية الغزاوية بالتدريج ، و ارتكبت ( إسرائيل ) خطأ تدمير مساكن مواطني قطاع
غزة ، وهو أمر غير مطلوب وسط أخلاقيات القتال الشجاع، و النصر في حدث (غزة ) هو
للمقاومة الفلسطينية الباسلة التي وقفت بوجه الاحتلال الإسرائيلي المتجبر و
المتكبر مستهدف كرامة ليس الفلسطينيين الأشقاء و إنما كل العرب و بكامل عمقهم
الاسلامي و المسيحي ، و أي جهة عربية سواء كانت جيشا أو حركة مقاومة تتصدى
للاحتلال دفاعا أو هجوما توصف من قبل مستعمرة ( إسرائيل ) بالإرهاب ، ومن ينتقد
سلوك اليهودية في التعامل عبر المستوطنات مع المواطنين العرب الخاضعين للإحتلال
يتهم بالسامية ، رغم أننا نقع في منطقة حاضنة للأديان السماوية الثلاثة الكبيرة (
الاسلام ، و المسيحية ، و اليهودية ) التي تتبع جميعها لجد الأنبياء إبراهيم
الخليل عليه الصلاة و السلام .
ولقد
وضع جلالة الملك عبدالله الثاني "حفظه الله" الإصبع على الجرح في خطاب
العرش السامي بتاريخ 11/ 10 / 2023، في الدورة العادية الأخيرة لبرلمان التاسع عشر
،عندما ربط جلالته بين حدث ( غزة ) الحالي و ضرورة الوصول لحل الدولتين ولقيام
دولة فلسطين و عاصمتها القدس الشرقية لينتهي النزاع القائم بين الفلسطينيين و
الإسرائيليين ، حيث قال جلالته : " لن ننعم بالأمن و الأستقرار من دون تحقيق
السلام الأمن و الشامل على أساس حل الدولتين ليحصل الشعب الفلسطيني على دولته
المستقلة على حدود الرابع من حزيران لعام 1967 و عاصمتها القدس الشرقية" .
وشخصيا
تحدثت بنفس العبارات بتاريخ 10/ أكتوبر / 2023 مع التلفزيون الروسي عبر قناته
"24 و1" أثناء مقابلتهم لي هنا بعمان ، و تحدث الرئيس الروسي فلاديمير
بوتين لضيفه رئيس وزراء العراق محمد السوداني مؤخرا مطالبا بالوصول لدولة فلسطينية
و عاصمتها القدس الشرقية إلى جانب دولة ( إسرائيل ) ، ملفتا الإنتباه للدور السلبي
الأمريكي المعيق لعملية البناء السياسي فوق الأراضي الفلسطينية و لحماية السكان
الأمنين الذين لا شأن لهم بالصراع القائم المؤذي لهم ، و الموقف الروسي ثابت وواضح
و جريء من القضية الفلسطينية العادلة ، و الموقف الغريب ينحصر في بلاد الغرب ،
خاصة في أمريكا التي أعلنت إنحيازها الكامل لإسرائيل فقط في النزاع القائم بين (
إسرائيل ) و قطاع غزة ، و تحديدا مع حركة المقاومة الفلسطينية – العربية –
الاسلامية حماس ، و أوعزت بإرسال البوارج لتعزز حماية ( إسرائيل ) من دون أن تطرق
الباب لسبل الوصول لسلام عادل ، ووزير خارجيتها بلينكين يزور المنطقة قافزا من فوق
أسوار السلطة الفلسطينية – مظلة النضال الفلسطيني إلى جانب قوى المقاومة
الفلسطينية الأخرى، و هكذا تصرفت بريطانيا ، و فرنسا ، و المانيا ، و دولة "
كييف – زيلينسكي " بالوقوف إلى جانب ( إسرائيل ) و اعتبارها الضحية فقط.
ومقارنة
سريعة للموقف الغربي الأمريكي غير المحايد و المنحاز لإسرائيل المحتلة علانية وسط
حدث غزة ، مع موقفه المخادع مع أوكرانيا بهدف المحافظة على سيادتها ، بينما وجه
عيونه على الاصطدام مع روسيا الاتحادية الناهضة ، من أجل ديمومة الحرب الباردة و
سباق التسلح ،و إستنزافها ، و توجيه عقوبات إقتصادية ضدها ، و كلها أساليب مكشوفة
للجانب الروسي ، و يضمر للمكون السوفيتي و السلافي الأنخراط بالصراع الدائم حتى
يسود عالم أوحادية القطب الذي بدأ يتراجع وهجه مقابل صعود نجومية عالم الأقطاب
المتعددة بقيادة روسيا الاتحادية ، لتعم العدالة ، و ليسود التوازن الدولي ، و
ليتحقق السلم العالمي مكان النزاعات و الحروب .
و بما
أن ميزان القوة العسكرية في الحدث الغزاوي يميل لصالح ( إسرائيل ) و أمريكا ،
بينما تمسك المقاومة الفلسطينية بسلاح الكلاشينكوف و المغامرة ، و بينما المتضرر
الأكبر هم أهل غزة – أهل فلسطين ، و المدنيين الإسرائيليين و العسكريين في المقابل
، فإن ( إسرائيل – نتنياهو ) لن تتمكن من إبادة حماس بكل تأكيد كما تعمل وتخطط
وتعلن ، والأصل أن تذهب لإنهاء إحتلالها لأراضي العرب حتى يعم السلام كامل المنطقة
قبل أن تتسع رقعة الصراع لتشمل حدود لبنان و سوريا و اليمن و أبعد.