شريط الأخبار

سندات بلا سداد للناقل الوطني

سندات بلا سداد للناقل الوطني
كرمالكم :  

عبد المنعم عاكف الزعبي

سندات بمئات الملايين أصدرتها البنوك الأردنية بعد جائحة "كوفيد-19" بأجل مفتوح دون تاريخ سداد محدد لأصل المبلغ المقترض.
أي أن المقرض "المستثمر / مشتري السندات" متنازل عن حقه باسترداد قيمة السندات التي قام بشرائها، مقابل استمراره بالحصول على فائدة سنوية أو نصف سنوية على أمواله بأجل مفتوح بلا نهاية.
طبعا هذا المعادلة تتغير عمليا إذا قرر مشتري السندات بيعها إلى مشتر آخر مستقبلا، حيث أنه يسترد بذلك قيمة السندات الأصلية بربح أو خسارة، ولكن ليس من المقترض "البنك المصدر للسندات"، إنما من راغب آخر في تملك هذه الأداة المالية.
المعادلة تتغير أيضا إذا قرر مصدر السندات سدادها اختياريا مستقبلا بسبب ظروف تسمح له بالحصول على مصدر تمويل أكثر ملاءمة أو أقل كلفة.
من وجهة نظر البنك المقترض "المصدر للسندات"، هذا النوع من الاقتراض يعزز ملاءته المالية ونسب كفاية رأس المال، حيث أنه غير مطالب بسداد المبلغ المقترض مستقبلا إلا برغبة ذاتية وبناء على الظروف التي تناسبه فقط
بمعنى أن إصدار البنوك لهذه السندات يعزز من قدرتها على التوسع في الإقراض والاستثمار دون خرق نسب السيولة وكفاية رأس المال القانونية. وبالتالي يستفيد البنك، ومعه المقترضون في السوق الأردني، والاقتصاد الكلي بالمحصلة.
ظهور هذه السندات بهذا المستوى من الزخم محليا، رغم عدم نضوج أسواق المال الأردنية، يؤكد وجود ثقة كبيرة بالقطاع المصرفي الأردني. ولولا هذه الثقة، لكان مشترو هذه السندات من أفراد وشركات أردنيين توجهوا للأسواق الإقليمية والعالمية للاستثمار بأدوات مالية بهذا المستوى من الخصوصية والتقدم.
البنوك المركزية العالمية، والبنك المركزي الأردني، حريصون على مراقبة هذه السندات والتأكد من شفافية إصدارها، حفاظا على حقوق المشترين، ومصالح المصدرين.
كما أن الجهات الرقابية حريصة على توفير الإطار الجاذب لتداول هذه السندات بين المستثمرين، وبالتالي توفير السيولة للراغبين ببيعها مستقبلا، ومنح الفرصة للراغبين بتملكها لاحقا.
الحديث عن هذا النوع من السندات يقود للتفكير حول إمكانية إصدارها من قبل الحكومات، خصوصا عندما تواجه مستويات مديونية مرتفعة كما هو الحال في الأردن.
فقيام الحكومة الأردنية مثلا بإصدار مثل هذه السندات يوفر لها مصدر تمويل لا يحتاج لسداد، أي دون رفع لإجمالي الدين العام أو نسبته للناتج الإجمالي
ما قد يثني الحكومة الأردنية عن اتخاذ هذه الخطوة لا يرتبط فقط بارتفاع فائدة هذا النوع من السندات، إنما أيضا بعدم إقدام الحكومات الأخرى عالميا على مثل هذه الخطوة.
العودة إلى البيانات التاريخية يؤكد بأن حكومات الدول المتقدمة لجأت لمثل هذا النوع من السندات في أوقات الحروب والكوارث. وقد شهدت الفكرة مناقشات كبيرة أثناء جائحة "كوفيد-19" عبر دعوات متكررة للاتحاد الأوروبي لإصدار سندات سيادية بلا سداد.
ارتباط هذه السندات بالأزمات يعود لكونها استثنائية وأقرب ما تكون إلى الأسهم الممتازة نتيجة أجلها المفتوح وغياب تاريخ محدد للسداد. أي أن ما يستدعي إصدارها من الحكومات يحتاج أن يكون نوعا من المساهمة في وجود واستمرارية وبقاء الدولة، وليس نفقات اعتيادية بحاجة لتمويل.
بالنسبة لهذا المحدد، ربما يكون مشروع الناقل الوطني للمياه أكثر ما تنطبق عليه شروط إصدار سندات سيادية أردنية بلا سداد
فهذا المشروع وجودي بالنسبة للأردن من حيث توفيره للمياه وتنويع الخيارات الاستراتيجية للمملكة في هذا المجال. كما أن عددا من شركات المياه الحكومية الأجنبية أصدرت سندات بلاسداد مؤخرا في أوروبا.
التفكير بهذا الخيار مجدي. فالحكومة توفر التمويل دون ارتفاع جديد في أرقام المديونية. والمستثمرون الأفراد والشركات يحصلون على فائدة جيدة وتقدير معنوي كمساهمين في مشروع استراتيجي وطني. والبنوك تحصل على خيار استثماري جديد، وربما يتم السماح لها باستخدام احتياطاتها الالزامية في شراء هذه السندات
يبقى أن الإطار القانوني لإصدار مثل هذه السندات من قبل الحكومات لا يزال ناشئا، ما يتطلب استشارة الجهات الدولية المتخصصة والتأكد من انعكاسات إصدار هذه السندات والاستثمار بها على المالية العامة وموازنات المستثمرين

مواضيع قد تهمك