شريط الأخبار

عذرا يا الماغوط .. إنهم يكرهوننا

عذرا يا الماغوط .. إنهم يكرهوننا
كرمالكم :  

محمود الخطاطبة

يقول الشاعر والأديب السوري الراحل، محمد الماغوط، «سافر وسترى شعوبًا غيرنا وتفهم معنى الإنسانية والحياة»، و»ستتأكد أنه لا وقت ولا طاقة ولا رغبة للغرب في التآمر علينا»... عذرًا أيها الأديب، لقد أثبتت الأيام بأنهم يكرهوننا، ويُريدون تدميرنا.

مع احترامي وتقديري للراحل الماغوط، أنت لم تر ما يفعله الغرب الآن، من خلال أداة وحشية همجية (الصهيونية) بأهل فلسطين بشكل عام، وقطاع غزة بشكل خاص، هذه البقعة من الأرض المُحتلة منذ عقود.. ولم يكتفوا بذلك، بل فرضوا عليها حصارًا خانقًا منذ نحو عشرين عامًا، والآن يُبيدون شعبًا أعزل، لا حيلة له ولا قوة.

أيها الراحل، إن الصهاينة، وبدعم دول الغرب الذين وصفتهم بأنهم «يفهمون معنى الإنسانية والحياة»، يقتلون في غزة كل دقيقة 6.7 طفل، و3.8 امرأة، وإذا ما تم حسبة الشهداء جمعيهم، أكانوا أطفالًا أم شيوخًا أم نساء أم شبابًا، فإنهم يقضون بوحشية على 15 شخصًا كل دقيقة.

نعم، إنهم يكرهوننا، فحصيلة هجمة واحدة على المُستشفى الأهلي المعمداني، استشهاد أكثر من أربعمائة شخص، جُلهم من المدنيين، لا بل أطفال ونساء.. خلال عدوان واحد في مخيم جباليا، أول من أمس، قصفوه بستة أطنان من المتفجرات، استشهد 400 شخص مدني، فضلًا عن مئات الإصابات، نسبة كبيرة منها مبتورة الأطراف، بالإضافة إلى تدمير 30 منزلًا، للوهلة الأولى.
يكرهوننا، إذ قصف العدو الصهيوني تلك البقعة، التي لا تتجاوز مساحتها الـ360 كيلومترا مُربعًا، بـ24 ألف طن من المُتفجرات، بعضها محرم دوليًا، خلال 25 يومًا فقط.

نعم يكرهوننا، فالولايات المُتحدة الأميركية قامت بإرسال أعظم حاملتي طائرات لديها، وتُعدان الأثقل في ترسانتها البحرية، «يو إس إس دوايت آيزنهاور»، و»يو إس إس جيرالد فورد»، وكلتاهما تحملان نحو 100 طائرة حربية، منها «إف-35»، ومئات آلاف الأطنان من المُتفجرات، وحوالي عشرة آلاف جندي وبحري وطيار، ناهيك عما يقرب من ألف جندي من قوات «الدلتا»، المُخصصة لتحرير الرهائن.

مقولتك «الغرب مشغول بما هو أهم منا بكثير».. للأسف لم تكن دقيقة، بل يكيد لنا كيدًا، يُريد أن يُسيطر على مواردنا، بما تتضمنه من نفط وغاز ونحاس وذهب، وموقع جغرافي يشتمل على مناخ يُعد من أفضل مناخات العالم أجمع.. يُريدوننا رُعاعًا، نأكل ونشرب ونلبس، ويا ليت نأكل مما نزرع، ونلبس مما نصنع.

هدموا وما يزالون يهدمون، فخلال 25 يومًا، تم مسح أكثر من 50 ألف وحدة سكنية عن وجه الأرض، ونزوح نحو 1.5 مليون غزي، بلا مأوى أو فراش.. يُسرفون إسرافًا في الإبادة الجماعية، بدعم دول «الإنسانية والأخلاق»، فهذه الدول تُسلح العدوان الغاشم بأعتى أنواع الأسحلة، وتوفر له دعمًا اقتصاديًا واستخباراتيًا، وكذلك غطاء دبلوماسيًا وسياسيًا، بُغية تبييض الفظائع التي يرتكبها.

يكرهوننا، فهم لا يُريدون لنا التقدم في أي مجال من مجالات الحياة، فليس لدينا تعليم يُساعد على تقدمنا، أو على الأقل معرفة ما يُدار حولنا وما يُحاك ضدنا، ولا طب ولا أطباء، وإذا وجدوا فلا مُستشفيات أو مراكز صحية، لقد حاربونا لكي لا يكون عندنا أو لدينا مُنشآت صناعية مُتقدمة.. حتى تمثيلية الديمقراطية، يتم تفصيلها لنا كما يُريدون، بلا أكمام أو جيوب أو حتى أرجل، وكذلك الحُريات وحقوق الإنسان حرام عندنا وحلال عندهم.

أيها الراحل الكبير، لكنك صدقت عندما قُلت «إننا نتقن التآمر على بعضنا بعضًا».. فنحن ساهمنا، بجبننا وتقاعُسنا، في عدم مُساعدة ودعم أشقاء، كانوا يموتون كل يوم بفعل حصار جائر، ظالم، تلفظه كل القوانين الدولية، ومن قبلها الشرائع السماوية، واليوم يموتون أمام ناظرنا، بصواريخ ودبابات وطائرات بني صهيون والغرب.. ويا ليت الأمر يقتصر على ذلك، فهُناك بلدان تؤيد ذلك، بحجة «الدفاع عن النفس، تارة، وأُخرى بدعوى حماية المدنيين». كما صدقت في قولك «ستعرف أننا لسنا أحسن شعوب العالم ولا أعرقهم».. فلو كنا أحسنهم وأعرقهم، لتحرك بداخلنا شيء من النخوة والشهامة والحمية، حتى لو كانت «حمية أو نخوة الجاهلية».

مواضيع قد تهمك