شريط الأخبار

سباحة أمريكا في المستنقعات تقلق شركاءها

سباحة أمريكا في المستنقعات تقلق شركاءها
كرمالكم :  

حازم عيّاد

كشف وزير الخارجية السعودي فيصل الفرحان لقناة PBS الأمريكية، عن انطباعاته التي تشكلت بعد الفيتو الأمريكي الأخير على وقف إطلاق النار في غزة، ولقاءاته بالمسؤوليين الأمريكان في واشنطن بالقول: إننا نرى موقفا أمريكيا يعتبر (وقف إطلاق النار كلمة بذيئة)، وهو توصيف استثنائي من مسؤول عربي لدولة تعتبر حليفة وشريكة للولايات المتحدة؛ والأهم أنها من خبير وعارف بخبايا السياسة الأمريكية.

توصيف الفرحان كان دقيقا وعميقا للحالة النفسية للساسة في أمريكا، والتي عبر عنها بشكل هستيري بالفيتو في مجلس الامن، وبإعلان وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون تزويد الاحتلال بـ14 الف قذيفة دبابات وحاجتها لـ45 ألفاً أخرى بقيمة تتجاوز 100 مليون دولار، قبل ساعات من وصول وزراء خارجية المجموعة العربية والاسلامية الى واشنطن.

المواقف الأمريكية المتراكمة تشير إلى أن رهان واشنطن على الحرب فاق نظيرتها الإسرائيلية التي تنزف في ساحة المعركة بشكل يومي دون جدوى؛ فإسرائيل رغم الدعم الأمريكي لم تتمكن من تضميد جراحها، ولا زالت تقف عاجزة أمام المقاومة الفلسطينية، ما يجعل الولايات المتحدة في حالة ذهول أربك إدارتها للحرب، والمواجهة بشقيها السياسي والعسكري، وراكم أخطاء يصعب معالجتها بفيتو، أو بمزيد من القنابل والقتل.

غياب الأفق السياسي والعسكري للحرب واضح ومرئي، تقابله أمريكا بإنكار وتجاهل، في محاولة متكررة للهروب للأمام بعيدا عن الاستحقاق الأساسي المتمثل بفشل الاحتلال الإسرائيلي؛ الذي يمثل نقطة الارتكاز في سياستها الاقليمية.

فالاحتلال عجز عن أداء وظيفته رغم الدعم الأمريكي المباشر الذي تجاوز حدود تقديم المظلة السياسية والعسكرية نحو الانخراط المباشر في المواجهة وتفاصيلها اليومية في صورة مكثفة ومضغوطة للحرب في فيتنام وأفغاستان والعراق في الآن ذاته، وهو ما أثار المزيد من الجنون والهوس الأمريكي.

كثافة المشهد السياسي والعسكري تعيق الولايات المتحدة عن الرؤية والإدراك السليم، وتدفعها نحو المزيد من الأخطاء في إدارة المواجهة، ما يقود الى تعاظم خسائرها وعزلتها، وهي سياسة تحركها الغطرسة والعنجهية وصعوبة تقبل الفشل والتكيف معه، خصوصا وأنها تلقت ضربة تحت الخاصرة، وفي توقيت ظنت فيه أنها تملك زمام المبادرة في العالم من الباسفيك الى الاطلسي، مرورا بالبحر الاسود والخليج العربي.

لا يتوقع أن تنهي أمريكا الحرب على قطاع غزة في وقت قريب، فقدرتها على التكيف مع نتائج الحرب والمواجهة أقل بكثير من قدرتها على التكيف مع نتائج الفشل في أفغانستان والعراق، ومن قبل ذلك بوقت طويل فيتنام؛ إذ لم يمض وقت طويل على محاولات أمريكا احتواء نتائج فشلها في العراق وأفغانستان، ونقل معركتها الى أوكرانيا وتايوان وبحر الصين الجنوبي، لتعود إلى ذات المربع والمستنقع الذي خرجت منه في أقل من عامين.

أمريكا في موقف لا تحسد عليه، لكن إصرارها على الحرب كإصرارها على الغرق في المستنقع، ظنا منها أنها تجيد السباحة في المستنقعات، وهو موقف سيقود إلى تعاظم خسائرها وفقدان أقرب شركائها الثقة فيها لتهورها وجنونها؛ أمر سيدفعهم إلى المسارعة للتكيف مع الواقع الجديد، عبر الانفتاح على القوى الدولية والإقلميية التي تبدي قدرا أكبر من العقلانية، أو باتجاهها نحو بناء شراكات ومحاور جديدة تبعدها عن الجنون الأمريكي.

السبيل

مواضيع قد تهمك