شريط الأخبار

إسرائيل تحارب فوق وطن لا تملكه

إسرائيل تحارب فوق وطن لا تملكه
كرمالكم :  

د.حسام العتوم

كتب الدكتور عبد الفتاح مقلد في مؤلفه " الكنعانيون و تاريخ فلسطين القديم " ، وهو الذي يتحدث عن حضارات قامت على أرض فلسطين منذ قبل 4000 سنه ، بل أن الكنعانيين وجدوا من قبل 7000 سنه ، وهم من اخترعوا البرونز و الحديد و الكتابة الفنيقية . و إسرائيل تكونت بالقوة عبر ثلاث مراحل تمثلت من أوروبا و أسيا و أمريكا ليحتلوا فلسطينين مدعين أنها أرضهم . و تكونت إسرائيل من طوائف تنذر بتفكك إسرائيل ." انتهى الاقتباس " . و إسرائيل عبر قرار التقسيم عام 1947 ، و حروبها مع العرب ( 1948 / 1956 / 1967 / 1968 / 1973 / 2023- 2024) حاولت و لازالت تحاول ترسيخ وجودها غير الشرعي على أرض فلسطين ، و باقي الاراضي العربية المحتلة ،و تعطي أولوية سيطرتها الاحتلالية الاستيطانية لأرض فلسطين و القدس الشريف .

فقرار تقسيم فلسطين عام 1947 التفاف للصهيونية على الأمم المتحدة ، بتصويت 163 دولة من أصل 193 دولة .و أول دولة اعترفت بإسرائيل كانت الولايات المتحدة الأمريكية عبر الحكومة المؤقتة ، تبعها الاتحاد السوفيتي . و لم تستطع إسرائيل بسهولة نيل عضوية الأمم المتحدة التي تقدمت لها عام عام 1948 و حصلت عليها عام 1949 . و أصدر قرار التقسيم توصية خبيثة على شكل رسالة يعرف جوابها ، عندما عرض على العرب – الفلسطينيين دولة ، و هو يعرف رفض العرب المسبق لها لقدسية فلسطين ، و إسرائيل اليوم ترفض علنا ، و يتقدم رفضها نتنياهو – و حزب الليكود العنصري المتطرف معتبرين غور الأردن أرضا إسرائيلية كذلك . الأمر الذي يصعد لغة الحوار مع الأردن مباشرة أيضا .

لقد انقسمت حروب إسرائيل مع العرب الى قسمين ، واحد لترسيخ هوية إسرائيل على فلسطين التاريخية ، و الثاني لاحتلال كامل فلسطين و القدس الشريف ، و فرض شروط سلام على العرب . لذلك خرجت إسرائيل من سيناء و جنوب لبنان و غزة و الباقورة و الغمر ، و عينها على سلام بشروط مع لبنان شريطة تسليم حزب الله لسلاح ، و اعادة الجولان بشرط إسرائيلي يبقي على الهضبة العربية السورية خالية من السلاح و الماء . و لقد رفضت سوريا السلام مع إسرائيل مرتان ، في عهد اسحق رابين 1995 ، و في عهد أولمرت عام 2008 بسبب شروط إسرائيل المسبقة ،و لكون أن نهج سوريا قومي لا يقبل بالشروط المتعالية .

و الان في وقتنا المعاصر ، ومع عاصفة طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر ، بعد ردة فعل حماس – حركة التحرر العربية الفلسطينية الإسلامية و الأيدولوجيا ، التي تنعتها إسرائيل و الغرب الأمريكي بالإرهاب ، و يعفون أنفسهم منه ، بينما التاريخ المعاصر يتحدث لنا كيف صنعت صهيونية ثيودور هرتزل عام 1897 ، و عصابات ( شتيرن ، و الهاغاناه ، و الأرغون ) الارهابية إسرائيل ، و كيف أصبح الغرب و حلف " الناتو" بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية رهينة لإرهاب إسرائيل ، لدرجة لم نعد نفرق فيها بين ارهاب إسرائيل و ارهاب الغرب .

ولقد أثبتت إسرائيل اصابتها بعمى الالوان عندما تقرر مواصلة الحرب على قطاع غزة و على حماس و المقاومة الفلسطينية ، و العربية في لبنان " حزب الله " ، و على حزب الله في العراق ، و على الحوثيين في اليمن من خلال أمريكا و بريطانيا في زمن تعقد فيه سلاما مع مصر و الاردن و الامارات و البحرين و المغرب ، و عينها على السعودية الصيد الكبير.

والمدهش في حربها الحالية في غزة هو أن إسرائيل امتهنت الابادة عن قصد و سبق اصرار ضد المدنيين الفلسطينيين و برقم وصل الى 26 الفا من الشهداء جلهم من الاطفال، و تواصل الاعتقال و التعذيب و التجويع و منع ادخال علاجات التخدير الخاصة بعمليات الاطفال ، و تبحث عن عدد من الأسرى الإسرائيليين ، و عددهم محدود ، و لاترى جريمتها البشرية الكبرى البشعة ذات الوقت ، و تحاول انكارها بالأدلة الدامغة أمام محكمة العدل الدولية . وكلما طالبت حماس بوقف اطلاق النار نهائيا ، كلما ذهبت إسرائيل الى المراوغة مطالبة بالأسرى و للعودة للقتال و قتل المدنيين الفلسطينيين من جديد . و يقتل جنودها و لا تأبه ، و يستشهد المدنيين الفلسطينيين و لا تلتفت ، تماما كما الغرب ، و تبحث عن تصفية ليس حماس فقط و هو المستحيل لأنها حركة أيدولوجيا ، وانما لتصفية القضية الفلسطينية بالكامل ، معتبرة قيام دولة فلسطين بمثابة ظهرة قنبلة ايران النووية.

الخطاب الرسمي العربي يختلف بطبيعة الحال عن نقيضه الشعبي ، ففي الوقت الذي اعترفت بعض الدول العربية التي وقعت سلاما مع إسرائيل بتحول فلسطين التاريخية الى إسرائيل فعلا ، نجد الشارع العربي يرفض الاعتراف بإسرائيل ، و يعتبر كلمة " إسرائيل " أو " اليهودي " شتيمة يتداولونها فيما بينهم حالة وقوع خلاف ، و لا علاقة للموضوع بمعاداة السامية . وتدعي إسرائيل حق الدفاع عن النفس و أحقية الحرب وسط أراضي فلسطين لعام 1967 في غزة و الضفة الغربية ، و تهاجم أراض عربية مجاورة مثل لبنان و سوريا التي تحتل اراضي فيها منذ عام 1967 أيضا ، وتهاجم اليمن بالوكالة عبر أمريكا و بريطانيا لمجرد فزعة الحوثيين مع أهل فلسطين ، أهلنا ، وهو حق شرعي لهم ، يخولهم اعاقة ملاحة البحرين الأحمر و العرب ما دامت إسرائيل ترفض وقف الحرب رغم نداءات المجتمع الدولي و كبريات مؤسساتها الدولية .

حق الدفاع عن النفس تملكه حركات التحرر العربية فقط و في مقدمتها الباسلة حماس ، وان لم توقف إسرائيل عدوانها على الفلسطينيين ، فإن الحرب مرشحة للتوسع ، و عندها لن ينفع إسرائيل حتى " الناتو " ،و ستبقى أمام خيارين لا ثالث لهما ، اما اعطاء الفلسطينيين حقهم التاريخي في الأرض و الدولة و عاصمتها القدس الشرقية ، و تجميد المستوطنات ، و ضمانة حق العودة ، أو تحزم إسرائيل حقائبها ، و ترحل مع يهودها الى حيث رغب الزعيم السوفيتي بداية جوزيف ستالين عام 1950 الى القرم أو سخالين ، و هو الذي تعاطف معهم بعد محرقة " هولوكوست " عام 1945 نهاية الحرب العالمية الثانية التي اصابتهم و غيرهم كثر من شعوب العالم المشتركة في الحرب. و بما أن إسرائيل عزيزة على أمريكا و بريطانيا و الغرب ، رغم أنها محتلة و مستوطنة ، ويتعاملون معها بإنحياز و ليس على طريقة روسيا الاتحادية التي توازن استراتيجيا بين علاقتها مع إسرائيل بحكم الحضور الديمغرافي اليهودي و الروسي و الذي يتجاوز المليون انسان ، وبين حق الفلسطينيين بالحصول على دولتهم و عاصمتها القدس و بتجميد المستوطنات ، و بضرورة مغادرة إسرائيل الاراضي العربية التي احتلتها عام 1967 وفقا لقرار الأمم المتحدة 242 ، فإن خيار ترحيل إسرائيل الى اقليم " الاسكا " الأمريكي الروسي الأصل معقول ، وفي مكانه و زمانه . و للحديث بقية.

مواضيع قد تهمك