حتى
بعد ارتفاع الدولار الأمريكي هذا العام مقابل جميع نظرائه في مجموعة العشرة، يتوقع
جولدمان ساكس للأبحاث أن يحتفظ الدولار الأميركي إلى حد كبير بمكاسبه الأخيرة حتي
نهاية عام 2024،
كما يعتقدون أن تظل العملة الأميركية عند نفس المستوى مقابل أمثال اليورو والجنيه
الإسترليني والدولار الأسترالي في غضون 12 شهر
القادمة.
يقول
رئيس قسم أبحاث استراتيجيات الصرف الأجنبي وأسعار الفائدة والأسواق الناشئة
العالمية "كاماكشيا تريفيدي": إن الكثير من تلك التوقعات تعود إلى
الآفاق المحدودة للتباعد الاقتصادي الكلي العالمي والنمو القوي المستمر الذي يولده
الاقتصاد الأمريكي، ويضيف: "بشكل عام، سنستمر في العيش في عالم قوي للدولار
الأميركي مع عدد من عوامل الخطر التي من شأنها أن تدعمه، ومن المرجح أن يكون أي
تآكل في التقييم القوي للدولار سيكون تدريجيًا".
ما هي
توقعات الدولار الأمريكي للأشهر الـ 12 المقبلة؟
تم
تداول الدولار في سوق تداول
الفوركس في نطاق قوي وضيّق خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2024، بالنظر
إلى الأشهر الـ 12 المقبلة، نعتقد أن هناك عددًا من العوامل التي ستبقي الدولار
الأمريكي أقوى لفترة أطول، ومن بين هذه الأسباب قوة الاقتصاد الأمريكي.
فعلى
الرغم من أسعار الفائدة المرتفعة فإن الاقتصاد الأمريكي يعمل بشكل جيد للغاية مما
يدعم الأسهم الأمريكية، ولا ينبغي لخفض أسعار الفائدة الذي من المرجح أن نشهده
خلال الأشهر الـ 12 المقبلة أن يؤدي إلى تآكل العائد على سندات الدولار بشكل
كبير أيضًا، يعتبر النمو الأفضل أو عائدات أسواق الأصول في بقية العالم القناة
الرئيسية لضعف الدولار الأمريكي، ولكن هناك أيضًا بعض السيناريوهات التي قد تدفع
الدولار إلى قوة أكبر مما هو عليه الآن.
بشكل
عام، سنستمر في العيش في عالم الدولار الأمريكي القوي مع عدد من عوامل الخطر التي
من شأنها أن تدعم العملة.
هل
هناك أي شيء في الأفق من الممكن أن يتسبب في تأرجح الدولار بشكل حاد نحو الانخفاض
أو الارتفاع؟
عادة،
عندما نرى تحركات كبيرة للدولار في اتجاه أو آخر، فإن ذلك يرجع إلى أننا نرى تباعد
كبير في الاقتصاد الكلي أو السياسات أو تباعد في الظروف الاقتصادية التي تنعكس بعد
ذلك في السياسة النقدية، وتتحول تدفقات رأس المال من أصل إلى أخرى عندما نرى
تقارير بيانات متباينة بمرور الوقت.
في
شهري مارس وأبريل، كانت هناك بعض الإشارات التي تشير إلى أننا قد نشهد نوعًا من
التباعد، حيث كانت آفاق النمو والتضخم في الولايات المتحدة تبدو أقوى من أوروبا
والصين، ولكن الأمور استقرت وما رأيناه على مدى الأشهر القليلة الماضية هو عالم
أكثر تقاربا، وذلك مع تراجع النشاط قليلا في الولايات المتحدة وانتعاش النشاط في
أوروبا وإظهار الصين لبيانات أفضل، إننا نشهد عموماً مزيداً من التقارب، وقد نجح
هذا التقارب في إبقاء الدولار وغيره من العملات الرئيسية في نطاق ضيق نسبياً.
هل
هناك أي دول لم يتحقق فيها هذا التقارب؟
نعم،
من المهم أن نضع في اعتبارنا أن هناك بضعة أماكن في العالم تشهد قدراً كبيراً من
التباعد، ومن الأمثلة البارزة على ذلك اليابان، فالفارق في أسعار الفائدة الحقيقية
(الفرق بين أسعار الفائدة المعدلة وفقاً للتضخم) بين الولايات المتحدة واليابان
واسع للغاية، وبالتالي فقد كان هناك قدر كبير من الاهتمام بتداول الدولار والين
وتقلباته.
ورغم
ذلك، فإن ما نراه هو أن صناع السياسات في اليابان يبدو أن شهيتهم لهذا النوع من
التباعد محدودة، حيث أنهم قد تدخلوا للسيطرة على الدولار، ومع ذلك، ونظراً للتباعد
في أسعار الفائدة الحقيقية فمن المتوقع أن يظل الين ضعيفاً لأشهر قادمة.
ماذا
عن البنك الاحتياطي الفيدرالي وسياسة أسعار الفائدة؟
إن ما
قد يدفع الدولار إلى الخروج من نطاقه الضيق هو العلامات الأكثر وضوحا على التباعد
الكلي، على سبيل المثال: لنفترض أن بنك إنجلترا والبنك المركزي الأوروبي خفضا
أسعار الفائدة في وقت لاحق من هذا العام لكن البنك الاحتياطي الفيدرالي يحجم عن
ذلك ويؤجل أي تخفيضات لأن مجموعة بياناته أقل تعاونا، وهذا سيناريو قد يخرجنا من
النطاقات الأخيرة ويدفع الدولار إلى قوة أكبر مما هو عليه الآن وفي توقعاتنا.
هل
هناك عوامل خطر أخرى قد تؤدي إلى تقلبات في الدولار؟
بطبيعة
الحال، فإن صحة الاقتصاد
الأميركي مهمة للغاية ولكن يبدو أنه يزدهر بمعدل قوي ثم هناك الانتخابات
الأميركية، إنها عامل خطر محتمل لأن نتيجتها قد تؤدي إلى المزيد من الإنفاق المالي
أو زيادة التعريفات الجمركية على دول معينة سواء على الصين أو على مستوى العالم،
وهذه أحداث وعوامل قد تدفع الدولار إلى الخروج من نطاقه الأخير.
أما
بالنسبة للانتخابات الأميركية، فإن التاريخ الحديث يشير إلى أن مدى التوسع المالي
الذي ستحصل عليه سوف يكون له علاقة كبيرة بما إذا كان هناك اكتساح تام من قبل حزب
في الكونجرس وليس فقط أي حزب يفوز بالرئاسة، في هذه الحالة، من المرجح أن يكون
قادرًا على تمرير المزيد من التدابير المالية التوسعية التي بدورها يمكن أن تؤدي
إلى قوة الدولار.
في
الحكومة المنقسمة، تكون القدرة على تمرير الكثير من التدابير المالية ذات المغزى
أقل، ومن الإنصاف أن نقول إنه في هذه الانتخابات على وجه الخصوص سنرى مناقشة
سياسات التجارة وسياسات التوسع المالي وتنفيذها، ونتيجة لذلك، فإن الدولار الأقوى
يشكل احتمالًا حقيقيًا ومخاطرة يتعين على بقية العالم إدارتها.
الدولار
الأمريكي سيظل صعوديًا بشكل معتدل
في
النصف الثاني من عام 2024 من المتوقع أن يحافظ الدولار الأمريكي على اتجاه صعودي
معتدل، العوامل الرئيسية التي تؤثر على هذا التوقع متجذرة في الديناميكيات
المتطورة للاقتصاد العالمي والتحولات المتوقعة في السياسة النقدية الأمريكية،
وفقًا لجولدمان ساكس فإن أسعار الفائدة الأكثر صرامة (بين 4% - 5% بحلول
ديسمبر 2024)
ستؤثر على الاقتصاد الأمريكي، مما يؤدي إلى معدل نمو متواضع يتراوح بين 0.5% - 1%، واستجابة
لذلك، قد ينفذ البنك الاحتياطي الفيدرالي تخفيضات في أسعار الفائدة التزامًا منه
بصلاحياته المزدوجة المتمثلة في معالجة التضخم وتعظيم العمالة، مع تخفيف متوقع
بمقدار 50 نقطة
أساس بحلول نهاية العام، وفقًا لتقرير صادر عن جي بي مورجان سيظل التضخم مرتفعًا
في عام 2024 فوق 3%، علاوة على ذلك،
من المتوقع أن تدعم بيئة أسعار الفائدة المنخفضة في الولايات المتحدة تعافي
العملات النامية.
في
أسهم النمو مثل التكنولوجيا والعقارات، تشير النظرة الأساسية الشاملة لعام 2024 إلى اتجاه هبوطي قوي
للدولار مع تأكيد موقف محايد من قبل جي بي مورجان وشركاه، بالمقارنة مع العقود
الآجلة لنهاية عام 2024 يمكن أن تكون العملات المختلفة التي تتراوح من اليوان الصيني
إلى الكرونة السويدية أكثر ثباتًا بنسبة 2% و 13% مقابل الدولار
على التوالي.
ومع ذلك، فإن هذه التوقعات تعتمد على العديد من الافتراضات، وقد تؤثر السيناريوهات المحتملة على النتائج.