عبد المنعم عاكف الزعبي
هناك اعتقاد واسع بأن وزارة المالية تتعمد تأخير نشر أرقام المالية العامة نتيجة تراجع إيرادات الخزينة منذ بداية العام 2024.
كما يدور الحديث عن تراجع هذه الإيرادات بأكثر من 400 مليون دينار خلال الخمسة أشهر الأولى من العام.
المطالبات بنشر أرقام المالية العامة والالتزام بمواعيد الإصدار الدورية لنشرة وزارة المالية محقة وتصب في الصالح العام.
مع ذلك، لا بد من التوضيح بأن التراجع في الإيرادات الذي يجري تداوله ليس مفاجئا، كما أنه ليس مرتبطا بأحداث غزة والنشاط الاقتصادي بالدرجة الأولى.
فالعودة إلى البيانات المالية لشركتي البوتاس والفوسفات يظهر انخفاض إيرادات الشركتين للخزينة من ضرائب ورسوم تعدين بحوالي 350 مليون دينار للعام 2024.
والسبب في ذلك تراجع أسعار وصادرات البوتاس والفوسفات والأسمدة عالميا، وبالتالي أردنيا ب 700 مليون دينار العام الماضي.
أي أن معظم التراجع الذي يتم الحديث عنه في الإيرادات مرده تقلبات أسواق السلع العالمية. وهي تقلبات عظمت إيرادات الخزينة منذ عام 2022 عندما اندلعت الأزمة الروسية-الأوكرانية، وها هي الآن تبدأ العودة لمستوياتها الطبيعية المعتادة.
ذلك لا يعفي الحرب في غزة من لعب دور في انخفاض إيرادات الخزينة بكل الأحوال. ولكن القصد أن انخفاض ال 400 مليون دينار الذي يجري الحديث عنه له أسباب أخرى رئيسية غير تباطؤ النشاط السياحي والاستهلاكي داخل المملكة.
في مواجهة انخفاض الإيرادات، لا تبدو مهمة وزارة المالية بتخفيض بنود الإنفاق معقدة، كون الكثير من هذه البنود "مضخمة" لتلميع الصورة الاقتصادية للموازنة، وأبرزها الإنفاق الرأسمالي ودعم السلع الاستراتيجية والنفقات الطارئة.
السؤال الأهم يدور حول سبب عدم قيام وزارة المالية بشرح أسباب انخفاض الإيرادات، ولجوئها عوضا عن ذلك لأسلوب تأخير نشر البيانات - إن صح ذلك.
على الأغلب، وزارة المالية لا تزال مصرة بأن ارتفاع عائدات الخزينة خلال السنوات الماضية سببه الأبرز والأهم هو رفع مستويات التحصيل ومكافحة التهرب الضريبي، وليس ارتفاع أسعار الفوسفات والبوتاس عالميا، أو قانون ضريبة الدخل لعام 2018، وما تضمنه من رفع للضرائب، وتقليص للإعفاءات على الصادرات والقطاعات الأخرى.
لذلك، ربما تكون الوزارة بانتظار الفترة الزمنية المناسبة التي تظهر أقل مستوى تراجع وأفضل معدل إنجاز في بنود الموازنة الأخرى، حتى يتم نشر الأرقام.
الخلاصة أن الوضع المالي للخزينة بخير، ولكن السياسة الإعلامية لوزارة المالية بحاجة لوقفة مراجعة.