د. عبدالله المشوخي
المتابع للمفاوضات الجارية حاليا بين
الكيان الصهيوني وحماس عبر وسطاء يلحظ أنها مفاوضات عبثية .
حماس تدرك ذلك تماما، غير أنها لا تريد
أن تظهر أمام شعبها الذي يتعرض لإبادة جماعية وحصارا جائرا رفضها لمفاوضات قد تسفر
عن حل ينهي معاناة حاضنتها الشعبية.
وبالمقابل، يستغل الكيان الصهيوني
الوقت ويتظاهر بالدخول في مفاوضات من أجل تهدئة أهالي الأسرى لديه، وفي نفس الوقت
يستمر في تدمير ما تبقى من مقومات حياة في غزة وقتل أكبر عدد من الناس انتقاما لما
تعرض له ن كسر لهيبته وذهاب ريحه مع بداية طوفان الأقصى وذلك في محاولة يائسة منه
لإعادة هيبة جيشه وقوة ردعه واسترجاع أمنه.
لكن يبقى تساؤل ملح: لماذا اقدمت
أمريكا على استئناف المفاوضات في 15/8 بعد اغتيال الشهيد اسماعيل هنية رحمه الله؟
المتابع لتطورات الأحداث في المنطقة
يلحظ أن وتيرة التهديدات على الكيان الصهيوني اتسعت لتشمل إيران حيث هددت بالثأر
والانتقام لاستشهاد القائد اسماعيل هنية على أرضها.
كذلك هدد حزب الله بالثأر لمقتل قائده
فؤاد شكر، إضافة إلى تهديد الحوثيين بالانتقام لتعرض ميناء الحديدة إلى دمار.
لذلك سارعت أمريكا لتحديد تاريخ 15/8
لاستىناف مفاوضات وصفتها بالفرصة الأخيرة على أمل إنهاء القتال في قطاع غزة وتخفيف
حالة التوتر في المنطقة في وقت حرج بالنسبة لها؛ كي تتفرغ للانتخابات الداخلية؛
وحرصاً منها على سلامة الكيان الصهيوني من خطر محتمل .
لذلك أكد بايدن وجوب تهدئة الوضع في
المنطقه قائلا: "لا ينبغي لأحد في الشرق الأوسط تقويض التوصل إلى وقف اطلاق
النار واطلاق سراح الرهائن".
ومثل هذا التصريح يحرج إيران، وكأن
هناك حلا واعدا في الأفق ينهي معاناة أهل غزة! وأن أي مواجهة مع الكيان الصهيوني
سيفشل الحل!
لأجل ذلك نجد تصريحات الوسطاء تعطي
آمالا واعدة لكافه الأطراف بإمكانية الوصول إلى حل في حال استمرار المفاوضات لأيام
قادمة، وربما لأسابيع لسد الفجوات المتبقية بطريقة تسمح بتنفيذ الاتفاق.
لكن واقع الحال مغاير تماما؛ فنتنياهو
وزمرته المتطرفة تضع شروطا إضافية لكل اتفاق للحيلولة دون تنفيذه؛ بهدف جر أمريكا
والدول الأوروبية لحرب اقليمية ضد إيران، ولا سيما في وقت يتنافس فيه الحزبان
الجمهوري والديمقراطي لاسترضاء أصوات اليهود في أمريكا، فهم أصحاب رؤوس أموال
ويملكون وسائل إعلامية مؤثرة على الرأي العام الأمريكي.
فهل ينجح نتنياهو في تحقيق مسعاه أم
تفشله المؤسسة الأمنية والعسكرية للكيان الصهيوني لإدراكهم أن ثمن الحرب مكلف
وخسائرهم ستكون فادحة، لذلك أعلن جيش الاحتلال إنهاء عملياته العسكرية في غزة بشكل
عام وأن الوقت حان لعقد صفقة للأسرى لتجنب تورط الكيان في حرب كلفة خسائرها فادحة.
وهل إيران وحزب الله سينتظرون ما تسفر
عنه المفاوضات العبثية أم سيثأرون كما وعدوا؟
الأحداث متسارعة والمنطقة تعيش على
صفيح ساخن والأيام حبلى والقلق يسود أرجاء المنطقة والكل يترقب.
وفي تصور بعض الخبراء أن نتنياهو يطمح
لتحقيق نزواته وذلك بجر المنطقة إلى حرب اقليمية؛ لأن توقيعه على معاهدة تشمل وقفا
للحرب وانسحاب لليهود من قطاع غزة يعني نهاية مجده الشخصي، ويعد فشلا ذريعا
لطموحاته ووعوده بتحقيق نصر شامل على حماس، لذلك تجده يضع عراقيل عدة أمام أي
اتفاق بهدف تقويضه.
ولعل بلطجة وفرعونية نتنياهو وغطرسته تؤدي إلى توريط الكيان الصهيوني في حرب خاسرة لا يدركها والله أعلم.
السبيل