عوني الداوود
في مواجهة التحديات الاقليمية.. وحتى يبقى الاردن قويا في مواجهة ما يحيط به من خطوب، لا حياد عن المضي قدما برؤى التحديث السياسي والاقتصادي والاداري، لزيادة قوته ومنعته وصموده في مواجهة تلك التحديات.. تضاف الى قوة الاردن الأولى المتمثلة في مصداقيته التي تجسدها مكانة وثقة العالم بشخص جلالة الملك عبدالله الثاني ركيزة الامن والاستقرار في المنطقة، وصوت العقل والحكمة، التي تثبت كل المتغيرات صواب و رجاحة ما يدعو اليه جلالته.. وكذلك قوة الاردن ومنعته بجيشه وأجهزته الأمنية التي تذود عن حمى الوطن.. تحفظ سماءه وبحره وثرى ترابه ممن تسوّل لهم أنفسهم بالتسلل الى أراضيه شمالا أو شرقا، عبر عصابات المخدرات والسلاح، أو من «أي جهة أو أي طرف كان يحاول التصعيد بالمنطقة على حساب الاردنيين أو أمن الاردن وأمانه».
رؤى التحديث التي أطلقها جلالة الملك لتكون عنوان المئوية الثانية للدولة، يؤكد جلالته في كل مناسبة بأن لا تراجع عنها، ويحث الحكومة وكل مكونات الدولة والمواطنين على ضرورة الاستمرار بمسيرة التحديث السياسي والاقتصادي والاداري، هذه الرؤى التي يفصلنا 20 يوما على الاستحقاق العملي للاصلاح السياسي والمتمثل بأول انتخابات برلمانية وفقا لمنظومة الاصلاحات السياسية، وصولا الى مرحلة حزبية أكثر نضوجا.
جلالة الملك عبدالله الثاني خلال لقائه بالامس سياسيين واعلاميين في قصر الحسينية، أكد على أن الأردن «ماض بثبات بتنفيذ التحديث السياسي والاقتصادي والاداري، ولن تعيقه التحديات الاقليمية».
ومن يتابع توجيهات جلالة الملك وحديثه منذ بدء العدوان على غزة يجد أن جلالته في الوقت الذي يواصل فيه الليل بالنهار بجهود دؤوبة لوقف العدوان على غزة وايصال المساعدات للاشقاء في غزة وفلسطين، كان في ذات الوقت يؤكد على ضرورة الاستمرار بتنفيذ رؤى الاصلاح لان قوة الاردن واقتصاده تمثل قوة ومنعة للاردن والاشقاء الفلسطينيين.
- في الاصلاح السياسي.. نحن اليوم امام استحقاق دستوري تفصلنا عنه ايام قليلة يستوجب مشاركة فاعلة من المواطنين لاختيار مجلس نواب قادر على حمل أمانة المسؤولية في هذا الوقت الذي تمر فيه المنطقة بظروف استثنائية تستوجب وجود مجلس نواب يحمل هموم الوطن والمواطنين قادر على مواكبة المتغيرات ومواجهة التحديات بتشريعات تلبي تطلعات الوطن والمواطنين.
- في رؤية التحديث الاقتصادي.. نحن اليوم امام انجازات اقتصادية تشهد بها منظمات دولية، فرغم التحديات والظروف الصعبة المتمثلة بالعدوان على غزة وتداعياتها التي انعكست على مختلف القطاعات الاقتصادية خصوصا في أعقاب التوترات عند باب المندب والبحر الاحمر.. ورغم تأثر قطاعات اقتصادية تلعب دورا كبيرا في معدلات النمو والناتج الاجمالي المحلي كقطاع السياحة - على سبيل المثال - الا أن الاردن وبرؤية اقتصادية واضحة، وبسياستين مالية ونقدية حصيفتين، استطاع مواجهة التحديات والمتغيرات بالتركيز على تحسين التحصيلات الضريبية بهدف زيادة الايرادات دون اللجوء لرفع الضرائب أو الرسوم، تخفيفا على المواطنين، وها هو الدينار الاردني مستقر وثابت، مقابل هبوط عملات دول تفوق اقتصاداتها الاقتصاد الاردني، وباحتياطات تاريخية من العملات الاجنبية لدى البنك المركزي تكفي لتغطية المستوردات لأكثر من (8) أشهر.. وكل هذا، وغيره، مكّن الاقتصاد الاردني من «احتواء الصدمات» والسيطرة على التداعيات الاقتصادية للحرب على غزة، بل حقق تحسنا في كثير من المؤشرات العالمية في مقدمتها تحسين التصنيف الائتماني لدى أكبر وكالات التصنيف الائتماني العالمي وفي مقدمتها «وكالة موديز».
- في رؤية التحديث الاداري.. هناك خطوات متقدمة في برنامج الحكومة وخارطة تحديث القطاع العام وتحديدا في «الرقمنة» أو التحول الرقمي وبتسهيل الخدمات المقدمة للمواطنين.. وان كان التحديث الاداري يحتاج الى وقت اكبر لأن مخرجاته أكثر التصاقا بالمواطنين وهي تنعكس عليهم مباشرة لكنها تحتاج الى وقت والى جهد من كافة الجهات المعنية.
- «التحديث».. - وكما قال جلالة الملك يوم أمس - انجاحه مسؤولية تشاركية يتحملها الجميع .. لذلك ففي التحديث السياسي - الذي نحن بصدده فان الدولة تهيئ البيئة المناسبة، والأحزاب تقدم البرامج الواقعية، والمواطن يختار الأكفأ.
- باختصار: لا مناص من المضي قدما في تنفيذ رؤى التحديث «السياسي والاقتصادي والاداري» وهي مسؤولية الجميع، لأن «التحديث» سلاح الأردن وقوته ومنعته في مواجهة التحديات.
الدستور