عبدالله المجالي
الحزب في التعريف الأكاديمي المشهور هو
مجموعة من المواطنين تلتقي على مبادئ وبرنامج ورؤية وأفكار معينة تسعى للسلطة عبر
الانتخابات وصناديق الاقتراع لتطبيق تلك البرامج والرؤى.
وهذا ما يفرّق الحزب السياسي عن
الهياكل الأخرى مثل النقابات المهنية أو الجمعيات الخيرية أو المراكز الثقافية أو
حتى الجمعيات السياسية؛ فالحزب وفق التعريف السابق مهمته الأساسية وربما الوحيدة
هو العمل على الوصول للسلطة عبر الانتخابات لتنفيذ البرنامج الذي التقى عليه
مؤسسوه، وهذا يعني أن يكون للحزب برنامج ورؤية لتسيير شؤون البلاد، وموقف واضح من
كل القضايا العامة التي تهم المواطنين، والمفترض أن يسعى الحزب طيلة الوقت لإقناع
المواطنين بذلك البرنامج وتلك الرؤية التي يحملها وصولا إلى أن يمنحوه ثقتهم
لتطبيق ذلك البرنامج. وقد لا يستطيع حزب واحد أن يحصل على ثقة غالبية المواطنين،
فيضطر إلى التحالف مع أحزاب أخرى على برنامج يتوافق على الأقل مع الحد الأدنى من
رؤيته ومبادئه الأساسية.
غير أن قانون الأحزاب الأردني لعام
2022 اختار أن يعرف الحزب على أنه "مجموعة من الأردنيين تجمعهم قيم المواطنة
وأهداف وبرامج ورؤى وأهداف وأفكار مشتركة، ويهدف إلى المشاركة في الحياة السياسية
والعمل العام بطرق سليمة ديمقراطية لغايات مشروعة ومن خلال خوض الانتخابات
بأنواعها؛ بما فيها الانتخابات النيابية، وتشكيل الحكومات أو المشاركة فيها وفقا
للمادة 35 من الدستور".
بمعنى أن القانون لم يذكر أن هدف الحزب
هو الوصول للسلطة التنفيذية لتنفيذ برنامجه، واكتفى بالقول أن هدف الحزب هو
المشاركة في الحياة السياسية. وهذا التعريف يمثل انتقاصا من التعريف الأكاديمي
المشهور والمتعارف عليه، مع عدم إنكار أن هناك تعريفات أخرى للحزب السياسي.
غير أن هذا التعريف الذي توصلت إليه
لجنة تحديث المنظومة السياسية بالتوافق يعتبر متقدما على تعريف الحزب في قانون
الأحزاب السياسية لعام 2012 الذي اعتبر الحزب "تنظيما سياسيا مؤلفا من جماعة
من الأردنيين وفقا لأحكام الدستور وهذا القانون بقصد المشاركة السياسية وتحقيق
أهداف محددة تتعلق بالشؤون السياسية والاقتصادية والاجتماعية ويعمل بوسائل مشروعة
وسلمية".
ففي حين أن قانون 2012 اكتفى بأن هدف
الحزب هو مجرد المشاركة السياسية، أي دخول الانتخابات، وسع قانون 2022 أهداف الحزب
إلى تشكيل الحكومات أو المشاركة فيها، وهو بذلك يقترب قليلا من التعريف الأكاديمي
للحزب.
ومع ذلك فإن التجربة الجديدة التي
يوفرها قانون الانتخاب للأحزاب يمكن أن تطور من عملها وتجعلها أكثر نضجا ووعيا،
وهذا يتطلب وعيا جماهيريا ورقابة على أدائها داخل المجلس، وصولا إلى معاقبة تلك
الأحزاب التي تفشل في تحقيق متطلبات الحزب السياسي الحقيقي، ومنح الثقة للأحزاب
التي تثبت جدارتها في العمل السياسي.
هناك مسؤولية كبيرة على الأحزاب المشاركة في الانتخابات، ونأمل أن تكون جميعها على قدر تلك المسؤولية، آملين أن لا يكون منها من هو مجرد حصان طروادة لإفشال التجربة.
السبيل