عوني الداوود
من أربعين يوما على الانتخابات الأمريكية المقررة في 5 نوفمبر/تشرين الثاني، بل تحديداً (38) يوماً فقط.
وحتى ذلك التاريخ فإن إسرائيل أو نتنياهو تحديداً يسعى تماماً لأمرين:
1 -تحقيق ما يمكن تحقيقه من مكاسب وأهداف ومخططات معلنة وغير معلنة، مستغلاً ظرف الانتخابات الامريكية والتي لا يستطيع أي من الديمقراطيين ولا الجمهوريين أن يرفضوا له طلباً.. فهم في الظروف العادية لا يرفضون لاسرائيل طلباً، فما بالكم في«سنة الانتخابات»، التي بدأت معها العدوان على غزة، ولذلك وضعت الولايات المتحدة كل امكاناتها العسكرية والسياسية والاستخباراتية والاقتصادية كلها في خدمة ما تطلبه حكومة نتنياهو المتطرفة، ونتنياهو بدوره لم ولن يفوّت هذه الفرصة التاريخية التي ستحقق له -كما يرى -أفضل مما كان يتأمله من «صفقة القرن»، وهو يعتبر فترة الانتخابات الامريكية «فرصة القرن» لتحقيق جميع مخططاته ومؤامراته التي لا تتوقف عند إنهاء القضية الفلسطينية فحسب، وهو يصعّد من مكان لآخر بدءاً من تدميرغزة، مروراً بتفجير الضفة الغربية وليس انتهاء بحربه متعددة الأوجه على لبنان.. وهو يسعى لإنجاز جميع مخططاته قبل موعد الانتخابات الرئاسية القادمة.
2 -رئيس الوزراء الاسرائيلي يدعم علناً ويمنّي النفس بفوز الرئيس الامريكي السابق الجمهوري دونالد ترامب الذي يدعم نتنياهو بلا شرط أو توجيه بل يعتزم منحه تفويضاً كاملاً ليفعل ما يشاء في الشرق الأوسط، فترامب يجاهر بأن اسرائيل تستحق مساحة أكبر ممّا هي عليه الآن، وهو ضد المشروع النووي الايراني، ويتهم منافسته كامالا هاريس بأنها ستتسبب بالقضاء على اسرائيل خلال عامين ان هي فازت لأنها لا تقدم الدعم المطلوب لاسرائيل!
-نتنياهو يسابق الزمن، لأنه يعلم بأن الديمقراطيين كما الجمهوريين لن يتخلوا عن دعم اسرائيل، لكنه يدرك بأن الديمقراطيين ربّما لن يعطوه الضوء الاخضر الذي يريده كما سيفعل ترامب، لان الديمقراطيين لديهم حسابات ومصالح أخرى مع دول المنطقة يريدون انهاءها أولا.
-لذلك فإن ما يجري في جنوب لبنان ويمتد الى عمق بيروت يجب قراءته ضمن هذه السياقات بالاضافة للنقاط التالية:
1 -في اقليمنا الملتهب لكل دولة حساباتها، ومن يتساءل متعجباً من موقف ايران تجاه ما يحدث في جنوب لبنان والحرب الاسرائيلية المتواصلة على حزب الله من قصف وتدمير واغتيالات قادة و«تفجيرات البيجر».. وغير ذلك، عليه أن يعي بأن ايران تتخذ من أذرعها أوراقاً لتحقيق مصالحها في الاقليم، ومنذ 8 أكتوبر ربط حزب الله وقف قتاله مع اسرائيل بوقف العدوان الاسرائيلي على غزة، وكل موقف قام به حزب الله، إنما كانت وراءه أهداف تفاوض على تحقيقها ايران اليوم في واشنطن.
2 -تأكيداً على ما نقول، علينا قراءة تصريحات المرشد الأعلى حول امكانية «التراجع التكتيكي»، وتصريحات الرئيس الايراني الذي شارك على رأس وفد كبير في اجتماعات الامم المتحدة الـ(79) في نيويورك، ولا يزال وفد ايراني برئاسة وزيرالخارجية يفاوض الامريكان.
3 -مطالب ايران معروفة
وتتعلق بملفات: المشروع النووي، الحصار الاقتصادي، الافراج عن الودائع، زيادة
صادرات النفط (والرئيس الايراني مسعود بزشكيان يقول إن ايران بحاجة لنحو 100 مليار
دولار لإنعاش اقتصادها).
4 -كل من اسرائيل/ نتنياهو، وايران يسعيان لقطف ثمار مرور عام على حرب الابادة على غزة، وهدف كل طرف يتلخص بما يلي:
*أولاً -إسرائيل:
-هدفها المعلن في غزة القضاء على حماس واسترجاع الرهائن، ولم تحقق ذلك، بل حققت هدفها غير المعلن وهو «تدمير غزة» وجعلها مكاناً غير قابل للحياة.
-هدفها المعلن في حربها على لبنان عودة سكّان الشمال، وهدفها الحقيقي القضاء على حزب الله.
-ولذلك سوف تستمر بتوسيع رقعة الحرب وكسب الوقت أملاً بنجاح ترامب.
*ثانياً - إيران :
-تسعى إيران ومن خلال حزب الله والحوثيين إلى جرّ اسرائيل لحرب استنزاف، تضغط في نهايتها على الحكومة الامريكية للوصول الى تفاهمات حول مصالحها بغض النظر عن الثمن، فهي تحارب بحزب الله، وتفاوض، على أمل بقاء الديمقراطيين في الحكم لإعادة مفاوضات المشروع النووي الذي سينهيه ترامب فور وصوله للرئاسة.
*باختصار: سيكون للمصالح الايرانية والاسرائيلية دور مهم ومؤثر على نتائج الانتخابات الامريكية بعد (38) يوماً، وستتمادى اسرائيل في حربها التدميرية لاضعاف القدرة التفاوضية المحتملة بين ايران وامريكا من خلال العمل على تدمير قدرات حزب الله، في حين تواصل ايران من خلال حزب الله حرب الاستنزاف و»عضّ الأصابع» لتحقيق أهدافها التفاوضية، وسيبقى حزب الله محافظاً على «قواعد الاشتباك»، رغم الخسائر الكبيرة، ولن يعلن الفصل بين «الجبهة الشمالية» والحرب على غزة، لأن ذلك سيعني إقراره بالهزيمة.
-الصراع والتصعيد متواصلان بـ«حسابات» حتى موعد الانتخابات الأمريكية، وبعدها ستكون «متغيرات»، قد تعيد ترتيب المشهد الإقليمي كاملاً.
الدستور