د. محمد أبو حمور
وفقاً لبيانات مشروع موازنة عام 2025 بلغت الإيرادات الضريبية المقدرة حوالي 7.1 مليار دينار لتشكل بذلك 75% من الإيرادات المحلية، ومن أبرز مكوناتها الضرائب على السلع والخدمات التي قدرت بحوالي 4.85 مليار دينار أو ما نسبته 68% من الإيرادات الضريبية.
أما الضرائب على الدخل والأرباح فقدرت بحوالي 1.8 مليار دينار أو ما نسبته 26% من الإيرادات الضريبية، وعموماً تتقارب هذه النسب مع تلك المسجلة خلال السنوات الأخيرة.
وهكذا يلاحظ أن النظام الضريبي يعتمد الى حد كبير على الضرائب غير المباشرة وخاصة تلك المفروضة على السلع والخدمات، وهذا النمط من الضريبة لا يميز بين المواطن المقتدر والفقير، حيث يساهم في ارتفاع الأسعار ويقلص القدرة الشرائية للمواطن ويشكل ضغطاً على بعض شرائح المجتمع ويوصف بأنه لا يعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية.
علماً بأن الضريبة على الدخل والارباح هي التي تشكل العمود الفقري للأنظمة الضريبية في البلدان المتقدمة.
وادراكاً من الدولة الأردنية لأهمية الاستقرار الاجتماعي وضرورة الحفاظ عليه فقد عملت بشكل متواصل وعبر العديد من المبادرات على العناية بالأسر المحتاجة وخصصت جانب من الانفاق لرعايتها وتأمين حياة كريمة لها.
وتضمن مشروع موازنة العام القادم تخصيص 280 مليون دينار لصندوق المعونة الوطنية وزيادة خمسة عشر ألف أسرة بهدف تعزيز منظومة الحماية الاجتماعية ودعم برامج التمكين للأسر المنتفعة.
كما تم تخصيص 30 مليون دينار لدعم ثلاثة وخمسين ألف طالب بزيادة تسعة الاف طالب منتفع مقارنة بالعام السابق.
أما ما تم رصده للمعالجات والاعفاءات الطبية فقد بلغ 135 مليون دينار، وفي ذات الاطار يتم تثبيت أسعار بعض السلع الأساسية مثل الخبز والغاز المنزلي.
ومن المؤمل أن يكون لدى الحكومة خطط وبرامج إضافية تساهم في تمتين النسيج الاجتماعي وتخفف من الأعباء على مختلف فئات المواطنين، مع العمل على توجيه الانفاق العام بما ينعكس ايجاباً على الظروف المعيشية ويوفر الخدمات الأساسية لمختلف القطاعات الاقتصادية بأعلى جودة وأقل كلفة ممكنة.
تعتبر الضرائب من أهم مصادر الإيرادات للدولة وحصيلتها تعتبر رافداً لتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين مثل التعليم والصحة والنقل العام والامن وغيرها.
وهي تتجاوز ذلك بصفتها أداة لإعادة توزيع الدخل وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وضمان كرامة المواطن والمساهمة في تعزيز النمو وتوليد فرص العمل، فالسياسات الضريبية ليست لغايات الجباية فقط بل لا بد أن تخدم الأهداف والطموحات المجتمعية، ومن هنا كان لا بد من الحرص على أن تستند جهود حشد وزيادة الإيرادات الى اطار تشريعي عادل مع مراعاة الانضباط المالي ورفع كفاءة الانفاق والتخصيص الكفؤ للموارد وصولاً الى تحقيق الاستدامة المالية وتقليص الاعتماد على الاقتراض، ولعل الإصلاحات الضريبية والاقتصادية التي تم تنفيذها وتلك التي يتم العمل على إنجازها تشكل مساهمة محورية في هذا التوجه.
النجاح في تحقيق الاستدامة المالية وتعزيز دور الضريبة في تحقيق العدالة الاجتماعية يتطلب اعداد دراسات مسبقة حول الاثار الاقتصادية والاجتماعية للإجراءات التي يتم اتخاذها، مع الاهتمام بمراعاة الاثار المترتبة على التطورات التكنولوجية من حيث التأثير على مصادر الإيرادات وضرورتها لرفع تنافسية الاقتصاد وزيادة الإنتاجية.